1403
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثاني والسبعون
الحج والعمرة
الإفاضة
وكان من يقصد العزى يذبح عند شجرة هناك ثم يدعون، وكان من يقصد مناة يهدي لها كما كان غيرهم يهدي للكعبة ويطوفون بها ثم ينحرون عندها، وكان عبدة ذي الخلصة في أسفل مكة يذبحون عنده كذلك. وكذلك كانت بقية القبائل تطوف في أعيادها. حول أصنامها، وتهدى اليها، ثم تنحر عندها عند اكمالها هذه الشعائر دلالة على اكمالها شعائر الحج الى هذه المواضع وانتهائها منها على أحسن وجه.
وتميز الحيوانات التي يهيئها أصحابها أو مشتروها للذبح في الحح بعلامات، بأن توضع عليها قلائد تجعلها معروفة، أو ان يحدث لها جرح يسيل منه الدم ليكون ذلك علامة انها هدي. ويقال لذلك إشعار، ومنه إشعار البدن، وهو ان يشق أحد نجبي سنام البدنة حتى يسيل منه الدم ليكون ذلك علامة الهدي. وقد كان من أهل مكة من يتخذ من لحاء شجر الحرم قلادة يضعها في عنق البدن، لتكون دلالة على إنها هدي، فلا يعترضها أحد.
ويجوز للحجاج مغادرة "منى" في اليوم العاشر من ذي الحجة، أي في اليوم الأول من العيد، ففي هذا اليوم يكمل الحجاج حجهم، ولكن منهم من يمكث في هذا الموضع حتى اليوم الثالث عشر، وذلك ابتهاجاً بأيام العيد، ومشاركة لإخوانه فيه. ويقال لذلك "التشريق". وأيام التشريق هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
وكان أهل الجاهلية اذا قضوا مناسكهم وفرغوا من الحج، وذبحوا نسائهم، يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فيقول بعضهم لبعض: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي جزّ نواصي بني فلان. يقولون ذلك عند "الجمرة"، أو عند البيت، فيخطب خطيبهم ويحدث محدثهم. أو انهم كانوا اذا قضوا مناسكهم وأقاموا بمنى قعدوا حلفاً، فذكروا صنيع آبائهم في الجاهلية وفعالهم به، يقوم الرجل، فيقول: اللهم ان أبي كان عظيم الجفنة عظيم القبّة كثير المال، وما شاكل ذلك، فنزل الوحي: "فإذا قضيتم مناسككم، فإذ ذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً".
وكانوا إذا خرج أحدهم من بيته يريد الحج، تقلد قلادة من لحاء السمر، دلالة على ذهابهم إلى الحج، في أمن حتى يأتي أهله. وذكر انه كان يقلد نفسه وناقته، فإذا أراد العودة عادوا مقلدين بلحاء السمر. وروي أنهم إذا أرادوا الحج مقبلين إلى مكة يتقلدون من لحاء السمر، وإذا خرجوا منها إلى منازلهم منصرفين منها، تقلدوا قلادة شعر فلا يعرض لهم أحد بسوء. بقي ذلك شأنهم حتى نزل الأمر بمنع دخول المشركين مكة وبوجوب قتلهم حيث وجدوا.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق