1487
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السابع والسبعون
اليهود والأسلام
ولم يكن المدراس "المدراش" موضع عبادة وصلوات حسب، بل كان إلى ذلك دار ندوة ليهود يجتمعون فيه في أوقات فراغهم لاستئناس بعضهم ببعض وللبحث في شؤونهم، وللبت في القضايا الجسيمة الخطرة على اختلاف درجاتها.
فهو اذن مجمع الأحبار ومجمع الرؤساء والسادات وأصحاب الشرف فيهم، واليه كان يقصد الجاهليون حين يريدون أمراً من الأمور أو الاستفهام عن شيء يريدون الوقوف عليه، والية ذهب الرسول وكبار المسلمين لمحادثة يهود ومجادلتم فيما كان يحدث بينهم من خلاف أو من أمر يريدون البت فيه. ويقال انهم عرضوا أمام الرسول كتبهم، فكان يقرأها له بعضهم ممن دخل في الإسلام كعبدالله بن سلام أو بعض المسلمين ممن كان له علم وفهم في العبرانية لغة يهود.
قال "ابن عباس": "دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بيت المدراس على جماعة من يهود، فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن سرو، والحارث بن زبد: على أي دين أنت يا محمد ? فقال على ملة ابراهيم ودينه. فقالا: فإن ابراهيم كان يهودياً. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم، فأبوا عليه". ويظهر ان هذا المدراس كان من بيوت مدراسهم بيثرب.
وعرفت مساجد اليهود، أي المواضع التي كان يصلّون بها، بالمحاريب جمع محراب. وقد جاءت الاشارة اليها في بيت شعر منسوب إلى "قيس بن الخطيم". أما في النصرانية، فقد خصصت الكلمة بصدر الكنائس، وذلك على ما يفهم من الكلمة في الإسلام.
وعرف علماء اليهود ورجال دينهم ب "الأحبار" جمع "الحبر" وب "الربانيين" وقد وردت الكلمتان في القرآن الكريم". وللاسلاميين آراء في أصل "الحبر"، وهم يذكرون أن من معانيها العالم، والرجل الصالح. واللفظة من الألفاظ المعرية عن العبرانية أصلها "حبر" Haber وجمعها حبريم Habarim، ومعناها "الرفيق" Camrade و associate، وكانت ذات مدلول خاص ومعنى معين. وقد أطلقت في العهد التلمودي على العضوية في جمعية معينة، فاًطلقت في العصر الأول والثاني للميلاد على من كان من "الفروشيم"، وهم شيعة يهودية أقسمت على نفسها بمراعاة النصوص الدينية "اللاوية" على نحو ما نزلت وعلى نحو ما يفعله اللاويون.
وللفظة "حبر" أهمية كبيرة عند اليهود، فإنها تشير إلى العلم والمعرفة، وان كانت لا تصل إلى درجة "رابي" "ربي" Rabbi. ولا تزال مستعملة عندهم فيمن درس الشريعة اليهودية والعلوم الشرعية وتقدم فيها وأتقن الأحكام، وقضى بين الناس، غير أنها دون درجة Rabbi. فهي في العبرانية بمعنى عالم ولكن دون المعنى المفهوم في العربية عند علماء اللغة الاسلاميين، فهذا المعنى هو في مقابل لفظة Rabbi أي "ربّان" لا "حبر".
وقد وردت لفظة "حبر" في شعر للشماخ: كما خطّ عبرانية بـيمـينـه بتيماء حبر ثم عرض أسطرا
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق