إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1463 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والسبعون الحنفاء


1463

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخامس والسبعون

الحنفاء


وكان عامر بن الظرب العَدواني من الحكماء، نسبت اليه أقوال في الحكم والدين. منها: "إني ما رأيت شيئاً خلق نفسه، ولا رأيت موضوعاً إلا مصنوعاً، ولا جائياً إلا ذاهباً، ولو كان يميت الناس الداء، لأحياهم الدواء". ثم قال: "إني ارى أموراً شتى وحتى. قيل له: وما حتى? قال: حتى يرجع الميت حياً، ويعود اللاشيء شيئاً، ولذلك خلقت السماوات والأرض، فتولوا عنه ذاهبين".

وقد نسبوا اليه جملة أحكام، منها حكمه في "الخنثى"، وقد ذكروا أن حكمه هذا قد أقرّه الإسلام. وقالوا إن العرب كانت إذا أشكل عليها أمر في قضاء، أو حارت في أمر معضل ترى وجوب الحكم فيه برأي صائب وعقل وتدبير، ذهبت اليه، فإذا حكم كان حكمه الحكم الفصل، فلا راد له.

ونسبت إلى كل من عبد الطابخة بن ثعلب بن وبرة بن قضاعة وعلاف بن شهاب التميمي أبيات، فيها اقرار بوجود إلَه واحد خالق لهذا الكون، ويوجود الحساب والثواب والعقاب.

وأما "المتلمس بن أمية" الكناني، فذكروا انه كان قد اتخذ من فناء الكعبة موضعاً يخطب فيه، ويعظ قومه عظات دينية، فكان في جملة ما قاله لهم "انكم قد تفردتم بآلهة شتى، واني لأعلم ما الله راض به. وإن الله تعالى رب هذه الآلهة، وانه ليحب ان يعبد وحده"، فنفرت كلماته هذه وامثالها القوم منه وتجنبته، وقالوا عنه انه على دين بني تميم.

وفي أبيات منسوبة إلى زهير بن ابي سُلمى الشاعر المعروف إقرار بوجود الَه عالم بكل ما في النفوس، هو "الله"، لا تخفى عليه خافية، فلا يجوز كتمان شيء عنه،.وبوجود يوم حساب يحاسب فيه الناس على ما قاموا به من أعمال، وقد ينتقم الله من الظالم في الدنيا قبل الآخرة، فلا مخلص له.

ونسب الايمان بالله واليوم الآخر إلى أشخاص آخرين، منهم: عبدالله القضاعي والشاعرَ عبيد بن الأبرص الأسدي، وكعب بن لؤي بن غالب، والأول منهم هو ابن تغلب بن وبرة بن قضاعة، كان من الحكماء الخطباء، يتبع الحنيفية، وينهج على نهجها مثل الحنفاء.

واما الثاني، وهو عبيد بن الأبرص، فشاعر جاهلي شهير،له في قتله قصة،هي من ذيول قصة "الغريَين" للمنذر بن ماء السماء. نجد في الشعر المنسوب اليه اسم "الله" يتردد في كثير من المواضع، ونراه من المتشائمين المؤمنين بالمنايا وبالمحتم المكتوب، ونراه في القصيدة البائية يتوكل على الله، ويدعو الناس إلى الاعتماد عليه فيقول: من يسأل الناس يحرموه  وسائل اللّـه لا يخـيب

باللـه يدرك كـل خـير  والقول في بعضه تلغيب

والله لـيس لـه شـريك  علاّمُ ما أخفت القلـوب

ونراه يقول في المنايا: فاًبلغ بنيَّ وأعمامـهـم  بان المنايا هي الـوارده

لها مدة فنفوس العـبـاد  اليها وإن كرهت قاصده

فلا تجزعوا الحمام دنـا  فللموت ما تلد الوالـده


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق