إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 يناير 2016

1449 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والسبعون الحنفاء


1449

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخامس والسبعون

الحنفاء


وهي قصيدة يتوجع فيها أمية لسقوط قتلى المشركين، ودفنهم بالقليب، وفيهم "عتبة" و "شيبة" ابنا "ربيعة بن عبد شمس"، وهما ابنا خالة أمية. وقد ذكر بعض الرواة ان الذي حمله على قول هذا الشعر، هو انه لما وصل إلى القليب موضع مدفن قتلى قريش في بدر، وكان ذاهباً إلى المدينة يريد الدخول في الإسلام، قال له بعض من كان معه من غلاظ الأكباد من المشركين: هل تدري ما في هذا القليب ? قال: لا. قيل: فيه شيبة وربيعة وفلان وفلان. فجدع انف ناقته، وشق ثوبه، ويكى، وعاد إلى الطائف.

وذكر ان أمية نال في بيتين من هذه القصيدة من أصحاب رسول الله، ولذلك أهملهما "ابن هشام" صاحب السيرة. وذكر أيضأَ ان النبي نهى عن روايتها. ولكن الرواة رووها وحفظوها ودوّنوها في الكتب، فكيف تجرؤوا على حفظها وتدوينها لو صح ان النبي نهى عن روايتها على نحو ما يزعمه أهل الأخبار.

وأميةّ مثل سائر المتألهين الآخرين من طبقة الحنفاء، سافر إلى الشام، واتصل بأهلها، وأوى إلى الأديرة ورجال الدين يسأل منهم ما يهمه من مشكلات دينية وعما كان يجول في خاطره من عبادة قومه وحقيقة العالم. وكان تاجراً، يذهب مع التجار في قوافلهم إلى تلك الديار التي كَانت في أيدي الروم. ثم إنه كان على ما يظهر من الروايات التي وردت في ترجمته وسيرته قارئاً كاتباً، قرأ الكتب، ووقف عليها. ومنها ومن اتصاله برجال الدين وبأهل الكتاب تكونت عنده فكرته عن الدين،وشكّه في عبادة قومه وفيما كانوا عليه من عقائد وعبادات. وقد بدا هذا التأثر في الكلمات والمصطلحات الأعجمية والغريبة المستعملة في شعره وفي الأمثلة والقصص المنتزع من الكتابين: للعهد القديم والعهد الجديد ومن موارد أخرى عديدة من الموارد الشائعة المستعملة عند أهل الكتاب.

وقد ورد في بعض الأخبار ان امية سافر مرة مع أبي سفيان والد معاوية في تجارة إلى بلاد الشام، فكان كلما نزل منزلاً أخذ فيه سفراً له يقرأه على من معه، كما كان يزور علماء النصارى ويتباحث معهم، وكان يلبس ثوبين أسودين حينما يقابلهم. ولم تذكر الرواية شيئاً عن السفر أو الأسفار التي كان يقرأ منها أمية ويشرحها لمن معه من التجار. وتذكر رواية أخرى انه كان قد بلغ مع "أبي سفيان" غزة أو "ايلياء".

ولأمية في هذا اليوم ديوان ضم أكثر ما نسب اليه من شعر. كما ان في بطون كتب الأدب والأخبار أشعاراً أخرى لم يرد لها ذكر في هذا الديوان. ومعظم شعره هو عن الدين والاخرة وعن الجنة والنار والحساب والكتاب، وقد تضمن إشارات إلى حوادث وقعت في ايامه، أو في ايام قرببة من ايامه مثل قصة الفيل، كما تضمن بعض قصص الأنبياء، ولتعرض شعره إلى هذه النواحي نعت بشاعر الآخرة.

ومما ذكره الأخباريون ورواة شعر أمية من أمثلة على استعماله للكلم الغريب، انه استعمل. "الساهور" للقمر، وهي كلمة لا تعرفها العرب، وانه ذكر، "السلطيط"، اسماً لله تعالى. وانه أطلق كلمة "التغرور" على الله تعالى في موضع آخر من شعره، وانه سمى السماء "صاقورة" و "حاقورة" وانه استعمل أشياء أخرى من هذا القبيل. ولولعه هذا باستعمال الغريب، رفض علماء اللغة الاحتجاج بشعره.

والساهور، كلمة آرامية الأصل من أصل "سهرو" Sahro، بمعنى القمر، أي تماماً بالمعنى الوارد في شعر أمية.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق