إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 9 يناير 2016

949 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخمسون ولائم العرب


949

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخمسون

ولائم العرب


وللعرب في المناسبات ولائم يقيمونها يدعون إليها الأقرباء والجيران ومن لهم معرفة بهم، لمشاطرتهم الأنس والفرح في تلك المناسبة. كما كانوا يدعون الناس إلى الطعام في أوقات الأتراح أيضاً، وذلك مثل وفاة عزيز، أو مرور أمد على ذكراه، ولهم ولائم أيضاً في المناسبات الدينية. والغاية من كل ذلك هو مشاطرة من يدعون أصحاب الدعوة في مشاعرهم والاجتماع بهم. ويذكر علماء اللغة أن "الوليمة" طعام العرس، أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها. وقد ع كانت العادة إيلام الولائم في الأعراس، لذلك غلب اسم الوليمة على وليمة الاعراس. وذكر أن الرسول قال لعبد الرحمن بن عوف: أولم ولو بشاة. أي اصنع وليمة. والدعوة اسم لكل طعام دعيت اليه الجماعة. فهي تشمل كل أنواع الطعام والدعوات. وبهذا المعنى ترد لفضة:المأدبة. حيث يدعى الناس الى الطعام لمختلف المناسبات. وهي أعم من الوليمة.

وتذبح الذبائح في الولائم ولمناسبات اكرام الضيوف. والمفرد "ذبيحة". وان كانت تدل على أنثى، غير أنها قد تكون حيواناً ذكراً. فلا يشترط فيها أن تكون شاة، بل يجوز أن تكون خروفاً. وهي لا تختص بحيوان معين، فقد تكون جملاً وقد تكون ناقة. ويقال لما يهلّ للالهة: "ذبائح" كذلك. وتكون الذبائح في مناسبات إكرام الضيف، تبعاً لمنزلة الضيف. فإذا كان الضيف ملكاً مثلاً أو سيد قبيلته بولغ في عدد الذبائح التي تقدم له، إكراماً لمنزلته ومكانته. والوليمة هي طعام الإملاك، وقد تطلق على الولائم عامة، ولكن الناس يخصصونها في الغالب بمثل، هذه الحالات. فيقولون وليمة العرس، ووليمة الختان، ونحو ذلك. والدعوة أعم من الوليمة. وأما "الخرس" فطعام الولادة، وقيل: الطعام الذي يصنع للنفساء سلامة المرأة من الطلق. و "العقيقة"، وهي طعام سابع الولادة، و "الاعذار" "العذيرة" الطعام يصنع للختان، و "النقيعة" طعام الإملاك، أي التزويج، وقبل: وما يصنع للقدوم من السفر، وقيل: النقيعة التي يصنعها القادم، والتي تصنع له تسمى التحفة، و "الملاك" ما يصنع للخطبة، ويقال: "الاملاك"، ودعي طعام "الاملاك" ب "الشندخ" كذلك.

وقيل إنما قبل لطعام الإملاك "الشندخ"، لأن الشندخ هو الفرس الذي يتقدم بقية الخيل. وحيث أن طعام الإملاك هو طعام يتقدم العرس،. أيَ هو طعام الزفاف، أو ما يصنع للخطبة، لذلك قيل له: الشندخ. وذكر بعض العلماء الشندخ: الطعام يجعله الرجل إذا ابتنى داراً أو عمل بيتاً، أو قدم من سفر أو وجد ضالته.

وقد أشير الى "النقيعة" على أنها الطعام الذي يصنع للقادم، والناقة التي ينحرها القادم للطعام الذي يتخذه، في شعر ينسب إلى "مهلهل" هو-: إنّا لنضرب بالسيوف رؤوسَهم  ضرب القدار نقيعة القُـدام

وذكر أن النقيعة كل جزور جزرت للضيافة. ومنه قولهم: الناسم، نقائع الموت.

وذهب بعضهم إلى أن النقيعة طعام الرجل ليلة يملكْ.

وورد أيضاٌ أن "المنقع"، طعام المآتم، وأن النقيعة الذبيحة التي تذبح عند الوفاة، والنقع، رفع الصوت وشق الجيب. وهذا المعنى يخالف بالطبع المعنى المتقدم لذلك الطعام.

وإذا قام الإنسان بعمل مفيد جديد، فقد يصنع وليمة لهذه المناسبة. فإذا قام انسان ببناء بيت، أو أي بناء اخر جديد، أو استفاد الرجل شيئاً جديداً، يتخذ طعاماً يدعو اليه اخوانه وأصدقاءه، ويسمون ذلك: العذار. وذكر أيضأ ان العذار طعام البناء وطعام الختان، وأن تستفيد شيئاً جديداً فتتخذ طعاماً تدعو اليه اخوانك.

وأما "الوكيَرة"، فهي طعام يصنع غد تمام البيت يبنيه الرجل لنفسه، مشتقة من "الوكر"، وهو المأوى والمستقر. وعادتهم عند الانتهاء من بناء بيت، دعوة الأقرباء والاصدقاء إلى وليمة لمشاركَة صاحب البيت في أنسه وفرحه بتمام البيت.

و "العقيقة" من الولائم التي يدعى الناس، اليها، لمناسبة المساهمة بفرح أهل مولود، حيما يحلقون شعر رأسه لأول مرة، أي الشعر الذي ولد به. وقد تكون العقيقة في الأسبوع الأول من ولادة المولود. وعندئذ يعلن عن اسم المولود الذي سيعرف به.

والختان من المناسبات المبهجة في حياة الأسر. لذلك يولم الناس ولائم لهذه المناسبة يدعونها "العذيرة"، والجمع الإعذار. والمعذور هو المختن. وقد كان الاختتان معروفاً بين الجاهلين. ويقال للعذيرة أيضاً: العذار والإعذار والعذير. وكل ذلك في معنى طعام الختان. وفي الحديث: الوليمة في الاعذار حق.وورد في الحديث أيضاً: كنا اعذار عام واحد، أي ختنا في عام واحد. وكانوا يختتنون لسن معلومة فيما بين عشر سنين وخمس عشرة.

و "القرَى": ما يصنع للضيف، و "المأدبة": كل طعام يصنع لدعوة، و "الآدب" صاحب المأدبة.

وإذا كانت الدعوة عامة مفتوحة للجميع " قيل لها "الجفَلى"، أما إذا كانت خاصة يقال لها: "النقرى". وفي هذا المعنى ورد في شعر طرفة: نحن في المشتاة ندعو الجفًلى  لا نرى الآدِبَ منها ينتقـرْ

ويقال انتقر الرجل إذا دعا بعضاً دون بعض، فكأنه اختارهم واختصهم من بينهمّ.

ورد أن الجَفَلى، ويقال لطعامها الجفالة، الوليمة، التي ينادي الداعي فيها جميع القوم، أي كل من حضر إلى الطعام. ولا يستثني أحداً، فكل من حضر يحضر تلك الوليمة عكس النقرى، حيث ينتقر الداعي، أي صاحب الوليمة الأشخاص، بأن يذكر أعيانهم، ولا يدعى غير هؤلاء المنتقرين إلى تلك الوليمة، وهي لذلك مذمومة. يقال نقرت باسمه، أي أسميته بين جماعة.

وقد يقدم طعام يتعلل به قبل الطعام، يعرف عندهم بي "السلفة". وإذا أريد أن يكرم الرجل بطعامه عبّر عن ذلك بلفظة "القفيّ". وأما ما يرفع من المرق للانسان، فيقال له "القفارة"، وذلك دلالة على التكريم والتقدير.

وإذا هلّ هلال شهر رجب، دعي بعض الناس إلى وليمة يسمونها "العتيرة". ولشهر رجب حُرمة ومكانة ومنزلة خاصة في نفوس الجاهلين. وقد كان الجاهليون ينذرون، انهم إذا كثر مالهم، فانهم يذبحون منه، ما يذكرون عدده في هذا الشهر. وكان منهم من يذبح من الإبل حين يبلغ الحد الذي ذكر في النذر، ومنهم من يذبح الشاة. كما كانوا ينذرون بتقديم عتيرة في كل نذر آخر يريدون تحقيقه. فإذا أولموا لذلك وليمة أو وزّعوا لحم العتيرة أو طعامها على الناس فعملهم هذا عتيرة. وهناك عتيرة أخرى، هي الذبيحة التي كانت لّذبح للأصنام ويصبّ دمها على رأسها فهذه عتيرة أيضاً.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق