1413
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثالث والسبعون
بيوت العبادة
وجعل أحد ألأجبل الخمسة التيُ بني من حجارتها البيت. واليه كان يلجأ كبار قريش لدعوة آلهتهم في الملمات، واليه أيضاً كان ياًتي بعض المتحنثين النسّاك الزاهدين في عبادة الأوثان للتفكير والتأمل. وفيه غار تحنث فيه النبي، ويعرف ب "جبل النور". وورد ان أبا طالب أرسل عقيلاً ليأتي بالرسول إليه، فذهب إلى "كبس"، وأخرجه منه. والكبس الغار. ويظهر انه أراد به غار حراء.
وأما "أبو قبيس"، فيظهر من غربلة أخبار الأخباريين انه كان من المواضع المقدسة الداخلة في شعائر الحج، يرتقي. الحجاج ظهره، ليتموا بذلك مناسك حجهم، وليدعوا آلهتهم بما يطلبون ويرغبون. وكان مقصوداً عند نزول الشدة والبلاء. فالمظلوم يجد محله فوق هذا الجبل للدعأء عند انحباس المطر، لنزول الغيث.
وقد زعم بعض أهل الأخبار، انه سميّ "أبا قبيس" برجل من مذحج حدّاد، لأنه أول من بنى فيه، أو بقبيس بن شالخ، رجل من جرهم، كان قد وشى بين عمرو بن مضاض وبين ابنة عمه "مية"، فنذرت ان لا تكلمه، وكان شديد الكلف بها فحلف ليقتلن قبيساً، فهرب منه في الجبل المعروف به، وانقطع خبره. فإما مات وإما تردّى منه، فسمي الجبل أبا قبيس. "وله خبر طويل ذكره ابن هشام في غير هذا الكتاب. وكان أبو قبيس الجبل هذا يسمى الأمين، لأن الركن، أي الحجر الأسود، كان مستودعاً فيه ". "وكان الله عز وجل استودع للركن أبا قبيس حين غرق الله الأرض زمن نوح "، فلما أقام "ابراهيم" قواعد البيت، "جاءه جبريل بالحجر الأسود". والظاهر ان بيتاً للعبادة كان عليه، وانه كانت له صلة بالبيت، فتجسمت هذه الصلة في الذي ذكروه عن الحجر الآسود ووجوده فيه.
وأما "ثبير"، فقد كانوا يفيضون منه في الحج على نحو يذكر في شعائر الحج. ويلاحظ أن أهل العربية الجنوبية وأهل السراة قدسوا قمم الجبال، فجعلوا فيها معابد لعبادة الالهة، مثل معبد "اوم" "أو ام" في "الو". وقد أزيلت معالم تلك المعابد في الإسلام، ولكن بعضها أخذ طابعاً اسلامياً فصير مثلاَ قبراً من قبور الأنبياء مثل: "حضور نبي شعيب"، الذي يقع على قمة جبل تعد من أعلا قممم جبال العربية الجنوبية، و "نبي ايوب" و " مقلى" على محر "مبلقة".
وترجع قدسية المواضع المقدسة وحرمتها إلى الاعتقاد بنزول الآلهة في هذه المواضع، والى وجود قوى خارقة فيها، أو إلى وجود مقدسين فيها قبروا في باطنها، فقدست تلك المواضع لهذه الأسباب. وتعرف هذه المواضع المقدسة بأسماء من تقدست بهم، وبأسماء المواضع التي نقع فيها.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق