إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 22 يناير 2016

1399 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثاني والسبعون الحج والعمرة التلبية


1399

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل الثاني والسبعون

الحج والعمرة

التلبية

سارت إلى الرحمة تجتنيها وختم "أبو العلاء المعريَ" رأيه عن التلبية بقوله: "والموزون من التلبية، يجب أن يكون كله من الرجز عند العرب، ولم تأت التلبية بالقصيد. ولعلهم قد لبّوا به ولم تنقله الرواة ".

والتلبية هي من الشعائر الدينية التي أبقاها الإسلام، غير أنه غير صيغتها القديمة بما يتفق مع عقيدة التوحيد. فصارت على هذا النحو: "لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك،، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك". كما جعلها جزاً من حج مكة، بعد أن كانت تتم خارج مكة، إذ كانت كل قبيلة تقف عند صنمها، وتصلي عنده ثم تلبي، قبل أن تقدم مكة. وذلك بالنسبة لمن كان يحج مكة. فاًبطل ذلك الإسلام، وألغى ما كان من ذلك من حج أهل الجاهلية. وقد رأينا صيغ التلبيات، وكيف كانت تلبيات القبائل خاصة بها، تلبى كل قبيلة لصنمها، وتوجه نداءها اليه.

وتردد جمل التلبية بصوت مرتفع، ولعل ذلك لاعتقاد الجاهلين أن في رفع الصوت إفهاماً للصنم الذي يطافْ له بأن الطائف قد لبى داعيه، وأنه استجاب أمره وحرص على طاعته. وقد أشار بعض الكتاب "الكلاسيكيين" إلى الصخب والضجيج الذي كان يرتفع في مواضع الحج بسبب هذه التلبية.

وهناك مواضع أخرى غير متصلة بالبيت الحرام، كانت مقدسة وداخلة في شعائر الحج، منها عرفة ومنى والمزدلفة والصفا والمروة، ومواضع أخرى كان يقصدها الجاهليون لقدسيتها أو لوجود صنم بها، ثم حرمها الإسلام، فنسيت وأهملت فذهبت معالمها مع ما ذهب من معالم الجاهليين.

وتقف الحمس في حجها على أنصاب الحرم من نمرة على نحو ما ذكرت أما الحلة والطلس، أي غير الحمس من بقية العرب فيقفون على الموقف من عرفة، عشية يوم "عرفة". فإذا دفع الناس من عرفة وأفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم حتى يلتقوا بمزدلفة جميعاً. وكانوا يدفعون من عرفة اذا طفلت الشمس للغروب وكانت على رؤؤس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم. فيبيتون بمزدلفة حتى اذا كانت في الغلس وقفت الحلة والحمس على "قزح"، فلا يزالون عليه حتى اذا طلعت الشمس وصارت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة، وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير.

ومن مناسك الحج الطواف بالصفا والمروة، وعليها صنمان: اساف ونائلة: وكان الجاهليون يمسحونهما. وكان طوافهم بهما قدر طوافهم بالبيت، اي سبعة أشواط. تقوم بذلك قريش، أما غيرهم فلا يطوفون بهما، وذلك على أغلب الروايات. ويظهر ان الصفا والمروة من المواضع التي كان لها أثر خطير في عبادة أهل مكة. ففي حج أهل مكة طوافان: طواف بالبيت، وطواف بالصفا والمرو ة.

بين الصفا والمروة يكون "السعي" في الإسلام، ولذلك يقال للمسافة بين المكانين "المسعى". وكان إساف بالصفا، وأما نائلة فكان بالمروة. ولا بد ان يكون لاقتران الاسمين دائماً سبب، و "المسعى" هو الرابط المقدس بين هذين الموضعين المقدسين عند الجاهليين.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق