إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

162,658

الثلاثاء، 12 يناير 2016

1013 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثالث والخمسون حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل ادارة المملكة


1013

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
  
الفصل الثالث والخمسون

حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل

ادارة المملكة

لا نستطبع أن نتكلم بوجه صحيح مضبوط عن كيفية إدارة المملكة عندالجاهليين وعن طرق توزيع الأحمال وتقسيم المملكة إلى وحدات إدارية يديرها الموظفون، وعن أسماء تلك الوحدات. إذ لم يصل أي شيء عن ذلك الينا في كتابات المسند أو الكتابات الجاهلية الأخرى. كما لم يصل الينا أى شيء عن النظم الإدارية الجاهلية في كتب أهل الأخبار والتواريخ.

وفي كتب اللغة و الأدب مصطلحات ذات معان إدارية مثل "الطسوج" و "الكور" وردت فيها عرضاً، غير أن ما أورده علماء اللغه عنها لا يبين لنا بوضوح استعمالها ولا الأزمنة التي استعملت فيها، ولا المراد منها. فهم يقولون عن "الطسوج"، الطسوج: الناحية وربع الدانق. وقيل مقدار من الوزن، وقيل معرب واحد من طساسيج السواد. فنحن إذن أمام معان ثلاثة: هي جزء من دانق أو درهم، ومقدار من الوزن وجزء من أرض. والمعنى الثالث هو المعنى الملائم لبحثنا، لأنه يدل على وحدة إداريهَ، كانت مستعملة في العراق بتأثير الحكم الفارسي.

وأما "الكور" فجمع "كورة". قال علماء اللغة انها المدينة والصقع، والمخلاف. وهي القرية من قرى اليمن والكلمة من أصل يوناني،هو "خورة" Khora بمعنى ناحية من بلد، أي مصر. ولم يشر علماء اللغة إلى انها كانت مستعملة في جزيرة العرب. ولعل العربية أخذتها من التسيمات الإدارية لبلاد الشام.

وجاء في أثناء حديث "ألطبري" عن فتح "أمغيشيا" وعن سير خالد بن الوليد اليها، أنها كانت مصراً كالحيرة. وورد في كتب اللغة والأخبار أن "عمر" كان قد مصر الأمصار منها البصرة والكوفة. وذكر علماء اللغة أن المصر الحد. ويظهر من ذلك أن "أمغيشيا" كانت مصراً، أي من إمارات الحدود، التي أقيمت على ألحدود المغربية للدولة الساسانية لحمايتها من الروم ومن غارات الأعراب وغزوهم. وكان اهلها على النصرانية. وان لفظة "مصر" كانت تؤدي هذا المعنى عند ظهور الإسلام.

ولا تظهر التقسيمات الإدارية إلاّ في حكومة كبيرة تحكم مساحة واسعة نوعا ما.

لذا نستطيع أن نتحدث باطمئنان عن وجود تقسيمات ادارية في العربية الجنوبية، لأن حكوماتها كانت قد حكمت أرضين متسعة نوعاً ما، وجعلت البلاد في حكم موظفين تولوا ادارتها. وقسموها إلى وحدات ادارية. أما في الحجاز، فلما كان الغالب عليها عند ظهور الإسلام نظام القرى والمدن، لذلك، فلا يمكن أن نجد فيه شيئاً من هذا التقسيم. وأما ملوك الحيرة، فقد عينوا عمالاً على الاقاليم التي حكموها. ولكن أهل الأخبار لم يذكروا شيئاً عن أنواع العمالات وعن درجات حكامها. لذلك لا نستطيع ألتحدث عنها بشيء.

ولقد سبق لي أن ذكرت أسماء بعض الوظالئف والمناصب في الممالك العربية الجنوبية.

فقلت مثلا" إن درجة "كبر" أي "كبير" هي من المناصب العالية عند العرب الجنوبيين، و "الكر" هو في مقام "محافط" و "متصرف" و "عامل" في مصطلحات الدول العربية في يومنا هذا. ولا أستبعد أن تكون تلك الدول قد أطلقت لفظة "كبر" على الوحدة الادارية التي كانت تحت حكم الكبير.

و "المخلاف"، هي الكلمة التي ترد في كتب علماء اللغة والأخبار عن التقسيمات الادارية الجغرافية لليمن، إذ يذكرون ان "المخلاف" مثل "الكورة" بالنسبة لأهل اليمن، وان اليمن كانت مقسمة إلى مخاليف.

ويعبر عن القرى بالأعراض، والواحد عرض. جاء في بعض كتب عبد الملك بن مروان لعماله: "وليتك المدينة وأعراضها "، أي قراها ونواحيها. وللقرى والمدن حدود ومعالم. خارجها ضاحيتها. وأما داخلها فجوفها، وهو من شعاب، ومن "ربعات". والربع و "الربعة" المحلة والشِعب وجماعة الناس.

وقد أشير إلى "الرباع" في الكتاب الذي أمر الرسول بتدوينه بين "قريش" وأهل يثرب.

ويظهر ان الجاهليين قد عرفوا لفظة "الدسكرة"، بدليل ورودها في الحديث.

وقد ذكر بعض علماء اللغة انها بناء كالقصر حوله بيوت ومنازل للخدم والحشم. وخصصه بعضهم بالملوك. وقال قوم: القرية. ويظهر انهم أخذوها من الفارسية، فهي فيها مدينة وضيعة كبيرة.

و "الضواحي" النواحي، وضواحي الروم ما ظهر من بلادهم. وضواحي مدينة أو قرية ما كان خارج السور أو خارج حدود المدينة أو القرية. وضواحي قريش، النازلون بظواهر مكة، ولذلك قيل لقريش النازلة بظواهر مكهّ، قريش الظواهر. وأهل الضاحية، أو أهل الضواحي، هم أهل البادية، والساكنون على سيف الحضارة وحدودهاْ. وكانت الحكومات تحسب لهم حساباً، وتراقب أحوالهم، خشية مهاجمتهم الحضر.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق