969
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الحادي والخمسون
فقر وغنى وأفراح ؤأَتراح
الشذوذ الجنسي
والشذوذ الجنسي معروف عند الجاهليين أيضاً كما هو عند جميع الأمم منذ القدم، وليس من المعقول استثناء الجاهلينن من ذلك، بدليل ورود النهي عنه والتحذير منه في القرآن الكريم وفي الحديث. ومن الشذوذ الجنسي، الشذوذ المعروف، وهو ذهاب الرجل مع الرجل ومزاولته عمل الجنس معه، أو اتصال المرأة بالمرأة اتصالاً جنسياٌ، أو اتيان الرجل المرأة من دبر، كما كان الحال عند أهل مكة. فقد ذكر أن منهم من كان يأتي النساء من أدبارهن، وقد منع ذلك في الإسلام. وقد عرف إتيان المرأة في دبرها ب "التحميض". ويقال للتفخيذ في الجماع "التحميض" أيضاً. وذكروا في تفسير الآية: )نساؤكم حرث لكم(: "انما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن، مع هذا الحي من يهود، وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً منكراً، ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات. فلما قدم المهاجرون المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك، فأنكرته عليه، وقالت: انما كا نؤتى على حرف ! فاصنع ذلك، وإلا فاجتنبني، حتى شرى -أمرهما فبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللّه عز وجل: فأتوا حرثكم أنىّ شئتم، أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات، يعني بذلك موضع الولد وذكر أن أهل مكة كانوا يجبون النساء، وكانت الأنصار لا تجبي وتنكر فعل ذلك، وإنما يؤتين على جنوبهن. فوقع خلاف بن أهل مكة ممن تزوج من أهل المدينة وبين من تزوجوا في كيفية إتيانهن، فنزلت الاية في شرح ذلك، وانه يكون على أي شكل كان، ما دام في موضع الحرث. والإجباء: أن تكون المرأة منكبة على وجهها. كهيئة السجود، فيأتيها الرجل على هذه الهيئة. وذكر ان يهود يثرب، كانت تقول: إذا نكح الرجل امرأته مجببة جاء الولد أحول،.
وتستعمل لفظة "اللواطة" للتعبير عن إتيان الذكران في أدبارهم وأرى أن هذا المعنى إنما وقع في الإسلام.. أخذ مما جاء في القرآن الكريم عن عمل قوم لوط: )إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين.أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر(، )ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون. أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء، بل أنتم قوم تجهلون(. و )لوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء، بل أنتم قوم مسرفون(، فنسب فعل إتيان الرجال بعضهم بعضأً إلى قوم "لوط"، واشتق الفعل من اسمه. ونرى ان الآيات قد استعملت: "لتأتون الرجال"، للتعبر عن هذا الفعل. واستعمل المفسرون هذا التعبير وتعبير "المجامعة" للتعبير عنه. وقد استعمل الجاهليون "لاط" في معان أخرى لا صلة لها بالمعنى المذكور. وفي ذلك دلالة واضحة على أن استعمال "اللواط" إنما وقع في الإسلام. والمأبون الذي تفعل به الفاحشة، وهي الأبنة. ومن المجاز برقع لحيته، أي صار مأبوناً، تزيا بزي من لبس البرقع، ومنه قول الشاعر: ألم تر قيساً قيس عيلان برقعت لحاها وباعت نبلها بالمغـارْل
وذكر "ابن قيم الجوزية" أن هذا الفعل لم يكن معروفاً بين العرب ولم يرفع إلى الرسول في أيامه حادث به.
وتعبير "السحاق" و "المساحقة" و "امرأة سحاقة" من التعابير التي انتشرت في الإسلام وقال الأزهري: ومساحقة النساء لفظة مولدة. ومن علماء اللغة من يرجع عهدها إلى الجاهلية، ويجعلها من الألفاظ العربية الأصيلة. واللفظة عربية ولا شك، ولكن استعمالها في المعنى المذكور مجازي، وقول الأزهري إنها مولدة غير صحيح.
وكان منهم من يضرب جاريته على ظهرها ثم يجامعها. كأنهم كانوا لايشعرون بشهوة الجنس على ما يظهر إلاّ بعد ضرب الجارية، ويعبرون عن ذلك بقولهم "صلق جاريته"، ويعرف هذا بين الغربيين في العصر الحاضر بالسادية Sadism نسبة إلى "الكونت دي ساد". كناية عن الابتهاج بالقسوة. وعن انحراف جنسي يتلذذ فيه المرء بإنزال أصناف، العذاب بمحبوبه.
ومن الشذوذ أيضاً إِتيان الحيوان. فقد ذكر أن "بني كليب" كانوا يرمون بإتيان الضأن، وكذلك بنو الأعرج وسلَيم. وأشجعُ ترمى بإتيان المعز. ونجد ذلك واضحأَ مذكوراً في شعر الشعراء كالنجاشي والفرزدق. ورميت "بنو دارم" بإتيان الأتنْ. وتعرض "الجاحظ" في أثناء حديثه عن زواج الانسى بالجن لهذا الموضوع فقال: ونحن نجد الأعرابي والشاب الشبق، ينيكان الناقة والبقرة والعنز والنعجة، وأجناساً كثيرة، فيفرغون نطفهم في أفواه أرحامها، ولم نرَ ولا سمعنا على طول الدهر، وكثرة هذا العمل الذي يكون من السفهاء، القح منها شيء من هذه الأجناس،والأجناس على حالهم من لحم ودم، ومن النطف خلقوا. ورميت "بنو فزارة" بإتيان الإبل. رماها بذلك "بنو هلال بن عامر بن صعصمعة بن معاوية بنت بكر بن هوازن" في ملاحاة كانت بين الحيين. والعادة أن القبائل إذا تخاصمت رمت بعضها بعضاً بالتهم، وذالك في الجاهلية وفي الإسلام.
فلما رمى "بنو هلال" "بني فزارة" بأكل أير الحمار، وبإتيان الإبل، قالت بنو فزارة: أليس منكم يا بني هلال من قرا في حوضه فسقى إبله، فلما رويت سلح فيه ومدره بخلاً أن يشرب من فضله.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق