إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1498 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثامن والسبعون شعر اليهود


1498

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
      
الفصل الثامن والسبعون

شعر اليهود


واللغة التي كان يتكلم بها اليهود، هي اللهجات العربية التي كان يتكلم بها أهل المناطق التي ينزلونها. ولتكلم اليهود في كل قطر بحلون فيه بشيء من الرطانة، لا يستبعد أن تكون لغتهم العربية التي كانوا يتكلمون بها عربية. تشوبها الرطانة العبرانية. ولكن هذا لا بمنع من وجود أناس فيما بينهم كانوا يتكلمون ويكتبون بالعبرانية، ولا سيما أنهم كانوا يستعملون العبرانية في دراسة أمورهم الدينية وفي كتابة النشرات والتعاويذ، كما كانوا يستعملونها في السحر. وقد وردت إشارات إلى ذلك في كتب الحديث. وقد ورد أيضاً أنهم كانوا يعلمون أطفالهم العبرانية في الكتاب.

ويروي رواة الشعر شعراً جاهلياً زعموا ان قائليه هم من يهود. وأكثره ابيات لشعراء لا نعرف من امرهم شيئاً، لعلها بقايا قصاثد. أما القصائد، فينسب أكثرها إلى السموأل بن عادباء صاحب حصن الأبلق في تيماء، وصاحب قصة الوفاء المشهورة. وهذا الشعر المنسوب إلى اليهود، لا يختلف في طريقة نظمه وفي تراكيبه ونسقه عن شعر الشعراء الجاهليين، ولا نكاد نلمس فيه أثراً لليهودية ولا للعبرانية. فالفاظه عربية صافية نقية مثل ألفاظ أهل الجاهلية، وأفكاره على نمط أفكار الجاهليين. ويصعب ان تجد فيه أثراً للتوراة والتلمود، مما يحملنا على التفكير في صحة هذا الشعر وفي درجة تعمق صاحبه وتفهمه لدين يهود.

ومن الشعراء الذين روى الأخباريون شيئاً من شعرهم بعد للسموأل: "أوس ابن دنن"، وهو من بني قريظة، و "كعب بن سعد القرظي"، و "سارة القريظية"، و "سعية بن غريض بن عادباء" "شعية ين غريض بن عادباء"، و "الربيع بن أبي الحقيق"، و "أبو الديال" "أبو الزناد"، وله شعر في رثاء يهود تيماء الذين أجلاهم الرسول و "شريح بن عمران"، و "كعب ابن الاشرف"، و "أبو رافع اليهودي".

وروى ان "جعفر ين محمد الطيلسي" جمع أشعار اليهود في ديوان، ويظهر انه أخذ ذلك من كتاب للسكري. ويقال إن الموفق بالله أخا الخليفة المعتمد العباس طلب من الوزير اسماعيل بن بلبل" ان يقدم اليه ديواناً في شعر اليهود، فطلب الوزير من العالم اللغوي الأديب "المبردّ" ان يقدم اليه ديواناً في شعر يهود، فاًخبره المبرد انه لا يعرف شعراً لليهود. فطلب الوزير من العالم "ثعلب" ان يقدم اليه ما عنده من شعر لليهود، فأجابه ان لديه ديواناً من شعرهم، فقدمه اليه.

وقد كانت بين المبرد" وثعلب خصومة شديدة ومنافسة عنيفة، فلعل هذا الخبر هو من مرويات الجماعة المتعصبة لأحد الطرفين في الطعن في أحدهما والحط من شأنه، فقد تحزّب طلاب العلم وانقسموا جماعتين، كل جماعة كانت تنتصر لصاحبها، إذ لا يعقل ألا يكون للمبرد علم بشعر لليهود، وقد ذكر من سبقه مثل أبي تمام في حماسته والجمحي في طبقات الشعراء كما ورد في الأصمعيات شعراً لهم، كما ان في كتابه الكامل، نتفاً من شعرهم، أو لعل إنكاره لشعرهم بمعنى ان أكثر ما نسب اليهم من شعر هو في نظره مزيف مصنوع، ولهذا لم يُعن بجمع ما ورد عنهم، ولا يمكن ان يكون ديواناً في شعر يهود.

والشعراء اليهود الذين ذكرهم إلجمحي في كتابه، "طبقات الشعراء"، هم: السموأل بن عادباء، والربيع بن أبي الحقيق، وهو من "بني النضير"، وكعب بن الأشرف، وشريح بن عمران، وشعبة بن غريض "شعية بن غريض" وأبو قيس بن رفاعة، وأبو الذيال، ودرهم بن زيد. وقد ذكر لهم أبياتاً مما قالوه من الشعر.

والسموأل، وهو من سادات يهود الحجاز ومن أثريائهم وملاكهم، أحسن الشعراء اليهود حظاً في الخلود. بقيت أشعاره َ وحفظت قصائده، ولم يبخل علماء الشعر عليه، فجمعوا شعره في ديوان. ولم يشأ الزمان أن يبخل عليه فهيأ له من طبعه. ولا تزال تلك القصة: قصته مع مخلفات امرئء القيس مضرب الأمثال. وصير هذا الشاعر الملاك المرابي مثلاً وقدوة للاوفياء، فضرب به المثل وقيل: أوفى من السموأل، ولعل القصيدة المبتدئة بهذه الأبيات: وفيت باًدرع الكندي، إنـي  إذا ما ذمً أقـوام وفـيت

وأوصى عادياً يومـاً بـأل  اّ تهدمَ يا سموأل ما بنيت

بنى لي عادياً حصناً حصينا  وماء كلما شئت استقـيت


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق