إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1486 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السابع والسبعون اليهود والأسلام


1486

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
     
الفصل السابع والسبعون

اليهود والأسلام

أما من كان له عهد منه، فقد بقي في وطنه وعلى دينه بالشروط التي ذكرت في الصحف. وقد كان في يثرب نفر من اليهود عاشوا فيها في زمن الرسول حتى بعد اجلاء بني النضير وبني قريظة وبعد غزوة خيبر. وقد ورد في رواية أن النبي لمّا أمر أصحابه بالتهيؤ لغزوة خيبر، شقّ ذلك على من بقي بالمدينة من يهود. ولما مرض عبدالله بن أبي، كان اليهود في جملة من التفّ حول سريره في مرضه الذي هلك فيه، ثم كانوا في جملة من شيعه إلى قبره ومن نثر التراب على رأسه حزناً على فراقه. وقد بقيت اسر يهودية في وادي القرى وفي تيماء قروناً عديدة بعد صدور أمر عمر بالإجلاء، بل ورد ان عدداً منهم عاش في المدينة أيضأَ.

. وقد كانت اليهودية قانعة بما أوتيت، وبما كسبته من مواطن وتجارة، إن وجدت سبيلاً إلى اقناع سادات القبائل والأمراء والملوك بالتهود وبالدخول في دعوتها، فذلك خير وتوفيق. وإن لم تجد في هؤلأء ميلاً إلى اليهودية، رضيت منهم باكتساب العطف والحماية ورعايتهم في تحصيل ديونهم والأرباح التي يحصلون عليها من الربا، وبالسماح لهم بالتجارة والبيع والشراء، وهو ما يصبو اليه كل يهو دي.

لذلك نستطيع ان نقول ان اليهودية كانت من ناحية التبشير عند ظهور الإسلام جامدة خامدة، لا يهمها نشر الدين بقدر ما تهمها المحافظة على الحياة وعلى المركز الذي توصلت اليه وعلى تجارتها التي تعود عليها بمال غزير. فكانت لهذا لا تهتم بحركة إلا إذا وجدت فيها فائدة لها، ومنفعة ترتجى منها، ولا تحارب رأياً إلا إذا وجدت انه سيكون خطراَ عليها، فحاربت النصرانية في اليمن لمّا وجدت الروم يسيرون على سياسة معادية لليهود، وان النصرانية مهما كانت كنيستها هي فرع من شجرة واحدة هي الشجرة التي يقدسها الروم، فامتداد اي فرع منها إلى اليمن، كفيل بالحاق الأذى الذي لاقاه اخوانهم من البيزنطين بهم. وحاربت الإسلام بعد هجرة الرسول إلى المدبنة، لمّا تبين لها انه يدعو إلى رب العالمين، وانه لم يكن على ما ظنته حينما سمعت بدعوة الرسول وهو في مكة، من انه سيخضع لها، أو سيميل اليها، فتستفيد منه على الأقل، فلما وجدت الأمر غير ما ظنت، عندئذ خاصمته وانضمت إلى المشركين في محاربة الإسلام.

ولسنا نجد بين القبائل العربية يهوداً وفدوا اليها وأحباراً سكنوا بينها لاقناعها بمختلف الوسائل والطرق للدخول في دين يهود. نعم لم يفعل اليهود هذا كمافعله ألنصارى، ولهذا انحصرت سكنى اليهود عند ظهور الإسلام في هذه المواضع الخصبة وطرق المواصلات والتجارة البرية والبحرية من جزيرة العرب، وانحصر عملهم في التجارة وفي الربا وفي الزراعة وفي بعض الصناعات التي تخصصوا بها.

وهي أمور جعلت لهم نفوذاً عند سادات القبائل والأمراء والملوك.

وقد كانت لليهود مواضع يتدارس فيها رجال دينهم أحكام شريعتهم، وأيامهم الماضية، وأخبار الرسل والأنبياء، وما جاء في التوراة والمشنا، وغير ذلك. عرفت بين الجاهليين ب "المدراس" و "بيت المدراس" "والمدراش". وأطلق الجاهليون على الموضع الذي يتعبد اليهود فيه "الكنيس" و "كنيسة اليهود" تمييزاً لهذه الكنيسة عن "الكنيسة" التي هي لفظة خاصة بموضع عبادة النصمارى. وقد ذكر بعض علماء اللغة أن الكنيسة كلمة معربة من "كنشت" وهي لليهود، والبيعة للنصارى. وذهب بعض آخر إلى أنها متعبد الكفّار مطلقاً. وقد أخذ الجاهليون مصطلح "المدراس" من العبرانيين، من لفظة "مدراش" Midrash التي هي من أصل "درش"Darash التي تقابل "درس" في العربية، وتؤدي هذه الكلمة المعنى المفهوم من لفظة "درس" العربية تمام الأداء. ويقصد بالمدراش درس نصوص التوراة وشرحها وتفسيرها وإيضاح الغامض منها وأسرارها وامثال ذلك، وينهض بذلك المفسر الشارح "درشن" Darshan، ولكل طريقة واسلوب. وقد نجمت عن هذه الدراسة ثروة أدبية ودينية طائلة للعبرانيين. نتجت من اتباع جملة طرق في الشرح والتفسير، منها "مدراش هلاخه" Midrash Halachah و "مدراش هاكاده " Midrash، Haggadah، وتختلف هذه في كيفية اتباع طرق العرض والشرح والتفسير.



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق