إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 25 يناير 2016

1461 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الخامس والسبعون الحنفاء


1461

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
   
الفصل الخامس والسبعون

الحنفاء


ولا نعلم عن حياة ورقة في ايام شبابه شيئاً، ولعله كان يعين اهله أو إقربائه في اتجارهم مع بلاد الشام أو اليمن شأن اكثر شبان أسر مكة المعروفة فىِ ذلك الوقت. فتَعلم بذلك سلوك الطرق الموصلة إلى العراق أو بلاد الثأم، ومن هنا اندفع نحو خارج الجزيرة يلتمس الحكمة والوصول إلى رأي يقنعه في الحياة. ويظهر انه لم يكن في شبابه من اولئك الشباب الخاملين الذين كانوا يصرفون وقتهم في فراغ دائم، دون عمل ولا تفكير، متوسدين الأرض يقتلون فراغهم في ترهات الكلام، كما انه لم يكن من اولئك الطائشين النزقين الذين يقضون وقتهم في النزاع والخصومة وشرب الخمر والاعتداء على الناس، والحصول على المال للانفاق على اللهو بأية طريقة كانت، بل كان شاباً متأملاً مفكراً منكمشاً على نفسه، مكنه علمه بالكتابة والقراءة من قراءة الكتب والاطلاع على آراء الماضين والحاضرين، حتى جاء يوم، دفعه اجتهاده الذي وصل اليه على الخروج على تقاليد قومه وانتقاد الأوضاع التي كانوا عليها، مما حمله على ترك مكة طوعاً أو قهراً، والتجول للبحث أو فراراً من غضب قومه عليه.

وهو ابن عم خديجة الكبرى زوج الرسول. وقد أشير اليه في خبر "مجيء جبريل إلى النبى في حراء"،وله كلام مع الرسول على ما ورد في بعض الروايات،يقال إنه قال للرسول و كَان قد ذهب اليه مع زوجته خديجة ليسأله رأيه فيما رآه من الرؤيا: "ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك !" وان الرسول قال له: أمخرجي هم ? قال: نعم، إنه لم يجيء رجل قط بما جئت به إلا عودي، ولئن أدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً". وأشير اليه في خبر آخر، حيث ورد أن "خديجة" ذهبت وحدها إلى ابن عمها لتسأله عن الرؤيا التي رآها الرسول وعن هذا الناموس الأكبر" الذي تجلى له. فلما قصت عليه القصة قال: "لئن كنتِ صادقة، إنّ زوجك لنبي، وليلقينمن أمته.شدة، ولئن أدركته لأومنن به".

وذكر في خبر آخر أن الرسول قد رأى "ورقة" في منامه، وكان لابساً ثياباً بيضاً، وان الرسول ذكر ذلك لمن سأله عنه، وبين لهم انه لو كان من أهل النار لما ظهر له في منامه وهو بهذه الملابس. لأن أهل النار. لا يلبسون ثياباً بيضاً. ويروى أن الرسول قال:"لا تسبّوا ورقة بن نوفل، فإني رأيته في ثياب بيض". قيل إن شخصاً تساب مع أخ لورقة بن نوفل،فسب ورقة ليحرق قلب أخيه، فبلغ ذلك الرسول، فنهى عن سبّه.

وجاء في خبر ان "ورقة" كان يمر بمكة فيرى بلالاً وهو يعذَّب، يعْذبه المشركون برمضاء مكة، يلصقون ظهره بالرمضاء، ويضربونه يريدون منه ان يشرك بالله، فلا يشرك به. ويأبى إلا ان يقول: أحد أحد،فيرثي ورقة لحاله ويقول: أحد أحد والله يا بلال. والله لئن قتلتموه فأنتم من الخاسرين. أو "والله لئن قتلتموه، لاتخذن قبره حناناً".

ويظهر من الأخبار المتقدمة ان "ورقة بن نوفل"، كان قد أدرك ايام الرسول وعاش إلى يوم نزول الوحي عليه. بل يظهر من خبر رؤيته لبلال وهو في حالة تعذيبه،انه عاش مدة بعد نزول الوحي. غير إن الأخبار المذكورة لا تنص على اسلامه، ولم نجد أحداً قد نص على ذلك. أما خبر رؤيا الرسول له في منامه، فانه يدل على عدم إسلامه، وعلى انه كان قد توفي قبل نزول الوحي على الرسول. وهو الرأي الراجح. وهذا ما حمل أحد المؤرخين على القول: وقد اختلف فيه، فمنهم من زعم انه مات نصرانياً ولم يدرك ظهور النبي. ومنهم من رأى انه مات مسلماً وانه مدح النبي. وقد ورد في بعض الأخبار ان الرسول قال لما توفي ورقة: "لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير، لأنه آمن بي وصدقني". وورد مثل ذلك من أحاديث زعم ان الرسول قالها في حق ورقة، وهي كلها تشير إلى وفاة ورقة قبل المبعث، وعلى دينه، إذ لم يدرك الإسلام.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق