1406
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثاني والسبعون
الحج والعمرة
العمرة
وذكر ان الأشهر الحرم ثلاثة سرداً وواحداً فرداً، وهو رجب. أما الثلاثة، فليأمن من الحجاج واردين إلى مكة وصادرين عنها، شهراً قبل شهر الحج، وشهراً بعده، قدر ما يصل الراكب من أقصى بلاد العرب، ثم يرجع. وأما رجب،فللعمّار يأمنون فيه مقبلين وراجعين نصف الشهر للاقبال ونصفه للاياب، إذ لا تكون العمرة من أقاصي بلاد العرب كما يكون الحج. وأقصى منازل المعتمرين بين مسيرة خمسة عشر يوماً.
ويلبس المعتمر "الاحرام " أيضاً. وقد كان الجاهليون يكتفون في عمرتهم بالطواف بالبيت، أما "السعي" بين الصفا والمروة.، فأغلب الظن ان العرب لم يكونوا يقومون به. بدليل ما ورد في القران الكريم من قوله: ) إن الصفا والمروة من شعائر الله،فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوّف بهما. ومن تطوًع خيراً فان الله شاكر عليم (. ففي هذا النص دلالة على ان الجاهليين من غير قريش لم يكونوا يدخلون السعي بينهما في شعائر الحج أو العمرة، وان الله امر بادخاله فيهما. أما موقف الجاهليين بالنسبة لطواف العمرة،فهو نفس موقفهم بالنسبة للطواف بالبيت في أثناء الحج، والفرق بين الحج والعمرة، ان الحج هو الاحرام ثم الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروه وقضاء مناسك عرفة والمزدلفة والوقوف بالمواضع التي أمر بالوقوف بها، بينما العمرة الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، فلا يكون موقف عرفة من العمرة. وكان الجاهليون يحلقون رؤوسهم للعمرة، ويكون حلق الرأس علامة لها. فاذا وجدوا رجلاً وقد حلق رأسه علموا انه من "العمار"، فلا يمسونه بسوء، إلا اذا مس أحداً بسوء احتراماً للعمرة ولشعائر الدين.
والفرق بين العمرة والحج في الإسلام، ان العمرة تكون للانسان في السنة كلها، والحج في وقت واحد في السنة. و تمام العمرة انُ يطاف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، والحج لأ يكون إلا مع الوقوف بعرفة يوم عرفة واجراء بقية المناسك.
وتقبيل الأحجار والأصنام واستلامها في أثناء الطواف أو في غير الطواف من الشعائر الدينية عند الجاهليبن. كان في روعهم ان هذا التقبيل مما يقربهم إلى الآلهة، ويوصلهم اليها، فتقربوا اليها ونصبوها في مواضع ظاهرة، ومسحوا أجسامهم بها تبركاً. وكلمة "تمسَّحَّ" من الكَلمات التي لها معاني عند الجاهليين، وكذلك كلمة "استلم" و "استلام" عند أهل مكة خاصة حيث استعملت بالنسبة للحجر الأسود. وطريقتهم ان يمر الإنسان يده على الحجر المقدس أو ان يمسسه بها إن صعب استلامه كله. وقد يعوض عن ذلك بعصا يمدها الإنسان إلى الحجر حتى تلمسه، وإذا تعذر الوصول اليه بسبب ما، فيجوز أن يفعل ذلك راكبأ على جمل.
ومن هذا القبيل ايضاً طرق مطارق أبواب البيوت المقدسة طرقات خفيفة، وامرار بعض الأشياء مثل الملابس على الأصنام والصخور والمواضع المقدسة لاكتساب البركة،والتمسح بجدران البيت أو استلام أركانه أو التعلق بأطراف الكسوة. وتلطيخ الأحجار بدماء ألضحية التي تقدم للاوثان وذلك بسبب الدماء عليها، أو بتلطيخها وتلويثها كلها أو جزء منها بدم الضحية،. توكيدأَ بإراقة دم الضحية في نفس من ضحيت الضحية من اجله.
وقيل إن من شعائر الجاهليين في الحح ان الرجل منهم كان إذا أحرم، تقلد قلادة من شعر، فلا يتعرض له أحد. فإذا حج " وقضى حجّه، تقلد قلادة من "إذٌ خِر"، والإذخر نبات زكي الرائحة، وان الرجل منهم يقلد بعيره أو نفسه قلاعة من لحاء شجر الحرم، فلا يخاف من أحد، ولا يتعرض له احد بسوء. وتذكرنَا هذه العادة بما يلبسه بعض الحجاج عند اتمامهم حجّهم وعودتهم إلى بلادهم من لباس "كوفية" خاصة باًهل مكة ومن عقال حجازي وذلك بالنسبة للرجال، وخمار أبيض بالنسبة للنساء، وذلك طيلة الأيام السبعة الأولى من احتفالهم بالعودة من الحج.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق