إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1496 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع والسبعون اليهود والأسلام


1496

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
     
الفصل السابع والسبعون

اليهود والأسلام

ولم يظهر من يهود اليمن في الإسلام ممن عرفوا برواية الإسرائيليات سوى رجلين، هما: كعب الأحبار، ووهب بن منبه. فأما كعب الأحبارر، فقد ادرك زمن الرسول، غيرأنه لم يره، ولم يدخل في الإسلام إِلا في ايام أبي بكر أو عمر، وهو أبو اسحاق كعب بن ماتع بن هينوع "هيسوع"، وقد عرف بين المسلمين بكعب الأحبار وبكعب الحبر من باب التعظيم والتقدير لعلمه. وقد أتاه هذا اللقب من علمه بالشريعة وبكتب الأنبياء وباخبار الماضين، وهو علم لا نستطيع أن نحكم على درجته ومقدار بعده أو قربه من العلم الذي كان منتشراً بين أحبار ذلك العهد ما لم نقف على الأقوال الصحيحة التي صدرت عن ذلك الحبر. أما هذا المروي عنه والمذكور في تفسير الطبري وفي تاًريخه وفي كتب من كان يعنى بجمع القصص ولا سيما قصص الرسل والأنبياء،فليس في استطاعتنا التصديق بأنه كله صادر من فم كعب، إذ يجوز أن يكون من رواية أناس آخرين ثم حمل على كعب.

ولم ينسب أحد إلى كعب مؤلفاً،وكل ما نسب اليه فهو مما ورد عنه بالمشافهة والسماع. وهو بين صحيح بمكن أن يكون قد صدر منه، وبين مشكوك في أمره وضع عليه، وفيه ما هو اسرائيلي صحيح، أي انه مما هو وارد في التوراة أو في التلمود أو في الكتب الاسرائيلية الأخرى وفيه ما هو قصص اسرائيلي نصراني، وما هو محض افتعال وخلط. وبالجملة، إن هذا الوارد عنه يصلح أن يكون موضوعاً لدراسة، لمعرفة أصوله وموارده والمنابع التي أخذت منه. وعندئذ يمكن الحكم على درجة أصله ونسبه في علم بني اسرائيل، وامكان صدوره من كعب أو من غيره، ومقدار علم كعب ووقوفه على الإسرائيليات.

وأما وهب بن منبه، فيعدّ من التابعين، ويعد مرجعاً مهما في القصص الاسرائيلية ويقال انه حصل على علمه من كتب الأولين، وإن أخاً له كان يذهب إلى الشام للتجارة فيشتري له الكتب ليطالعها، وانه كان على علم غزير بأحوال الماضين، وكان ملماً بجملة لغات. وإذ كان وهب من المتأخرين وكان نشاطه في الحركة الفكرية في الإسلام لا في الجاهلية، لم نجعل له في هذا الموضع مكاناً، انما مكانه في الأجزاء المتعاقبة بتأريخ الإسلام.

هذه قصهْ يهود جزيرة العرب قبل الإسلام، قصة لا تستند إلى مؤلفات تأريخية كتبت في تلك الأيام، ولا إلى نصوص جاهلية عربية أو أعجمية لها علاقة بيهود كتبت في ذلك العهد، ولكن استند، في أكثر ما حكيناه،إلى موارد اسلامية، ذكرتهم وأشارت اليهم لمناسبة ما وقع بينهم وبين الرسول من خلاف، وقد ورد شيء كثير بحقهم في القرآن الكريم وفي الحديث وفي الأخبار ولا سيما اخبار الغزوات، يتعلق معظمه بأمر الخصومة التي وقعت بينهم وبين النبي عند قدومه يثرب، فهو لا صلة له لذلك إلا بما له علاقة بهذه الناحية. وما ورد عنهم إذن هو من مورد واحد وطرف واحد. أما الطرف الثاني من أصحاب العلاقة بهذا التأريخ والشأن، وأعني بهم اليهود، فلا صوت لهم فيه، ولا رأي. فلم تصل الينا منهم كتابة ما عنهم في علاقتهم بالاسلام. كذلك لم تصل الينا كتابة أو رواية أو خبر عن أولئك اليهود في الموارد التأريخية التي دونها غيرهم من مؤرخي يهود وكتابهم عن علاقة يهود جزيرة العرب بالاسلام، وعن اجلاء يهود الحجاز من مواضعهم إلى بلاد الشام، لافي العربية ولا في العبرانية ولا في بقية اللغات، مع ما لهذا الحادث من خطر في تأريخ اليهود في جزيرة العرب. ولعل الأيام تكشف لنا عن موارد في العبرانية أو في لغة بني إرم تذكر أحوال يهود جزيرة العرب قبل الإسلام وعند ظهوره، وتكشف عن اثار يهود في المواضع التي كانوا يسكنونها في الحجاز، فتبتّ في أمور كثيرة عن حياة هؤلاء. وليس احتمال عثورنا على مثل هذه الاثار ببعيد، فلا بد ان يعثر حجر من الحجارة المكتوبة التي توضع فوق القبور، فنعرف منه ما لغة الكتابة التي كان يستعملها أولئلك اليهود، أهي العبرانية، أو العربية، أو لغة بني إرم، أو أبجدية من الأبجديات المشتقة من القلم المسند ? وقد يعثر على نصوص أطول من هذه النصوص التي توضع على القبور، تكشف النقاب عن أمور أخرى مهمة تفيدنا في معرفة أحوال اليهود ببلاد العرب قبل الإسلام.



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق