إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1454 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والسبعون الحنفاء


1454

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخامس والسبعون

الحنفاء


وفي رواية أنه: "كان قد قرأ الكتب القديمة، وعلم أن الله تعالى مرسل رسولأ، فرجا أن يكون هو ذلك الرسول، فآتفق أن خرج إلى البحرين، وتنباً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقام هناك ثماني سنين. ثم قدم، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جماعة من أصحابة، فدعاه إلى الإسلام، وقرأ عليه سورة يس، حتى اذا فرغ منها، وثب أمية يجر رجليه، فتبعته قريش تقول: ما تقول يا امية ? فقال: أشهد انه على الحق. قالوا: هل نتبعه ? قال: حتى انظر في امره. فخرج إلى الشام، وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم، فلما أخبر بها، ترك الإسلام. وقال: لو كان نبياً ما قتل ذوي قرابته فذهب إلى الطائف ومات".

وفي هذه الرواية المنسوبة إلى الزهري، عن سماع أمية بن أبي الصلت بنبوة النبي وهو في البحرين، ثم مجيئه إلى مكة والتقائه بالرسول ومحاجته له في ظل الكعبة، ثم انكسافه وتراجعه وذهابه إلى الشام، ثم عودته منها، تكلف ظاهر، وفي تفاصيلها ما يناقض بعضه بعضاً.

وورد في رواية أخرى، ان اًمية بن أبي الصلت قدم المدينة فقال للنبي: ما هذا الذي جئت به ? فقال الرسول: الحنيفية دين ابراهيم. قال: فانا عليها. فقال غليه الصلاة والسلام لست عليها ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها. فقال: أمات الله تعالى الكاذب منا طريداً وحيداً، ثم خرج إلى الشام، وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا للسلاح. ثم أتى قيصر، وطلب منه جنداً، ليخرج النبي من المدينة، فمات بالشام طريداً وحيدأَ. وهي قصة ينسب وقوعها إلى "أبي عامر" الراهب، كما سبق أن تحدثت عن ذلك.

وتخالف هذه الرواية الروايات المالوفة الواردة الينا عن وفاة "أمية" بالطائف. وتزعم احدى الروايات، ان أمية كان قد أخذ ابنتيه وهرب بهما إلى أقصى اليمن، وذلك حين بعث النبي. ثم عاد إلى الطائف، فبينما هو يشرب مع اخوان له في قصر بالطائف، إذ سقط غراب على شرفة في القصر فنعب، وأدرك أمية انه ميت، لأنه عرف منطق الغراب، وحدّث القوم بذلك في قصة مفصلة تجدها في الكتب ثم مات. وقصة الشرب هذه تناقض ما يذكر عنه أهل الأخبار من انه كان لا يقترب من الخمر، ومن انه كان قد حرمها على نفسه، شأنه في ذلك شأن بقية الأحناف. كذلك يناقض خبر تحربمه الخمر على نفسه،خبر آخر، خلاصته انه كان يشرب يوماً مع عبدالله بن جدعان، فأخذ الشراب برأس "ابن جدعان"، وأصاب عين أمية، فلما كان اليوم الثاني وجلس أيضاً للشرب معه، سأل "عبدالله" أمية عن سبب الألم البادي على عينه، فلما أخبره بأنه كان هو سببه، ترك "ابن جدعان" الخمر استحياء مما فعله وقال شعراً في سبب تركه ألخمر. ويقول أهل الأخبار: "ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهلية، إلا ترك الخمر استحياء مما فيه من الدنس".

وتؤيد قصة ذهاب "أمية" إلى اليمن وسكنه أمداً هناك قصة ينتهي سندها ب "أبي سفيان"، خلاصتها انه كان قد ذهب في ركب من قريش إلى اليمن في تجارة، فمرّ بأمية، وقال له كالمستهزىء به: يا أمية قد خرج النبي الذي كنت تنعته ? فأجابه أمية: اما انه حق فاتبعه. وقال له قولاً يتنبأ فيه بمصير أبي سفيان وكيف سيؤتى به إلى الرسول، فيحكم فيه كما يريد. ففي هذه القصة توكيد بخروج أمية الى اليمن حين بعث الرسول وبمكوثه زماناً هناك.

وذكر أنه الشخص الذي نزلت في حقه الآية: )واتلُ عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا، فانسلخ منها(. وهي آية قيل أيضاً إنها نزلت في "بلعام بن باعور" "بلعم بن ابر"، "بلعام بن باعرا"، أو في زوج البسوس، أو في "النعمان ابن صيفي الراهب".

وأمية كاكثر الشعراء له شعر في المدح وله تعريض. وأكثر مدحه في "ابن جدعان" من اجواد العرب المعروفين المشهورين في الجاهلية. وهو في المدح أو في الرثاء أو في كل مناسبة اخرى، مستعمل لكلمات ذات صلة بالدين وبالأفكار الدينية ولمصطلحات لا ترد إلا نادراً في الأشعار المنسوبة إلى الشعراء الجاهليين، مما يدل علي غلبة التفكَير الديني عليه، وتأثير ما قرأه أو أخذه من غير العرب فيه. سئل الأصمعي عن شعر أمية، فقال: "ذهب أمية في شعره بعامة ذكر الآخرة وذهب عنترة بعامة ذكر الحرب،وذهب عمر بن أبي ربيعة بعامة ذكر الشباب".

ووالد "أمية"، هو "عبدالله بن أبي ربيعة بن عوف الثققي" أو "ربيعة ابن وهب بن علاج بن أبي سلمة" الثقفي على رواية "الزبيري". أما أمه فهي "رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف". وقد كان والده شاعراً. ذكر انه مدح "سيف بن ذي يزن".

ومن الرواة من ينسب القصيدة التي تنسب إلى والد امية، والتي هي في مدح " سيف بن ذي يزن"، إلى امية نفسه. وفي هذه القصيدة إشارة إلى ذهاب "سيف بن ذي يزن" إلى هرقل، فلما لم يجد منه أية مساعدة أو اهتمام، عافه، وذهب إلى كسرى، حيث وجد منه مساعدة، فجاءت اليه بعد سنين من تعب ومواظبة.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق