إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 يناير 2016

1515 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل التاسع والسبعون النصرانية بين الجاهليين


1515

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
       
الفصل التاسع والسبعون

النصرانية بين الجاهليين


وقد سكن قوم من "إباد" السواد والجزيرة، وسكن قوم منهم بلاد الشام، فخضعوا للغساسنة وللروم وتنصروا. وهم في جملة القبائل التي لم يأخذ علماء العربية اللسان عنها لمجاورتها اهل الشام، ولتأثرها بهم،وهم قوم يقرؤون ويكتبون بالسريانية، فتاثروا بهم، لروابط الاحتكاك والثقافة والدين.

وقد ترك لنا رجل من نصارى الشام نصاً قصيرأَ مؤرخاً بسنة "463" المقابلة لسنة "568" للميلاد، وهي غير بعيدة عن ميلاد الرسول جاء فيها: "نا شرحيل بر ظلمو بنيت ذا المرطول سنت 463 بعد مفسد خيبر بعم"،أي "أنا شراحيل بن ظالم بنت ذا المرطول بعد مفسد"خيبر" بعام". هوعلى قصره ذو أهمية عظيمة من الناحية اللغوية، إذ هو النص الجاهلي الوحيد الذي وصل الينا مكتوباً باللهجة التي نزل بها القرآن الكريم. وهو على ما أعلم النص الجاهلي الوحيد أيضاً الذي وصل الينا مكتوباً بصيغة المتكلم،فالنصوص الأخرى التي وصلت الينا والمكتوبة يمختلف اللهجات العربية مدوّ نة كلها بضمير الغائب. وهو أيضاً من النصوص العربية القليلة التي تركها النصارى العرب لمن بعدهم في بلاد الشام.

وقد استغل الروم العربَ المتنصرة بأن أثاروا في نفوسهم العواطف الدينية على المسلمين، حينما عزم المسلمون على فتح بلاد الشام وطرد البيزنطيين منها، وأغروا سادات القبائل بالمال وبالهدايا وبالوعود حتى اشتروهم فصاروا إلى جانبهم.

والمصالح الشخصية هي فوق كل مصلحة عند سادات القبائل، لا تعلوها عندهم مصلحة، فانضموا اليهم، وجاءوا بقبائلهم لتحارب معهم. ومن هذه القبائل العربية التي حاربت مع الروم، غسان. حاربوا معهم في معارك عديدة. ففي يوم اليرموك كانوا في صفوف الروم، وكان رئيسهم "جبلة بن الأيهم الغساني" في مقدمة الجيش الذي أرسله هرقل لمحاربة المسلمين. كان على رأس مستعربة الشام من غسان ولخم وجذام. وقد اشترك مع الروم في حروب أخرى ضد المسلمين.

وكانت "سليح" في جملة القبائل العربية المتنصرة التي حاربت المسلمين. ولما تقهقر الروم وانهزموا، دفعوا الجزية لاحتفاظهم بدينهم. وكذلك كانت عاملة ولخم وجذام في جملة القبائل المتنصرة التي ساعدت الروم، وآزرتهم. كانوا مع الروم مثلاً حين مجيء الرسول إلى "تبوك". وظلوا إلى جانبهم يؤيدونهم حتى تبين لهم أن النصر قد تحول للمسلمين، وأن الهزائم قد حالفت الروم، عندئذ انضمت في جملة من انضم من منتصرة العرب إلى المسلمين لمحاربة الروم.

وكادت قبيلة "تغلب " الساكنة غرب الفرات، أن تفر إلى بلاد الروم وتلحق بأرض الروم، لما غلب البيزنطيون على أمرهم وفتحت بلاد الشام والعراق أمام المسلمين. ولما خيرت بين البقاء على دينها ودفع الجزية وبين الدخول في الإسلام، أنفت من دفع الجزية، ورضيت بدفع ضعف الصدقة التي تؤخذ من المسلمين في كل سائمة وأرض.

وقد نزحت "إياد" إلى بلاد الروم ويقيت بها، ثم عاد جمع منها لاخراج القيصر إياهم، فنزلوا بلاد الشام والجزيرة وانضموا إلى اخوانهم في الجنس.

 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق