1414
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثالث والسبعون
بيوت العبادة
و إنا لنرى كثيراً من الأماكن المقدسة قد أقيمت في جزيرة العرب عند الينابيع والآبار المقدسة حيث تروى الأرض بالماء فتنمو به المزروعات ويستقي منها الناس. وقد صوّر هذا الخصب لسكان تلك المناطق وجود قوى خارقة كامنة في تلك الأرضين كانت السبب في نظرهم في بعث الحياة للانسان ولهذه الأرض.
وقدست بعض المواضع وأقيمت المعابد بها، بسبب وجود أشجار مقدسة بها، ونجد في أخبار أهل الأخبار أن بعض، المعابد مثل معبد العزى، كان المتعبدون يتقربون بها إلى سمرات،أي شجرات ثلاثة، أو إلى شجرة واحدة، فكانوا يعلقون عليها الحلي ويزينونها، ومثل معبد "ذات أنواط"،وهي شجرة كانت تعبد في الجاهلية، وهي سمرة كان المتعبدون لها ينوطون بها سلاحهم ويعكفون حولها.
وقدست مواضع أخرى لوجود أحجار مقدسة بها، كانوا يطوفون،حولها من هذه المواضع: "عكاظ". فكان الناس يأتون الموضع في الموسم، فينصبون فيه خيامهم، ويقيمون سوقهم، ويطوفون بأحجار عكاظ، يقيمون على ذلك أيام الموسم. فهي أيام عبادة وتجارة وفرح.
ولهذه القدسية والحرمة، لم يسمح للسواد الأعظم من الناس بدخول الغرف المقدسة المخصصة بالآلهة، لأنها بيوت الآلهة، وعوض لهم عن هذا التحريم بالطواف حولها أو بلمس جدرانها، وللسبب نفسه، حتم على القاصدين لها غسل أجسامهم وتنظيفها ولبس ملابس طاهرة نظيفة، كان سدنة بعض تلك المعابد، أو أهل المواضع النبي تقع فيها المعابد يؤجرونها للناس، بأجر معين مرسوم، إن كانت تلك المعابد من المعابد الكبيرة وفي مواسم الحج. كذلك لم يكن يسمح لأحد بالدخول إلى المعابد والأحذية في أرجلهم فلا بد من خلعها والدخول بغير أحذية احتراماً لقدسية المكان وخشية التدنيس. وقد حتم الجاهليون على من يريد دخول الكعبة من المتمكنين خلع نعليه، احتراماً للبيت. ذكر أهل الأخبار ان أول من خلع نعليه لدخول الكعبة "الوليد بن المغيرة"، فخلع الناس نعالهم في الإسلام. وقد عثر على كتابات جاهلية تبين منها، ان الجاهليين كانوا يعدّون طهارة الملابس وطهارة الجسم من الأمور الملازمة لمن يريد دخول المعبد، فإذا دخل انسان معبداً وهو نجس عدّ أثماً،وقد ورد ان رجلاً اتصل بامرأة، ثم دخل المعبد بملابسه التي كان يلبسها حين اتصل بها.، فعدّ آثماً، ودفع فدية عن إثمه إرضاءً للآلهة. وورد ان رجلاً دخل معبد الإلَه "رب السماء" "ذ سموى" بمعطف نجس، فدفع فدية عن ذلك، جزاء ما ارتكبه من إثم. فدخول المعابد بملابس نجسة، نجاسة: مادية أو معنوية، إثم، تعاقب الآلهة عليه،لهذا اشترطت ديانتهم عليهم عدم دخول بيوت الآلهة، إلا بملابس طاهرة نظيفة حرمة وتقديراٌ لهذه البيوت.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق