إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 9 يناير 2016

943 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخمسون قتل الوقت


943

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخمسون

قتل الوقت


وقد أشرت إلى أن "النعمان بن المنذر" كان يستخدم المضحكين،وعلى رأسهم "سعد القرقرة " لإضحاكه. وقد عدّ في المستأكلين والمتطفلين. وقد استعان السادة والأشراف بالمضحكين أيضاً ليقصوا لهم القصص المضحك. والقرقرة الضحك إذا استغرب في. وقد لقب بها سعد هازل النعمان بن المنذر ملك الحيرة. كان يضحك منه. وكان من أهل هجر.

والمخنثون مادة من مواد التسلية والفكاهة والطرب. وقد خصي بعضهم،وعادة الخصاء عادة قديمة معروفة عند مختلف الشعوب، ذلك لأنهم كانوا يدخلون على النساء في البيوت، فخصوا اتقاء حدوث اتصال بين هؤلاء والنساء. وكان في المدينة على عهد الرسول ثلاثة من المخنثين: هيت، وهرم، وماتع، فسار المثل من بينهم بهيت، فقيل: أخنث من هيت. ومن المخنثين في الإسلام طويس، ويقال له: إنه أول من غنى بالمدينة في الإسلام، ونقر الدفّ المربع. وكان أخذ طرائف الغناء عن سبي فارس. وقد خصي مع غيره من المخنثين. وكان مألوفاً خليعاً يضحك كل ثكلى.

وقد عير العرب بالخنث، والخنث من فيه انخناث وتثن. وهو المسترخي. وهو جبان لا يطيق القتال. وتكون المرأة أشجع منه مع أنه رجل. ويقال للجمع "الخناث". قال الشاعر: لعمرك ما الخناث بنو قشير  بنسوان يلـدن ولا رجـال

والمحمقون مادة من مواد التسلية والترويح عن النفس. ومنهم من اتخذ التحمق وسيلة للوصول إلى الملوك والسادات. ومنهم من كان محمقاً بطبعه. مثل هؤلاء يكونون وسيلة من وسائل السمر، بما يظهر منهم طبعاً أو تصنعاً من حمق.وقد عرف "نعامة "، واسمه "بيهس"، بالتحمق، فقيل " أحمق من بيهس". وهو من "بني ظالم بن فزارة ". وذكر أنه أحد الأخوة السبعة الذين قتلوا وترك هو لحمقه. وهو القائل: ألبس لكل حالة لبوسها  إما نعيمها واما بوسها

واشتهرت بمكة امرأة عرفت بالحمق. قيل لها "خرقاء مكة". ذكر أنها كانت إذا أبرمت غزلها نقضته. فاشتهر أمرها حتى ضرب بها المثل. واليها أشير في القرآن في قوله: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة". "وقيل المراد امرأة معينة من قريش: ريطة بنت سعد بن تيم. وكانت خرقاء. اتخذت مغزلاً قدر ذراع و صنارة مثل اصبع. وهي الحديدة في رأس المغزل وفلكة عظيمة على قدرها. وكانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر،ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن". وذكر أن تلك المرأه هي: "ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة"، وكانت امرأة حمقاء بمكة، وكانت تفعل ذلك. والظاهر أن أهل مكة كانوا يتندرون بذكر حمقها، فضرب القرآن بها المثل لتذكر قريش قومها بها، لئلا يكونوا مثلها في الحمق.

وعرف الجاهليون لوناً آخر من ألوان الترويح عن النفس والترفيه عنها، هو التنزه في البساتين وفي مواطن الكلأ والأماكن الجميلة من البادية في أيام الربيع حيث تكتسي ببسط من الخضرة، وحيث تظهر الأزهار البرية، ذات الروائح الزكية. فكان ملوك وأهل الحرة يقضون أياماً في المتنزهات القريبة منهم وفي مواطن في البادية يروحون عن أنفسهن ويتلهون بالصيد. وكان أهل يثرب يخرجون إلى "العقيق" متنزههم للتسلية. وهكذا فعل غيرهم من سكان بلاد الشام وجزيرة العرب.

ومن ملوك الحيرة الذين ارتبط اسمهم باسم الأزهار التي تجود بها البوادي أيام الربيع الملك "النعمان بن المنذر". فقد قيل للشقائق التي تنبتها البادية، مثل أرض النجف، "شقائق النعمان". قيل انها دعيت باسمه لأنه جاء إلى موضع وقد اعتم نبته من أصفر وأحمر، وإذا فيه من هذه الشقائق ما راقه ولم ير مثله، فحماها فسميت "شقائق النعمان" بذلك.

وكان من عادة أهل مكة الذهاب إلى الطائف في أيام القيظ، للتخلص من حر مكة الشديد، لطيب هواء الطائف واعتداله، ولوجود الماء البارد بها الخارج من العيون و الآيار. ولوجود مختلف الأثمار والخضرة بها. وقد كان لأغنياء مكة أملاك بها وبساتين استغلوها. ومنهم من كان يذهب إلى بلاد الشام للاتجار ولتمضية الصيف هناك.

وكان فى جملة ما ابتكره الجاهليون لقطع الوقت " الاغلوطات "، وهي صعاب المسائل، فيطرح سائل ما سؤالا عويصاً على المستمعين، ويطلب منهم أن يعملوا فكرهم لحلهّ، وقد ورد في الأخبار أن الرسول نهى عن "الأغلوطات". وقيل "الغلوطات". وهي الكلام الذي يغلط فيه ويغالط به.

وكان تناشد الشعر والتساجل فيه من جملة الأمور التي أمضوا أوقاتهم بها. فكان أحدهم يطارح صاحباً له أو جملة أصحاب له الشعر،وقد يجتمع الأصدقاء حولهم ليروا الفائز من المتبارين. والفائز هو من يبز غيره في الحفظ، إذ يبقى يطارح أصحابه ما يحفظ حتى يعجزهم، فيغلبهم ويكسب الفوز. وقد يكون ذلك برهن يعطى للغالب، وقد يكون بغير رهن. والمساجلة المباراة والمفاخرة في الأصل، بأن يصنع كل من المتبارين صنعه في شيء فمن بقي وبَزَّ صاحبه غلبه. وهكذا تكون في الشعر، فمن يثبت يكسب المساجلة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق