1506
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل التاسع والسبعون
النصرانية بين الجاهليين
ولم تكن اليهودية، الديانة السماوية الوحيدة التي وجدت لها سبيلاَ إلى جزيرة العرب، بل وجدت ديانة سماوية أخرى طريقاً لها إلى العرب، هي الديانة النصرانية. وهي ديانة أحدث عهدأ من الديانة الأولى، لأنها قامت بعدها، ونشأت على أسسها ومبادئها، ولكنها كانت أوسع أفقاً وتفكيراً من الأولى. فبينما حبست اليهودية نفسها في بني اسرائيل، وجعلت إلهها إلَه بني اسرائيل شعب الله المختار، جعلت النصرانية ديانتها ديانة عالمية جاءت لجميع البشر. وبينما قيّدت اليهودية أبنائها بقيود تكاد تضبط حركاتهم وسكناتهم، وفرضت عليهم فروضاً ثقيلة، نجد النصرانية أكثر تساهلاً وتسامحاً، فلم تقيد أبنائها بقيود شديدة، ولم تفرض عليهم أحكاماً اشترطت عليهم وجوب تنفيذها. وقد قام رجال الدين النصارى منذ أول نشأتها بالتبشير بها،وبنشرها بين الشعوب، وبذلك تميزت عن اليهودية التي جمدت، واقتصرت على بني اسرائيل.
ولفظة "النصرانية" و "نصارى" التي تطلق في العربية على أتباع المسيح، من الألفاط المعربة.يرى بعضى المستشرقين أنها من أصل سرباني هو: "نصرويو" Nosroyo، "نصرايا" Nasraya، ويرى بعض آخر أنها من Nazerenes التسمية العبرانية التي أطلقها اليهود على من اتبع ديانة المسيح. وقد وردت في العهد الجديد في "أعمال الرسل" حكاية على لسان يهود. وبرى بعض المؤرخين أن لها صلة "بالناصرة" التي كان منها "يسوع" حيث يقال: "يسوع الناصري" أو أن لها صلة ب "الناصريين" Nasarenes=Nazarenesاحدى الفرق القديمة اليهودية المتنصرة. وقد بقي اليهود يطلقون على من اتبع ديانة المسيح "النصارى"، وبهذا المعنى وردت الكلمة في القرآن الكريم، ومن هنا صارت النصرانية علماً لديانة المسيح عند المسلمين.
ولعلماء اللغة الاسلاميين آراء في معنى هذه الكلمة وفي أصلها، هي من قبيل التفسيرات المألوفة المعروفة عنهم في الكلمات الغريبة التي لا يعرفون لها أصلاً. وقد ذهب بعضهم إلى أنها نسبة إلى الناصرة التي نسب اليها المسيح. وزعم بعض منهم أنها نسبة إلى قرية يقال لها "نصران"، فقبل نصراني وجمعه نصارى. وذكر أن "النصرانة" هي مؤنث النصراني.
ولم أعثر حتى الآن على نص جاهلي منشور وردت فيه هذه التسمية. أما في الشعر الجاهلي، وفي شعر المخضرمين، فقد ذُكر ان أمية بن أبي الصلت ذكرهم في هذا البيت: أيام يلقى نصاراهم مسيحهم والكائنين له وداً وقربانـا
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق