1484
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السابع والسبعون
اليهود والأسلام
ولما دخل أهل يثرب في الإسلام أفواجاً، وتوجه المسلمون إلى اليهود يدعونهم إلى الدخول فيه والى مشاركتهم لهم في عقيدتهم باعتبار أنهم أهل دين يقول بالوحي ويؤمن بالتوراة، و برسالة الرسل،فهم لذلك أولى بقبول هذه الدعوة من الوثنيين، أدركت جمهرتهم ان الإسلام إذا ما استمر على هذا المنوال في المدينة من التوسع والانتشار ومن توجيه دعوته إلى اليهود أيضاً، فسيقضي على عقيدتهم التي ورثوها وهي عقيدة لا تعترف بقيام نبىّ من غير بني اسرائيل، ولا بكتب غير التوراة والكتب التي دونها علماؤهم، ثم هم يرون ان النبوة قد ختمت ولن يكون المسيح إلا منهم، فكيف يعتقدون بنبي عربي وهو من الأميين ? وقد رفض اليهود الدخول في الإسلام، وأبوا تغيير دينهم، ودافعوا عن عقيدتهم وتمسكوا بها، ورفضوا التسليم بما جاء في رسالة الرسول من أن الرسول نبي أرسل للعالمين كافة وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن القرآن كتاب مصدق من الله، وأن أحكامه مؤيدة لما جاء في التوراة ناسخة لبعضها. وقد جادلوا في ذلك، وانبرى أحبارهم للدفاع عن عقيدتهم ولمجادلة من يأتي اليهم من المسليمن لاقناعهم في الدخول في الإسلام. وفي القرأن الكريم صور من جدلهم هذا ومن محاجّتهم الرسول في دعوته، كما نجد مثل ذلك في الحديث النبوي وفي كتب السير.
ويتبين من نتائج دراسة صور هذا الجدل والخصام الذي وقع بين اليهود والمسلمين، وهو خصام مهم خطير، أن الخصومة كانت في مرحلتها الأولى رفض لدعوة الرسول إياهم للدخول في الإسلام، وتمسكأَ شديداً بعقيدته وبدينهم وبما ورد عندهم من أن النبوة قد بدأت وانتهت في بني اسرائيل، ثم تطورت واشتدت عنفاً وقوة لما تبين لهم أن الإسلام يرفض نظريتهم هذه، وأنه قد حرم أموراً ستؤثر في مستقبلهم، وقد ألف بين قلوب أهل يثرب وأوجد منهم كتلة واحدة، وأنه سيحدّ من سلطانهم لامحالة، وأن ملكهم سيزول، فوسعوا مقاومتهم، واتصلوا بمن وجدوا فيه حقداً وبغضاً للرسول، وبمن تأثر سلطانه بدخول الإسلام في يثرب من أهلها، ثم لما وجدوا أن كل ذلك غير كاف، تراسلوا مع أعداء الرسول في خارج يثرب من قريش. لتوحيد خططهم معهم، ولجملهم على مهاجمة المسلمين في مدينتهم ومعقلهم قبل أن يستفحل أمرهم ويقوى مركزهم،فيعجزون جميعاً هم وأهل مكة عن التغلب عليهم والقضاء على الإسلام.
وهكذا بدأت خصومة اليهود للاسلام خصومة فكرية، هم يرفضون الاعتراف بنبوة الرسول، وباًن دعوته موجهة إليهم، ويرفضون نبوة في غير بني اسرائيل، والرسول يدعوهم إلى الايمان بالله والى الدخول في دعوته المبنية على الايمان بالله رب العالمين، رب العرب وبني اسرائيل والعجم، وعلى الايمان بنبوته وبنبوة الأنبياء السابقين، ثم تطورت هذه الخصومة إلى معارك وحروب، والحروب كما نعلم تبدأ نزاعاً في الآراء وألأفكار ثم تتحول الى صراع ونزاع وقتال.
ومن أشهر سادات يهود الذين وقفوا موقفاً معادياً من الرسول، وعارضوه معارضة شديدة، وصمموا على الايقاع به، حيي بن أخطب، وأخواه ياسر بن أخطب وجُدىَّ بن أخطب، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقق، وسلام بن الربيع بن أبي الحقيق، وهو أبو رافع الأعور الذي قتله أصحاب الرسول يخيبر، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وعمرو بن جحاش، وكعب بن الأشرف، والحجاح بن عمرو حليف كعب ين الأشرف، وكردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف، وكل هؤلاء من بني النضير، وعبدالله بن صوري الأعور، وابن صلوبا، وهما من بني "ثعلبة بن الفطيون"، وزيد ابن اللعيث "اللعيب"، وسعد بن حنيف، ومحمود بن سيحان "سبحان"، وعزير بن أبي عزير، وعبدالله بن صيف "ضيف"، وسويد بن الحارث، ورفاعة بن قيس، وفنحاص، وأشيع، ونعمان بن أضنا "أمنا ?"، وبحري ابن عمرو، وشاس بن عدي، وشاس بن قيس، وزيد بن الحارث، ونعمان ابن عمرو، وسكين بن أبي سكين، وعدي بن زيد، ونعمان بن أبي أوفى أبو أنس، ومحمود بن دحية، ومالك بن الصيف "الضيف"، وكعب بن راشد، وعازر، ورافع بن أبي رافع، وخالد، وإزار بن أبي إِزار "آزر بن أبي أزر"، ورافع بن حارثة، ورافع بن حريملة، ورافع بن خارجة، ومالك بن عوف، ورفاعة بن زيد بن التابوت، وكل هؤلاء من يهود بني قينقاع.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق