1521
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل التاسع والسبعون
النصرانية بين الجاهليين
وعرفت أسماء جملة رجال ونساء من هذا الرقيق الذي جيء به إلى مكة والى مواضع أخرى من جزيرة العرب. من هؤلإء نسطاس، ويقصد بذلك أنستاس، وكان من موالي صفوان بن أمية. و "مينا" "ميناس"، و "يوحنا" عبد" صهيب الرومى"، و "صهيب." نفسه لم يكن عربياً، انما كان من بلاد الشام في إلأصل، وهو رومي الأصل ولذلك قيل له "صهيب الرومي". وكان قد جاء مكة فقيراً لا يملك شيئاً، فأقام بها، ثم اتصل بعبدالله بن جُدعان الثري المعروف، و صار في خدمته، ولذلك قيل انه كان مولى من موالي عبدالله بن جدعان. وفي رواية انه كان من "النمر بن قاسط"، سقط أسيراً في الروم فباعوه، فاشترى منهم. وقد ورد في حديث: "صهيب سابق الروم"، فهذا يدل على انه من أصل رومي. وهو من أوائل المسلمين، يذكر انه حينما همَّ بترك مكة والذهاب إلى المدينة بعد هجرة الرسول اليها "قال له كفار قريش:أتيتنا صعلوكاً حقيراً، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد ان تخرج بمالك ونفسلك !! والله، لا يكون ذلك. فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي ? قالوا: نعم، قال: فإني جعلت لكم مالي"، وترك قريشاً ليذهب إلى الرسول.
وكان لبني مخزوم الأثرياء جملة جوار يونانيات، كما كان لدى العبّاس عم النبي جوار يونانيات، وأشير إلى وجود جوار فارسيات. وكان هذا الرقيق الأبيض ذكوراً وإناثاً من جنسيات متعددة، منهم من كان من أصل رومي، ومنهم من كان من عنصر أوروبي آخر، ومنهم من كان من الفرس أو من أهل العراق مثل نينوى وعين التمر، ومنهم من كان من بلاد الشام أو من أقباط مصر، وهم على النصراّنية في الغالب.
وفد كانت في مكة عند ظهور الإسلام جالية كبيرة كثيرة العدد من العبيد، عرفوا ب " الأحابيش". وبين هؤلاء عدد كبير من النصارى، استوردوا للخدمة وللقيام بالأعمال اللازمة لسراة مكة. وقد ترك هؤلاء الأحابيش أثرأ في لغة أهل مكة، يظهر في وجود عدد من الكلمات الحبشية فيها في مثل المصطلحات الدينية والأدوات التي يحتاج اليها في الصناعات وفي الأعمال اليدوية التي يقوم بادائها العبيد. وقد أشار العلماء إلى عدد من هذه الكلمات ذكروا أنها تعربت، فصارت من الكلام العربي. وقد أشاروا إلى ورود بعضها في القرآن الكريم وفي الحديث. ويشير أهل الأخبار إلى ورود بعض الرهبان والشمامسة إلى مكة. وقد كان من بينهم من يقوم بالتطبيب. وقد ذكر الأخباريون أن شماساً كان قد قصد مكة، فعجب الناس به، وقد سمّوا أحدهم به، هو عثمان بن الشّريد ين سويد ابن هرمي بن عامر بن مخزوم، فقالوا له: "شماس".
وذكر "اليعقوبي"، ان ممن تنصر من أحياء العرب، قوم من قريش من بني "أسد بن عبد العزى"، منهم "عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى". وقد ورد في بعض الأخبار انه قدم على قيصر، فتنصر، وحسنت منزلته عنده. وان قيصر ملكه على مكة. ومنحه براءة بذلك، واعترف به. وقد سبق ان تحدثت عنه في اثناء كلامي على مكة. وقد ذكرت ان من الصعب تصور بلوغ نفوذ القيصر هذا الحد من جزيرة العرب،فلم يتجاوز نفوذ الروم الفعلي في وقت ما من الأوقات أعالي الحجاز. ولكن ذلك لا يمنع من تقرب السادات وتزلفهمً إلى عمال الروم وموظفيهم في بلاد الشام، باظهار انهم من المخلصين لهم المحبين للروم، وانهم من كبار السادات ذوي المكانة والنفوذ، للحصول على مكاسب مادية ومعنوية منهم، تجعل لهم مكانة عند أتباعهم وجاهاً ومنزلة ونفوذاً على القبائل الأخرى. وقد كان الروم يعرفون ذلك معرفة جيدة، بفضل دراستهم لنفسية الأعراب، ووقوفهم على طبائع سادات القبائل، فكانوا يشجعون هذا النوع من التودد السياسي لكسب العرب وجرهم إلى جانبهم.
وعد "ورقة بن نوفل" في جملة المتنصرين في بعض الروايات، فقد ذكر انه "تنصر واستحكم في النصرانية، وقراً الكتب، ومات عليها".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق