إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 9 يناير 2016

948 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخمسون الضيافة والأضياف


948

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخمسون

الضيافة والأضياف


وعرف الجاهليون بالقرى، أي اطعام الأضياف. والجود خلة يتفاخر بها العرب ويتسامون، حتى إن بعضهم أوقد ناراً ليراها الأضياف فيستدلون بها على المنزل، وتسمى هذه النار: "نار القرى"، أي نار الضيافة. وأفقر رجل عندهم يقوم قدر حاجته وامكانه إكرام من يفد عليه. والبخل سجيه مذمومة يعاب بها، وتكون سبة بين الناس. وهو لؤم، واللؤم قبيح بالعربي.

ولا يقتصر واجب الضيف على تقديم الطعام لضيفه والترَحيب به، بل عليه حمايته والدفاع عنه ما دام في بيته. فإذا اعتدى عليه، كان الاعتداء كأنه وقع على المضيف، وخزي وكسف اسمه بين الناس. بلحق العار به وبأسرته، فلا بد له من حماية ضيفه والدفاع عنه مهما كان شأنه وحاله من ضعف وفقر، فإن كان عاجزاً استدعى قومه للدفاع عن اسمه من المعتدين.

وخفرة الجار ثلاث، فإذا انتهى الأجل ومضى اليوم الثالث، انتهت خفرة الجوار، وعلى الضيف الخروج. وفي أثناء الضيافة ونزول الضيف في خفرة مضيفه، يكون في مأمن وفي حمى جاره، فإن وقع عليه شيء، طالب مضيفه بالانتصاف ممن أهان ضيفه، لأنه في ضيافته،وتكون الإهانة كأنها قد لحقت به. وورد في الأخبار اًن العرب أصحاب حياض. وانهم كانوا يقرون في الحياض وينفون إلأقذاء عن الماء، وذلك لما للماء من أهمية في جزيرة العرب،فعليه تتوقف حياة الإنسان. ولذلك عدت السقاية في مكة مفخرة من مفاخر قريش. وقد فسرت هذه السقاية بأنها وضع الماء في حياض داخل الحرم ليستقي منها الحاج، والاستقاء مجاناً من ماء زمزم للفقراء والمعوزين. وقد يكون هذا هو الأصل من السقاية. غير إن أهل الأخبار يشيرون أيضاً إلى نوع. أخر من السقاية كان يليها الهاشميون في مكة وذلك بإسقاء الحاج الزبيب المنبوذ في الماء مجاناً لهم. وهو أغلى واثمن من الماء.

وذكر إن "بني أفصى بن نذير بن قسر بن عبقر". وهم من بجيلة، كانوا "لم ينزل بها نازل قط إلا عمدوا إلى ماله فحبسوه ودفعوه إلى رجل يرضون أمانته ومانوه بأموالهم ما أقام بين أظهرهم. فإذا ظعن أدوا إليه ماله ورحلوا معه. فإن مات ودوه، وإن قتل طلبوا بدمه، وإن سلم ألحقوه بمأمنه. وفي ذلك يقول عمرو بن الخثارم:.

ألا من كان مغترباً فإنـي  لغربته على أفصى دليل

يعينون الغنيّ على غنـاه  ويثرو في جوارهم القليل

وطبيعي أن يكون بينهم من يشذّ عن العرف ويخالف المألوف، فيمسك يديه ويبخل. فقد روي أن ناساً سافروا من الأنصار فأرملوا فمروا بحي من العرب فسألوهم القرى فلم يقروهم، وسألوهم الشراء فلم يبيعوهم، فأصابوا منهم وتضبطوا. أي أخذوه على حبس وقهر.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق