890
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثامن و الأربعون
تغلب
أما طابخة، واسمه عمرو "عامر"، فهو والد ولد يسميه النسابون أداً، وأد والد عدة أولاد هم: مرّ، وضبّة، وعمرو وهو مزينة، وعبد مناة، وحميس "خميس". وذكروا إن بني حميس شهدوا يوم الفيل مع الحبشة، فقتلوا، فقل نسبهم.
أما ضبّة بن أد، فولد سعد بن ضبّة، وسعيد ولا عقب له، قتله الحارث ابن كعب، ثم قتل ضبّة الحارث بن كعب، وفي ذلك سارت الأمثال الثلاثة: "أسعد أم سعيد" و "الحديث ذو شجون" و "سبق السيفُ العذلَ" قالها كلها ضبة، و باسل بن ضبّة. ويذكر الأخباريون إن الديلم من نسله. وولد سعد ابن ضبّة بكر بن سعد، وثعلية، وصريم. ومن بكر بن سعد ضرار بن عمرو ابن مالك، سيد بني ضبّة. وقد شهد يوم القرنتين، والمفضل بن يعلم" صاحب المفضليات، وحبيش بن دلف بن العون، وكان ينازع ضرار بن عمرو الرياسة وحضر يوم القرنتين، و بني تيم بن ذهل.
وتعد ضبّة جمرة من جمرات العرب التي أشرت إليها، وتقع منازلها في اليمامة، وفي خلال الحرب التي وقعت بين عبس وذبيان دخلت عبس أرض ضبّة، ولكنها اضطرت إلى مغادرتها بعد النزاع الذي حدث بين عبس و ضبّة. وجاورت بني عامر بن صعصعة. وفي يوم "جبلَة"، وهو من الأيام المشهورة التي وقعت بعد يوم رحرحان بعام، ويصادف ذلك عام مولد النبي على رواية. أو قبل مولده بسبع عشرة سنة على رواية أخرى. كانت ضبة مع ذبيان وتميم وأسد والرباب وفزارة في مهاجمة بني عامر بن صعصعة. وبالرغم من كثرة هذه القبائل، تمكنت بنو عامر من الظفر به ومن إلحاق الهزيمة بتميم وبمن ضامها. والى مشورة قيس بن زهير العبسي يعود الفضل في انتصار بني عامر. وفي رواية إن لقيطاً استنجد أيضاً بالنعمان بن المنذر، فأنجده بأخيه لأمه حسّان ابن وبرة الكلبي، وبصاحب هجر وهو الجون الكندي، فأنجده بابنيه معاوية وعمرو وغزا بني عامر. وقد أصيب تميم ومن كان معها من القبائل بخسائر، وبوقوع عدد من الزعماء أسرى في أيدي بني عامر، فقتل في هذا اليوم لقيط بن زرارة، وأسر حاجب بن زرارة، أسره فو الرُّقيبة، وأسر سنان بن أبي حارثة المرُّي وجزت ناصيته، وأطلق إمعاناً في امتهانه، وأسر عمرو بن عدس وجزت ناصيته كذلك ثم أخلي سبيله. وقتل معاوية بن الجون، ومنقذ بن طريف الأسدي، ومالك بن ربعي بن جندل. وبعد حزّ الناصية بعد الأسر خاصة مع اشد درجات الامتهان، و لا سيما جزّ نواصي السادة والرؤساء.
وفي يوم النسّار، لحقت ضبة وعديّ بأسد وطيء و غطفان في غزوهم لي بني عامر، وقد ألحقوا خسائر فادحة ببني عامر، وهذا مما غاظ تميماً، فجعلها تلحق طيئاً وغطفان وحلفائهم من ضبةّ وعديّ يوم الفجار، حتى قتلت من طيء أكثر مما قتلت طيء يوم النسار.
ومنُ ذرية عبد مناة بن أد: تيم، وعديّ، وعوف، وثور، وأشيب. وهؤلاء هم الرّياب، لأنهم تحالفوا مع بني عمهم ضبّة على بني عمهم تميم بن مرّ، فغمسوا أيديهم في رُبّ. ومن بني عوف بن عبد مناة بنو عكل. و من بني عمرو بن أد: مزينة، نسبوا إلى أمهم مُزينة بنت كلب بن وبرة. وتقع ديار الرباب بالدهناء في جوار بني تميم.
ومن ولد أد بن طابخة مرّ بن أد فولد مرّ تميماً وثعلبة، وهو ظاعنة، وبكر بن مرّ، وهو الشعراء، ومحارب بن مرّ، وهو صوفة. ومن النساء برة أم "النضر، وملك وملكان بني كنانة. وهي أيضاً أم أسد بن خزيمة، وهند ابنة مر وقد ولدت بكراً وتغلب وعنز بني وائل بن قاسط، وتُكمة بنت مرّ وقد ولدت غطفان بن سعد، وسُليماً و سلامان بن منصور، وجديلة نجت مرّ وفد ولدت فهماً وعدوان، واليها ينسبون، وعاتكة بنت مرّ. وهي والدة عذرة ابن سعد و إخوته.
و أما صوفة، فانهم كانوا يجيزون بالحاج. وقد انقرضوا عن آخرهم في الجاهلية، فورث ذلك آل صفوان بن شجنة "سجنة" "شحمة"، من بني سعد بن زيد مناة بن تميم. ومن هؤلاء على رواية كان عامر بن احيمر السعدي الذي حصل على برديُّ محوّق من النعمان بن المنشر في مجلس مفاخر حضرته وفود العرب عقد بحضره النعمان بن المنذر في الحيرة. وقد بزّ عامر هذا الحاضرين في الفخر وفي الانتساب على الطريقة المألوفة. ولما سأله النعمان: بم أنت أعز العرب? قال: العزُّ والعدد من العرب في معدّ، ثم في نزار، ثم في تميم، ثم في سعدّ، ثم في كعب، ثم في عوف، ثم في بهدلة، فمن أنكر هذا من العرب فلينافرني? فلما لم ينافره أحد، ذهب بالبردين.
وتميم من القبائل العربية الكبيرة المعروفة، وقد نعتهم ابن حزم بقوله:"وهم قاعدة من أكبر قواعد العرب". وتعدّ في مقابل قيس وربيعة، وهي الممثلة لمجموعة مضر في بعض الأحيان. وهي أقرب جغرافياً وتاريخياً إلى قيس وربيعة منها إلى كنانة. ومعارفنا عن تأريخها مستمدة مثل معارفنا عن القبائل الأخرى المماثلة من الروايات المدوّنة في كتب الأخباريين.
ويزعم الأخباريون إن جدّ هذه القبيلة مدفون في موضع "مُرّان"، وهم يروون قصصاً عنه وعن ميلاد أولاده من هذا النوع الذي ألفنا وروده عن الأخباريين.
ولا نستطيع في الوقت الحاضر إن نرتقي بتأريخ تميم عن القرن السادس للميلاد، فليست لدينا موارد تأريخية يعتمد عليها ترفع تأريخ هذه القبيلة إلى ما قبل ذلك، ولا يعني هذا إننا ننكر إن يكون لها تأريخ قديم، إذ يجوز إن يكون لها عهد اقدم من هذا العهد الذي نتحدث عنه. ولكننا لا تملك الان نصوصاً جاهلية أو موارد إسلامية يُطمأن إليها، ترجع تأريخ تميم إلى ما قبل هذا القرن.
أما في القرن السادس، فقد كانت تيم قبيلة بارزة ظاهرة، بطونها منتشرة في العربية الشرقية، وفي نجد وفي العراق، وفي أنحاء مختلفة من جزيرة العرب، مجاورة لقبائل معروفة مثل أسد وغطفان و بني عبد القيس وتغلب، متصلة بها. ومن بني دارم من تميم كان المنذر بن ساوى حاكم البحرين والذي أسلم في أيام الرسول.
و كانت لتميم صلات متينة بملوك الحيرة، وكان من عادتهم جعل الردافة في بطن من بطونهم، وهو بطن بني يربوع. وقد ثار هذا البطن وهاج، لما حولت الردافة إلى بطن آخر من بطون تميم، هو بطن بني دارم، ولم يقبلوا إلا برجوعها إليهم، لما كان للردافة من مكانة ومنزلة في ذلك الوقت.
ونجد في كتاب الأخباريين أسماء أيام عديدة وقعت بين تميم وغيرها من القبائل، خاصة قبائل بكر بن وائل، كما نجد إشارات إلى حروب وقعت بينهم وبين بعض ملوك الحيرة. وقد أشرت إلى القصص الذي يرويه أهل الأخبار عن غزو "سابور ذي الأكتاف" لجزيرة العرب والى ما زعموه من تنكيله بالقبائل وانتزاعه أكتافهم، ومن هذه القبائل قبيلة تميم. ويذكر الأخباريون أيضاً إن "كسرى برويز" . "كسرى أبرويز" "Khusrawparwez"، كتب إلى عامله على هجر، وهو "المكعبر"، إن ينتقم من تميم، لتعرضها لقافلة كانت محملة بالتجارات وبالهدايا مرسله إليه، فقتل المكعبر بالمشقر عدداً كبيراً منهم.
ولتميم صلات متينة برجال مكة، وقد كان لرجالهم ذكر وخبر في سوق "عكاظ". فنهم كان حكام الموسم. كما تولوا القيام ببعض مناسك الحج. وقد صاهرهم بعض رجاك مكة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق