إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 يناير 2016

1431 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الرابع والسبعون الكعبة


1431

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل الرابع والسبعون

الكعبة

ويذكر الأخباريون انه كان في بطن البيت قرنا كبش معلقان في الجدار تلقاء من دخلها يخلّقان ويطيبّان اذا طيب البيت، وقد علق عليهما معاليق من حليّ كانت تهدى الى الكعبة. ويرمز القرنان إلى قرني الكبش النبي ذبحه ابراهيم الخليل، وقد بقيا في الكعبة إلى ايام "عبد الله بن الزبير" فاحترقا مع الكعبةْ. وقد زوقت الكعبة بعد هذا الحريق، زوق سقفها وجدرانها من بطنها ودعائمها، وجعلت " في دعاماتها صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة، فكان فيها صورة ابراهيم الخليل الرحمان، شيخ يستقسم بالأزلام، وصورة عيسى بن مريم وأمه، وصورة الملائكة عليهم السلام أجمعين. فلما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البيت، فأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب، فجاء بماء زمزم، ثم أمر بثوب فبلّ بالماء، وأمر بطمس تلك الصور فطمست. ووضع كفيه على صورة عيسى بن مريم وأمه عليهما اسلام وقال: أمح جميع الصور، إلا ما تحت يدي، فرفع يديه عن عيسى بن مريم وأمه ونظر إلى صورة ابراهيم، فقال: قاتلهم الله جعلوه يستقسم بالأزلام، ما لابراهيم والأزلام. وقد بقيت صورة عيسى بن مريم وأمه، إلى ايام عبد الله بن الزبير، فلما تهدم البيت، تهدمت الصورة معه.

وأعاد الجاهليون - كما يذكر أهل الأخبار - الصنم هبل إلى مكانه، نصبوه أمام "الغبغب"، وأعادوا معه بقية الأصنام، التي كانت تتعبد لها بعض القبائل. ووضعوا حول الكعبة أصناماً أخرى، يجب أن تكون من الدرجة الثانية في المنزلة أي أصنام قبائل ضعيفة، لذلك وضعت خارج البقعة المقدسة. وقد أوصلت الروايات عدة أصنام الكعبة عام الفتح إلى "365" صنماً، كان بعضها منحوتاً من الحجارة، وبعضها معمولاً من النحاس، وبعضها قوارير، وكان صنم خزاعة قوارير صفر. ولما دخل الرسول مكة، أمر بها فأزيلت وحطمت، فلم يبق من يومئذ بها صنم. وذكر ان النبي دخل مكة "وحول الكعبة ثلاثماثة وستون نصباً. فجعل يطعنها بعود كان بيده. ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً ".

وذكر في بعض الروايات أن رسول الله بعد أن طاف بالبيت سبعاً على راحلته دخل الكعبة فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحهاْ. وأنه لما طاف بالبيت وجد حولها أصناماً مشدودة بالرصاص، فحطمت، وأعظمها "هبل" صنم قريش.

ويتبين من الروايات الواردة عن بناء الكعبة وعن اختلاف أهل مكة وتشاحنهم وتنافسهم فيما بينهم. على شرف وضع "الحجر الأسود" في مكانه أنه كان لهذا الحجر أهمية خاصة في نظرهم، وأنه كان أقدس شيء عندهم. وإلا لما اختلفوا هذا الاختلاف على وضعه، حتى ليمكن أن يقال إنه كان فوق أصنام الكعبة منزلة، بدليل عدم ورود لشارة ما إلى وقوع اختلاف بشان إعادة صنم من تلك الأصنام إلى مواضعها. ولو كانت الأصنام أقدس منه، لكان الاختلاف على شرف وضع تلك الأصنام لا الحجر الأسود بالطبع. وهذا التقديس الزائد يحملنا على التفكير في أسبابه وفيَ الميزة النبي ميزت هذا الحجر على الأصنام وهي في طبيعتها حجارة مثله. لقد ذهب "ولهوزن" إلى أن قدسية البيت عند أهل الجاهلية، لم تكن بسبب الأصنام التي فيه، بل كانت بسبب هذا الحجر. لقد كان هذا الحجر مقدساً في ذاته، وهو الذي جلب القدسية للبيت، فصار البيت نفسه مقدساً، مقدساً في حد ذاته، بحجره هذا الذي هو فيه، ولعله شهاب "نيزك"، أو جزء من معبود مقدس قديم.

وقد ذهب بعض المستشرقين إلى ان اابيت لم يكن إلا بمثابة إطار للحجر الأسود الذي كان من أهم معبودات قريش، لأنه بمثل بقايا حجر قديم كان مقدساً عند قدماء الجاهليين، غير أنه لم يكن معبود قريش الوحيد.

ويلاحظ ان التقرب إلى الأحجار في بيوت العبادة كانت شائعة بين الجاهليين.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق