إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1466 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل السادس والسبعون اليهودية بين العرب


1466

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
    
الفصل السادس والسبعون

اليهودية بين العرب

والحديث عن اليهودية بين العرب، وعن وجود يهود في أنحاء من جزيرتهم، لا يمكن ان يكون حديثاً تأريخياً مبني على العلم اذا ارتفعنا به إلى الميلاد والى ما قبل الميلاد. ولا يعني كلامي هذا عدم وصول يهود إلى جزيرة العرب،وعدم إقامتهم في أماكن منها. فهذا كلام لايمكن أن يقال، ولا يمكن قبوله. انما أريد ان أقول اننا لا نملك نصوصاً تأريخية تخولنا ان نتحدث عن اليهود في جزيرة العرب قبل الميلاد حديثاً،علمياً، بأن نعين المواضع التي نزلوا فيها، والأماكن التي وصلوا اليها، وما فعلوه هناك، وفي أي عهد كان ذلك، ومن قادهم إلى تلك الأنحاء، ومن استقبلهم استقبالاً حسناً، أو استقبلهم استقبالاً سيئاً من الجاهليين? وقد عرف اليهود عند الجاهليين، وورد ذكرهم في الشعر الجاهلي. ولا بد من وقوف الجاهليين على أحوالهم، لأنهم كانوا كما سنرى يسكنون في مواضع عديدة معروفة تقع ما بين فلسطين ويثرب، كما سكنوا في اليمن وفي اليمامة وفي العروض. وكان تجار منهم يقيمون فى مكة وفي مواضع أخرى من جزيرة العرب للاتجار واقراض المال بربا فاحش للمحتاجين اليه.

ومعارفنا عن يهود جزيرة العرب مستمدة من الموارد الإسلامية. والسبب في ورود خبرهم في هذه الموارد،هو اصطدامهم بالإسلام، ومقاومتهم له حينما دعاهم الرسول إلى الدخول فيه، فنزل فيهم الوحي، وأشير اليهم في الحديث، وذكروا في كتب التفسير والسير والتواريخ والأدب. ومن هنا تجمعت معارفنا عن يهود الجاهلية. ولهذا تجد الحديث عن يهود الجاهلية لا يرتقي كثيراً عن عصر النبوة، ولا يبتعد عنه ولكني لا استبعد احتمال تغير الحال، إذا ما عثرالمنقبون في المستقبل على كتابات جاهلية قد تكون مطمورة في الوقت الحاضر في باطن التربة، يكون لها صلة بيهود جزيرة العرب، أو إذا ما عثر على مؤلفات ووثائق مكتوبة عبرانية أو غير عبرانية قد تكون مجهولة عن ذوي العلم في الوقت الحاضر، تكون لها صلة وعلاقة بأمر يهود جزيرة العرب قبل الإسلام.

وقد وردت لفظة "يهود" معرفة في القرآن الكريم. أي على هذا الشكل:"اليهود". وردت في مواضع من سورة البقرة. ومن سورة المائدة ومن سورة التوبة. وكلها سور مدنية. ولم ترد في سورة من السور المكية. كما وردت لفظة "يهودياً" في سورة آل عمران، وردت في شرح ديانة "ابراهيم": )ما كان ابراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً". وهي من السور المدنية كذلك.

وعبر القرآن الكريم عن اليهود وعن معتنقي اليهودية ب " الذين هادوا"، وب "من كان هوداً" و "كونوا هوداً" و " كانوا هوداً" وسورتي الأنعام والنحل من السور المكيّة. وبناء على ذلك تكون جملة "الذين هادوا" قد نزلت قبل نزول لفظة "اليهود" في القرآن الكريم.

وقد عبر عن العبرانيين عامة ب "بني اسرائيل" في القرآن الكريم. عير عنهم في سور مكية وفي سور مدنية. ويلاحظ ان ورود هذا التعبير في القرآن الكريم، هو أكثر بكثير من ورود لفظة "اليهود" فيه.

ولما كانت فلسطين امتداداً طبيعياً للحجاز،كان من الطبيعي اتصال سكانها بالحجاز، واتصال سكان الحجاز بفلسطين، وذهاب جاليات يهودية إلى العربية الغربية،للاتجار وللاقامة هناك، خاصة بعد فتوح الدول الكبرى لفلسطين، واستيلائهاعليها، وهجرة اليهود إلى الخارج. فكانت العربية الغربية لاتصالها بفلسطين من الأماكن الملائمة المناسبة لهجرة اليهود اليها، واقامتهم فيها، ولا سيما عند مواضع المياه وفي الأرضين الخصبة العامرة. غير اننا لا نستطيع، كما قلت، التحدث عن هجرة اليهود هذه إلى هذه الأنحاء حديثاً علمياً معززاً بالكتابات وبالتواريخ.

ولم يترك يهود جزيرة العرب لهم أثراً مكتوباً يتحدث عن ماضيهم فيها. وكل ما عثر عليه منهم، نصوص معدودة، وجدت في اليمن، لا تفصح بشيء ذي بال عن اليهود واليهودية. كذلك لم يصل الينا ان أحداً من المؤلفين والكتبة العبرانيين ذكر شيئاً عن يهود الجاهلية. وليس لنا من تأريخ اليهود في جزيرة العرب إلا ما جاء في القرآن الكريم وفي الحديث وكتب التفسير والأخبار والسير.

فمادتنا عن تأريخ اليهودية في العربية، لا ترتقي إلى عهد بعيد عن الإسلام.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق