858
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السابع و الأربعون
بيوت العرب
لقد تبين لنا مما تقدم إن العرب وان بدوا وكأنهم سواسية كأسنان المشط، الكل متساوون في المعاملة لا فرق عندهم بين غني وفقير، كل معتز بنفسه فخور بفعاله، إلا انهم مع ذلك وفي الواقع طبقيون، لكل طبقة عرف وتقاليد، فبيوتهم تتفاوت عندهم في الشرف والمكانة، هناك بيوت اشتهرت في القبيلة وحافظت على فعالها ومكانتها، وكانت تتفاخر وتتباهى على غيرها فلا تزوجّ أحداً من أبنائها أو بناتها إلا لمن كلن كفؤاً لها.
وقد تحدث أهل الأخبار والأنساب عن بيوت برزت في القبائل وتَفَوّقت على غيرها في ناحية من نواحي الفضل والفخر. فذكر ابن الكلبي: مثلاً إن العدد من تميم في بني سعد، والبيت في بني دارم، والفرسان في بني يربوع، والبيت من قيس في غطفان، ثم في بني فزارة، والعدد في بني عامر، والفرسان في بني سليم، والعدد من ربيعة في بكر، والبيت والفرسان في شيبان.
وكان يقال: إذا كنت من تميم ففاخر بحنظلة، وكاثر بسعد، وحارب بعمرو، وإذا كنت من قيس ففاخر بغطفان، وكاثر بهوازن، وحارب بسليم، وإذا كنت من بكر ففاخر بشيبان، وكاثر بشيبان، وحارب بشيبان.
وقد اشتهرت ثلاثة بيوت شهرة خاصة في الجاهلية القريبة من الإسلام، وهي: بيت بني زرارة، وهم من "بني عبد الله بن دارم" في تميم، وبيت "بني بندر"، وهم من "بني فزارة" من "بني قيس"، وبيت "ذي الجدّين"، وهم من "بني شيبان" من "بكر بن وائل".
وجعل "أبو عبيدة" بيوت العرب ثلاثة: فبيت قيس في الجاهلية بنو فزارة، ومركزه بنو بدر، وبيت ربيعة بنو شيبان، ومركزه ذو الجدين، وبيت تميم بنو عبد الله ابن دارم، ومركزه بنو زرارة. وذكر انه قال: ليس في العرب أربعة اخوة انجب ولا أعدّ ولا اكثر فرساناً من بني ثعلبة بن عكابة. وكان يقال له الأغر والحصن. وبنوه: شيبان و قيس وذهل و تيم الله. وفارس غطفان الربيع بن زياد العبسي، و فاتكها الحارث بن ظالم، وحكمها هرم بن قطبة، و جوادها هرم بن سنان المريّ ؛ وشاعرها النابغة الذبياني. وفارس بني تميم عتيب بن الحرث بن شهاب أحد بني يربوع. وفارس عمرو بن تميم طريف بن تميم العنبري. وفارس دارم عمرو بن عدس، وفارس سعد فدكي بن المنقري، وفارس الرباب زيد الفوارس ابن حصين الضبيّ، وفارس قيس، عامر بن الطفيل، وفارس ربيعة بسطام ابن قيس.
وقال أبو عمرو بن العلاء: بيت بني سعد إلى الزبرقان بن بدر من بني بهذلة بن عوف بن كعب بن سعد، وبيت بني ضبة بنو ضرار بن عمرو الرديم، وبيت بني عديّ بن عبد مناة آل شهاب من بني ملكان، وبيت التيم آل النعمان ابن جساس.
وزعم "ابن الكلبي" إن آل حصن الفزاريين، وآل الجد بن الشيبانيين، وآل عبد المدان الحارثيين. هم أعلى بيوت العرب. ويقال: بيت تميم في بني حنظلة، أي شرفها. فهذه البيوت هي البيوت البارزة المسلم لها بالسيادة والشرف عند الجاهليين على رأي "ابن الكلبي".
وذكر "الجمحيّ": إن الفروسية في اليمن في بني زبيد بن عمرو بن معديكرب. وان شاعر اليمن امرؤ القيس، وأن بيتها في كندة: في الأشعث ابن قيس. لا يختلف في هذا و إنما اختلفَ في نزار. وقال اخباريّ: كان بيت قيس في آل عمرو بن الظوب العدواني، ثم في غني. في آل عمرو بن يربوع، ثم تحوّل إلى بني بدر. فجاء الإسلام وهو فيهم. وقال الاخفش: فرعا قريش هاشم وعبد شمس. وفرط غطفان بدر بن عمرو بن لوذان وسيّار بن عمرو بن جابر. وفرعا حنظلة رياح و ثعلبة ابنا يربوع. وفرعا ربيعة بن عامر بن صعصعة جعفر وأبو يكو ابنا كلاب. وفرعا قضاعة عذرة والحرث بن سعد.
وقد ذكر "الجاحظ" إن هناك قبائل في شطرها خير كثير، وفي الشطر الآخر شرف وضعة. "فمن القبائل المتقادمة التي في شطرها خير كثير، وفي الشطر الآخر شرف وضعة، مثل قبائل غطفان وقيس عيلان، ومثل فزارة ومرّة، وئعلبة، ومثل عبس، وعبد الله بن غطفان، ثم غنيّ و باهلة، واليعسوب و الطفاوة . فالشرف والخطر في عبس وذبيان، والمبتلى والمللّقى والمحروم والمظلوم، مثل باهلة وغنيّ. ومن هذا الضرب تميم بن مرّ، وثور وعكل، وتميم ومزينة. ففيُ عكل وتجم ومزينة من الشرف والفضل ما ليس في ثور".
وذكر "الجاحظ" إن بعض الناس تكبّروا على غيرهم، لما وجدوا لأنفسهم من الجاه والثراء والمكانة، ومنهم: بنو مخزوم، وبنو أمية، وبنو جعفر بن كلاب، وبنو زرارة بن عدس. فلم يكونوا كبني هاشم في تواضعهم، وفي إنصافهم لمن دونهم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق