1474
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل السادس والسبعون
اليهودية بين العرب
وقد تكون بعض القبائل اليهودية التي ذكر أسماءها الأخباريون قبائل يهودية حقاً، أي من الجماعات اليهودية التي هاجرت من فلسطين في ايام القيصر "طيطوس" "Titus"، أو "هدريان" Hadrian""، أو قبل ايامهما، أو بعدها، ولكن بعضاً آخر منها، لم يكن من أصل يهودي، انما كانت قبائل عريية دخلت في دين يهود، ولا سيما القبائل المسماة باسماء عربية أصيلة. ولبعض هذه الأسماء، صلة بالوثنية تشعر انها كانت على الوثنية قبل دخولها في دين يهود. والظاهر انها تهودت إما بتأثير التبشير، وإما باختلاطها ودخولها في عشائر يهودية جاورتها فتأثرت بديانتها. وقد ذكر البكري ان "بنى حشنة بن عكارمة"، وهم من بليّ قتلوا نفراً من بني الربعة، ثم لحقوا بتيماء "فأبت يهود ان يدخلوهم حصنهم وهم على غير دينهم، فتهودوا، فاًدخلوهم المدينة. فكانوا معهم زماناً، ثم خرج نفر إلى المدينة، فاظقر الله الإسلام، وبقية من أولادهم بها". وهنالك بطون أخرى عربية الأصل كانت على دين يهود.
وقد اشتهر يهود خيبر من بين سائر يهود الحجاز بشجاعتهم. وخيبر موضع غزير المياه كثيره، وقد عرف واشتهر بزراعته وبكثرة ما به من نخيل. وعند اجلاء اليهود عن خيبر، تفرقوا فذهب بعض منهم إلى العراق، وبعض آخر إلى الشام، وبعض منهم إلى مصر. وقد بقوا في كل هذه المواضع متعصبين لوطنهم القديم خيبر، ينادون بشعارهم الذي كانوا ينادون به قبل الإسلام، وهو: "يا آل خيبر".
وقد اشتهرت "خيبر" وعرفت بالحمى. حتى نسبت اليها، فقيل لها "حمى خيبرية". وكان من أساطيرهم إذ ذاكِ، أن من أراد دخولها فعليه بالتعشير ليتخلص منها. وكان من أوابدهم فيما يزعمون أن الرجل إذا ورد أرض وباء ووضع يده خلف اذنه، فنهق عشر نهقات نهيق الحمار، ثم دخلها أمن من الو باء.
وزعم أن يهود خيبر هم من نسل "ركاب" المذكور في التوراة، وأن "يونادب"،Jonadab "جندب" ابنه: تبدى مع أبنائه ومن اتبعه، وعاش عيشة تقشف وزهد وخشونة، وأن نسلهم هاجر بعد خراب الهيكل الأول إلى الحجاز حتى بلغوا خيبر، فاستقروا بها، واشتغلوا بزراعة النخيل والحبوب، وانهم اقاموا فيها قلاعاً وحصوناً تحميهم من غارات الأعراب عليهم. ذكر بعض الأخباريين أنها ولاية من سبعة حصون، منها: حصن ناعم، والقموص حصن ابن أبي الحقيق وهو أقواها وأعزها وقد أقيم على مرتفع من الأرض حماه وعزز دفاعه، وحصن الشق، وحصن النطاة، وحصن السلالم، وحصن وجده، وحصن الوطيح، وحصن الكتيبة "الكثيبة". وقد أخرجوا منها وأجلوا عنها زمان عمر بن الخطاب.
وقد زعم بعض الأخباريين ان خيبر لفظة عبرانية، وان معناها الحصن في عربيتنا. وزعم بعض آخر انها نسبة إلى رجل اسمه "خيبر بن فاتيه بن مهلاييل"، سميت خيبر باسمه، لأنه كان أول من نزلها. وذهب "وايل" Weil، إلى ان اللفظة لفظة عبرانية، وهي بمعنى مجموعة مستوطنات. أما "دوزي"، فقد أخذ بالرواية العربية، فزعم ان "خيبر"، كناية عن جماعة من اليهود هاجرت في أيام السبي من فلسطين الى هذا الموضع، وهي من نسل "شفطيا بن مهللئيل" من "بني فارص". وان "فاتيه"، هو تحريف "شفطيا" Shaftja المذكور في سفر "نحميا" من أسفار التوراة، وهو ابن "مهللئيل"، الذي هو "مهلاييل" عند أهل الأخبار. وزعم ان زمان هجرة هذه الجماعة يتناسب تماماً مع الرواية القائلة ان هجرة اليهود إلى جزيرة العرب كانت، في ايام "بخت نصر".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق