إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 12 يناير 2016

1007 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثالث والخمسون حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل دواوين الدولة


1007

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
  
الفصل الثالث والخمسون

حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل

دواوين الدولة

ولا بد وأن يكون لكل حكومة مهما كان حجمها وشأنها دواوين وسوائر لتنفيذ ما تقرره من أوامر وأحكام، ولجباية ما تفرضه من حقوق على رعينها،ولاحقاق الحق بين الرعية وللدفاع عن حدودها ولضبط الأمن في أرضها، ولا يمكن تصوروجود حكومة، بدون وجود ما ذكرته.

وقد سبق لي أن ذكرت ان قصور الملوك في العربية ألجنوبية كانت موضع حكمهم ومقر عملهم، ولهذا السببُ ذكرت أسماؤها في القوانين،لتكنى بذلك عن صدررها بأمر من الملك وبموافقته عليها. والمفروض ان أولئلك الملوك كانوا قد خصصوا جناحاً أو أجنحة فيها لجلوسهم مع مستشاريهم وكبار موظفيهم للنظر في شؤون الحكم، أو لاستقبال الرسل والوفود الذين يقصدونهم من الخارح أو من داخل المملكة لمقابلتهم ولعرض ما جاؤوا به من رسائل أو طلبات عليهم، وان هنالك مواضع في يجلس فيها الملوك للاستماع إلى شكاوي الناس وظلاماتهم، ومواضع لجلوس الكتاّب وموظفي القصر، ومواضع لخزن السجلات والوثائق. فقصور الملوك، اذن هي بهذا المعنْى، دار الحكم الأولى في تلك الحكومات، والمرجع الأول للرعية في علاقتها وصلتها بصاحب المملكة.

ذلك ما كان بالنسبة إلى عواصم الملوك، أما بالنسبة الى بقية أجزاء المملكة، فإن الحكم فيها هو إلى ولاة وعمال ثم إلى من هم دونهم في المنزلة والدرجة.وبيوتهم هي دور حكمهم يجلس العامل أو الوالي أو "الكبير" في جناح من بيته، ليأتيه من يريد مقابلته من موظفين وكتبة ليقصوا عليه ماعندهم من أخبار وطلبات، وليملي عليهم ما يراه من أحكام وأوامر. وفي هذا البيت أيضا ًيستقبل الضيوف وأعيان البلد وأصحاب الشكاوي والمراجعات. وفيها يقيم مع عائلته. فبيوت الحكام اذن، هي دور اقامة ودور حكم وقضاء بين الناس في ان واحد.

وأما ما ورد في روايات أهل الأخبار من أن ملوك الحرة كانوا قد اتخذوا قصورهم مكاناً للنظر في أمور رعيتهم، ولاستقبال الرسل والوفود، وللاستماع إلى ظلامات الناس وشكاويهم، وانهم كانوا قد أوكلوا أمر ادخال الرعية عليهم إلى حجاب معينين، لا يسمحون لأحد بالدخول على الملك إلا بعد أخذ اذن منه بذلك، فإنه يدل على أن ملوك الحيرة كانوا مثل ملوك العربية الجنوبية ومثل ملوك ذلك الوقت قد اتخذوا بيوتهم داراً للحكم وداراً للاقامة. وان قصر الملك هو أيضاً دار الحكم بين الناس، والمشروع للاحكام.

وإذا أخذنا بما ورد في كتب أهل الأخبار من أن "دار الندوة" كانت مرجع  

اهل مكة في كل أمر من أمورهم صغر أم كبر، حتى أن "الجارية إذا حاضت أدخلت دار الندوة، ثم شق عليها بعض ولد عبد مناف بن عبد الدار ثم درعها إياه وانقلب بها إلى أهلها فيحجبها. وكان عامر بن هاشم بن عبد ماف عبد الدار يسمى محيضا، جاز لنا القول إن تلك الدار كانت دار حكومة.

اليها يرجع أهل مكة في منازعاتهم وفي خصوماتهم وفي أمور سامهم وحربهم. وأن أبناء قصيّ كانوا قد وزعوا أعمالها بينهم على نحو ما سطره أهل الأخبار.

ولفظة "ديوان" من الألفاظ المستعملة في الجاهلية عند عرب العراق، ويذكرعلماء اللغة أنها من الألفاظ المعربة عن الفارسية. وقد كان للفرس دواوين في جملتها ديوان خاص للنظر في أمور العرب، واجبه النظر في صلات "كسرى"مع ملوك الحيرة وسادات القبائل. وليه "زيد" والد "عدي بن زيد العبادي"،فلما توفى "زيد" وليه ابنه من بعده، ثم وليه "زيد بن عدي بن زيد"، بعد مقتل والده على يد "النعمان بن المنذر". ولا أستبعد وجود الدواوين في حكومة الحيرة. فقد كان لها كتّاب تولوا أمور ديوان المراسلة بين ملوك الحيرة، والفرس، وأمور المراسلة فيما بين ملوك الحيرة وبين عمالهم على الأرضين التابعة لهم وبينهم وبن سادات القيائل. أما ما ورد في أخبار أهل الأخبار من أن الخليفة "عمر بن الخطاب"، هو أول من أمر بتدوين الدواوين، فإنهم قصدوا بذلك موضوع تأسيس ديوان العطاء وموضوع تدوين الدواوين في الإسلام. مما لا مجال للبحث عنه في هذا المكان. وورد اسم "الديوان" في الحديث. ذكرا"ّ.

لم أن الرسول قال: "إن للّه حراساً، فحراسه في السماء الملائكة، وحراسه في الأرض الذين يأخذون الديوان ".


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق