إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 يناير 2016

1434 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع والسبعون الكعبة


1434

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل الرابع والسبعون

الكعبة

الكسوة

وكسوة البيت عادة قديمة، كان يقوم بها الجاهليون. ينسبها الأخباريون إلى "تبع أسعد الحميري"، فيذكرون انه كساها بالأنطاع، ثم كساها بثياب جدة من عصب اليمن، أغلى ثياب معروفة في تلك الأوقات. ولا يستبعد ان يكون الإكساء من بقايا المنشأ القديم للبيت، حيث كان خيمة في الأصل. وقد ورد في الأخبار أنه كان في موضع البيت خيمة قبل ان تكون الكعبةا. وكذلك كان معبد بني اسرائيل خيمة في الأصل قبل أن يبنى الهيكل.

ويذكرون أن التبع الذي.كسا البيت، هو التبع الذي أتى به "مالك بن عجلان" إلى يثرب لطرد اليهود عنها. وذكروا أن ذلك التبع هو "أسعد ابو كرب الحميري". وقد كساها الوصايل، ثياب حبرة من عصب اليمن. وكانت الكعبة تكسى بالحبرة واليرود وغيرها من عصب اليمن، تكسى بها ويوضع ما يفضل منها في خزانة الكعبة. فإذا تمزقت الكسوة، تستبدل بكسوة أخرى تؤخذ من الخزانة. تكسى من الداخل والخارج، وتطيب بالخلوق وتبخر بالمجامر.

وقد سبق لي أن تحدثت عن "التبع اسعد"، وذكرت ما قاله رواة الأخبار عنه، وما جاء عنه في نصوص المسند. وكان قد علق في ذاكرة أهل الأخبار أشياء عنه وعن بعض من جاء بعده، زوقت ونمقت على طريقتهم في رواية أكثر أخبار اليمن. ولعل ما ذكروه عن اكسائه البيت، هو من مصنوعاتهم التي وضعوها في الإسلام ليجعلوا لأهل اليمن فضلاً على الكعبة، فضل يسبق فضل العدنانيين عليها، وقد رأينا أنهم أوجدوا لهم جملة أنبياء نسبوهم إلى قحطان، ووضعوا أشياء أخرى كثيرة، في اظهار فضل للقحطانيين على الاسماعيليين المتعربين يوم فات الحكم من قحطان وصار في اهل مكة في الإسلام. فكان النزاع القحطاني العدناني المعروف.

ولو جارينا أهل الأخبار، واخذنا بروايتهم في ان التبع "لسعد ابو كرب الحميري"، كان أول من كسا الكعبة، نكون قد رجعنا بمبدا تأريخ إكساء الكعبة إلى نهاية القرن الرابع و أوائل القرن الخامس للميلاد. وقد سبق ان تحدثت عن هذا الملك في الجزء الثاني من هذا للكتاب.

ويظهر من روايات أهل الأخبار ان كسوة الكعبة"لم تكن كسوة واحدة، ولا من نسيج واحد، بل كانت انطاعاً، أي أبسطة من أدم، وحبرة وبروداً، وغيرها من عصب اليمن. وهي برود يمنية يعصب غزلها ثم يصبغ وينسج، فياًتي موشىًَ، وقيل هي برود مخططة. وذكر ان النبي كساها الثياب اليمانية، وان عمر وعثمان كسواها بالقباطي.

وذكر ان أول من كسا البيت الحرير "نتيلة بنت جناب بن كليب" وهي من "بني عامر" المعروف بالضحيان، وكان من ملوك ربيعة. وكان العباس ابن عبد المطلب ابنها، قد ضاع وهو صغير، فنذرت امه إن وجدته ان تكسو للبيت الحرير، فكسته، فهي أول من كساه ذلك. وقيل أول من كسا للبيت للديباج خالد بن جعفر بن كلاب. أخذ لطيمة من البر وأخذ فيها أنماطاً فعلقها على للكعبة،.

وروي انهم كانوا يكسون الكعبة يوم "عاشوراء"، وذكر ان "بني هاشم" كانوا يكسونها يوم التروية بالديباج، لتظهر في أحسن حال، ويراها الناس على ذلك. أما اذا حلّ يوم عاشوراء، فانهم يعلقون الازار عليها. وورد انهم كانوا يكسون الكعبة بالديباج يوم التروية، فيعلق عليها القميص ولا يخاط، حتى اذا ما انصرف الناس من "منى" خيط وترك الأزار، ثم تكسى بالقباطي يوم عاشوراء، ويعلق عليها الازار، ويوصل بالديباج.

ولا نستبعد احتمال كون يوم "عاشوراء" من الأيام التي كانت لها حرمة وقدسية عند أهل الجاهلية، وإن كنا نجهل كل شيء عنه وعن سبب احتفال أهل مكة به، وصومهم فيه. وقد ذهب بعض المستشرقين إلى احتمال تأثر قريش بعاشوراء لليهود، كلن يكون أحد سادة مكة قد أخذ ذلك لليوم عنهم فعظمه، فاخذه اهل مكة عنه وجعلوه سنةَ لهم. غير ان من الجائز ألا يكون لهذا اليوم صلة بعاشوراء لليهود، وانما كان من تقاليد أهل مكة القديمة المعروفة عند غيرهم أيضاً، ولا صلة له بيوم يهود.

ويظهر انهم كانوا يضعون الأكسية الجديدة فوق الأكسية للقديمة، فلايرفعونها عنها، فكانت تتراكم بعضها فوق بعض، فلما جاء الإسلام، استمروا على ذلك أمداً، ثم رأى "شيبة بن عثمان" سادن البيت، تجريدها من أكسية الجاهلية، لأنها رجس من عمل الجاهليين فأزيلت. ثم رأى الخليفة المهدي، أن الأكسية قد أثقلت الكعبة، فأمر بتجريدها، تخفيفاً عنها، واكتفى بثلاث كسيّ من القباطي والخز والديباج.

وذكر أهل الأخبار أن اول من حلّل البيت "عبد المطلب"، جدّ النبي، لما حفر "بئر زمزم"،وأصاب فيه من دفن جرهم غزالين من ذهب، فضربهما في باب الكعبة.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق