إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 12 يناير 2016

1011 ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي الفصل الثالث والخمسون حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل الأقيال


1011

( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
  
الفصل الثالث والخمسون

حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل

الأقيال

والأقيال هم طبقة من كبار الإقطاعيين من أصحاب الأرضين الواسعة، ومن رؤساء القبائل كذلك والسادات الكبار. وكانوا يتمتعون بسلطان واسع، ويقال للواحد منهم: "قول" في المسندَ، و "قيل" في عربيتنا. والجمع "اقول"، أي أقيال.

وقد جاء فيء كتابات المسند ذكر أقيال عديدين، مثل أقيال "سمعي، وأقيال "بكيل" من "ال مرثد". وقد كان على مدينة "صرواح" حاكم درجته درجة قيلْ. وورد ذكر "اًقيال حمير" في "حصن غراب"، وذكر الأقيال في نص "أبرهة"، كما ورد في نصوص عديدة أخرى.

و "القول" في الأصل المتحدث باسم قوم أو جماعة من فروع قبيلة. كأن يكون رئيس حيّ أو عشيرة أو ما شاكل ذلك من القبيلة،ثم توسع نفوذه وازداد شأنه حتى صار في منزلة "كبر" كبير، بل حل محله. وعند ظهور الإسلام، كان للاقيال النفوذ الأوسع في العربية الجنوبية، حتى حكموا المخاليف، كالذي يظهر لنا بجلاء من وصف أهل الأخبار لنظام الحكم في اليمن عند ظهور الإسلام.

وقد لقب أكثرهم نفسه بلقب "ملك"، مع أنه دون الملك في الحكم وفي امتلاك الأرض بكثير. بل كان حكم بعضهم أقل من حكم سيد قبيلة.

وذكر علماء اللغة أن "المقول": المقيل بلغة أهل اليمن، وهو دون الملك الأعلى، والجمع "أقوال" و "اقيال". وذكر منهم: أن القيل هو الملك النافذ القول والأمر، وقيل: الأقيال، ملوك اليمن دون الملك الأعظم، واحدهم قيَل، يكون ملكاً على قومه ومخلافه ومحجره. وقد سمى قيلاً لأنه إذا قال قولاً نفذ قوله. وعرف أنه الملك من ملوكِ حمير يقول ما شاء. وقد كتب الرسول إلى "وائل بن حجر" ولقومه: " من محمد رسول الله الى الأقوال العبَاهلة، وفي رواية الى الأقيال العبَاهلة ".

وذكر علماء اللغة أن العبَاهلة، هم الذين أقروا على ملكهم لا يزالون عنه، وعباهلة اليمن ملوكهم الذين أقروا على ملكهم.

ووردت في النصوص السبئية لفظة "قبت"، يظن أفها بمعنى "نائب الملك" "نائب ملك".

وجاء في بعض النصوص المعينية ذكر منصب، عنوانه "حفيه نفس" "ح ف ي ه ن ف س" "حفي نفس" "حافي نفس"،يظهر ان صاحبه كان مكلفاً أن يعمل أعمالاً خاصة، مثل النظر،في شؤون الماء، أي في توزيعه، وفي الخصومات التي قد تقوض أجله، ومثل القيام بالاشراف على الأبنية والأعمال العامة وافتتاحها باسم الملكْ.

ويظهر من بعض النصوص المعينية أيضاً انه كان يعاون هذا الموظف القضائي موظفان، وضعا تحت إمرته، يقال لمنصبهما "ربقهى معن"، ربما كانا بمثابة كاتبين عنده.

ويظهر ان حكومة "معَين" كانت قد كلفت جماعة أخرى النظر في شؤون الري عرفت ب "اهل طبنتم" وب "اطبنو". وإذا علمنا مما للمياه من شأن في بلاد العرب، عرفنا السبب الذي جعل ملوك "معين" يعتنون عناية خاضة بشؤون الرى حتى جعلوا لها موطفين خاصين واجبهم رعاية هذه الشؤون.

ويرد في الكتايات ذكر منصب، يقال له: "مقتوي"، والجمعع "مقتت".

ويعبر عنه ب "مقتوى ملكن"، أي "مقتوي إلملك". ويظن بعض الباحثين ان المقتوي أو "مقتوي الملك"، هو ضابط كبير، أو هو تعبير عن قائد أو مشاور عسكري، اختصاصه تقديم الرأي ألى الملك في الأمور الحربية وقيادته للجيش، فهو معتمد الملك في هذه الأمور. وقد تؤدي اللفظة معنى"أمير" في العرف الإسلامي في صدر الإسلام. وهو من تشد اليه قيادة الجيش وإدارة الادارة التي توكل اليه وتحدد له حدود "جنده".

وقد أظهرت نصوص المسند وجود "مقتوت" أيضاً، أي نساء مقتويات.

وقد فسرها الباحثون ب "كاهنة".

وعرف من يقوم بإدارة وحدة من الوحدات الإدارية ب "سمخض" ومعناها "مدير"، فيكون المعنى: مدير أرض، ويكون واجبه الإشراف على الأرض التي وُكل أمر إدارتها اليه، فواجبه إذن هو واجب سياسي وإداري، وأما وظيفته، فيقال لها "سمخضت ارض"، أو "سخضت" "سمخضة"، ومعناها إدارة أرض، أو "إدارة".

ويعنى مصطلح "امنهت" "امنهات" "اهل امنهتن" المعيني، منصباً دينياً مختصاً بالإشراف على معامل المعابد،تتولاه امرأة، ويقابل "امنت ذ عثتر" "امنت ذي عثتر" في القتبانية. وقد ورد معه مصطلح "منوت" "منوات" في بعض الكناباتْ.

ومن الوظائف وظيفة "ملوطن ملك" "ملوطن"، وقد تعني وظيفة إدارية تنظر في شؤون أملاك الملك. وقد ورد ذكرها في النصوص السبئية المتأخرة.

وأما مصطلح "اذن قنى" الذي ورد في أحد النصوص: "اذن قنى ملك حضرمت"، "اذن قنى ملك حضرمرت"فقد يعني المأذون بإدارة مقتنيات الملك وامواله.

واما "حشرو"، فقد تعني جماعة واجبهم جمع الحشر للدولة. وقد يكون لهذه اللفظة علاقة مع ما ورد في الموارد الإسلامية عن "الحشر" و "الحشور". فقد جاء في الحديث: "إن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يعشروا ولا يحشروا"، " أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل: لآ يحشرون إلى عامل إلزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذها في أماكنهم، ومنه حديث صلح أهل نجران:على أن لا يحشروا، وحديث النساء: لا يعشرون ولايحشرون يعني للغزاة، فإن الغزو لا يجب عليهن ". فالحشر إذن قد يكون موظفاً خصحص بحباية الضرائب، أو بجمع الحشور أي الناس الذين يحشرون ويجمعون للحروب أو للقيام بأعمال اجبارية، فهم مثل "السخرة" الذين يجمعون جمعاً لأداء أعمال من غير اجر وهو "الحاشر" في لغتنا.

واما الذي يتولى جباية الضرائب والاشراف على الموظفين الذين توكل الجباية اليِهم، فيقال له: "نحل"ويقال لوظيفته "نحلت".ويذكر كل علماء اللغة ان "النحلة" بمعنى العطية،وان النحل اعطاؤك الإنسان شيئاً بلا استعاضة، وعمّ به بعضهم جميع أنواع العطاء.ويظهرمن هذا التفسير ان له بعض الصلة بمعنى اللفظة في المسند، وان المراد منها في اللغات العربية الجنوبية أخذ المال من الناس. فقد كان الملوك يعطون الأرض لأتباعهم والمقربين لديمهم ممن يخدمونهم لاستغلالها، وذلك في مقابل دفع تعويض عام، فيقوم هؤلاء باستغلال ما أعطي لهم بأنفسهم، أو بتأجر الأرض قطعاً إلى من هم في خدمتهم، فيأخذون الربح لهم،ويقدمون ما اتفق عليه مع الملك إلى خزانته.

ويصرف الموظفون الذين يجمعون حصة الحكومة المخصصهّ باسم الجيش، من الحبوب ب "ساولت" "س ا و ل ت". وهي ضريبة عسكرية يؤديها المزارعون من الحضر والأعراب إلى الحكومة، لتموين الجيش ببعض مايحتاح اليه من طعام. وتعرف هذه الضريبة العسكرية بتلك التسمية كذلك. فهي ضرببة من ضرائب غلات الأرض.

ويظهر من بعض الكتابات ان بعض الاقطاعات كانت في ادارة مجلس يتألف من ثمانية أشخاص عرفوا ب "ثمنيتن" أي "الثمانية"، فهم بمثابة مجلس مديري شركة يدير أمور تلك المقاطعة، أو بمثابة مشروع زراعي تعاوني، يتعاون فيه الأشخاص بإدارة ذلك المشروع، وقد تكون هنالك اقطاعات بإدارة أناس يزيد عددهم على هذا العدد أو ينقص عنه.

وقد ذهب "رودوكناكس" Rhodokanakis إلى احتمال وجود طبقة خاصة من الموظفين عرفت ب "ابعل سير"، كانت تحكم إلى جانب الطبقة المثمنة المؤلفة من الأشخاص الثمانية.

وظهر من النصوص القتبانية وجود جماعة من الموظفين نيطت بهم مهمة الإشراف على إدارة المعابد وتمشية شؤون الأوقاف المحبوسة على المعبد. يقال لها "اربى"، والواحد هو "ربي". ومهمته أيضاً جمع الأعشار والنذور التي تقسم إلى المعابد. فهم كهيئات "الأوقاف" في البلاد العربية والإسلامية في الوقت الحاضر.

وذكر علماء اللغة "المحاجر"، وقالوا عنهم: إنهم أقيال اليمن، وهم الاحماء،كان لكل واحد منهم حمى لا يرعاه غيره. وأن المحجر ما حول القرية. ويظهر أنهم قصدوا بهم أصحاب الإحماء، أي الإقطاع، الذين استقطعوا الأرضين واستخلصوها لأنفسهم، ولم يسمحوا لأحد بالدخول اليها للرعي أو للاستفادة منها بغير اذن منهم.فهم أصحاب الإقطاع والإحماء. فحجروا بذلك على خيرة الأرضين المحيطة بالقّرى، وجعلوها خاصة بهم لا يرعاها غيرهم، لما كان لهم من نفود وسلطان.

هذا ما عرفناه من أصول الحكم عند العرب الجنوبيين. أما بالنسبة إلى العرب الشماليين، فإن معارفنا بنظام الحكم عندهم نزر يسير، لعدم ورود شيء ما عن نظام الحكم في "الحيرة" أو في مملكة الغساسنة في كتابة جاهلية. أما أخبار أهل الأخبار، فإنها قليلة في هذا الموضوع،وهي لا تنص على نظم الحكم عندها نصاً، وإنما تشير اليها إشارة، وتومىء إيماء، ولذلك لا تقدم إلينا رأياً واضحاً صحيحاً في أصمول الحكم عند العرب الشماليين.

ويظهر من أخبار الأخباريين عن ملوك الحيرة ان أولئك الملوك لم يكونوا مثل لا ملوك اليمن من حيث استشارة المجالس وتوزيع أعمال الحكومة. وطبيعي أن يكون هنالك فرق بين أصول الحكم في العربية الجنوبية، وأصول الحكم في الحيرة، لما بين طبيعتي الحكومتين من اختلاف في نواح عديدة، تجعل وجود الإختلاف في نظم الحكم أمراً لا بد منه. فإدارة الحكم في "الحيرة" متأثرة بالنظم السياسية الساسانية، وظروف البادية والبداوة وهي الغالية على سواد التابعين لملوك الحيرة، ولا يمكن تطبيق ما يطبق في المجتمع الحضري على المجتمع البدوي.

لم وإذا أخذنا "الردافه" على أنها منصب أو منزلة ودرجة خاصة في حكومة "الحيرة"، فإننا نستطبع أن نقول إنها أسمى وظائف تلك الحكومة أو أعلى درجاتها، وأنها من المنازل العليا عند ملوكهم.فقد ذكر أهل الأخبار أن الردف هو الذي يجلس على يمين الملك. فإذا شرب الملك، شرب الردف قبل الناس، وإذا غزا الملك،، قعد الردف في موضعه، وكان خليفته على الناس حتى ينصرف، وإذا عادت كتيبة الملك، أخذ الردف ربع الغنيمة. وكان للردف أن يخلف الملك إذا قام عن مجلس الحكم، فينظر بين الناس بعده. وذكر: ان هناك ردافة أخرى، ولكنها دون الردافة المتقدمة، وهي أن يردف الملك الردف على دابته في صيد أو غيره من مواضع الأنس، ولكن الأولى أنبل.

وقد عرف "عروة بن عتبة بن جعفر بن كلاب" ب "رديف الملوك"، ومعنى هذا انه عاش وخالط عدداً من ملوك ايامه،وذكر انه كان رحّالاً اليهم.

ولذلك عرف ب "عروة الرحّال". وذكر ان "ردافة الملوك: كانت من العرب في بني عتاب بن هرمي بن رياح بن يربوع، فورثها بنوهم كابراً عن كابر حتى قام الإسلام، وهي أن يثنى بصاحبها في الشراب، وإن غاب الملك خلفه في المجلس، ويقال: إن أرداف الملوك في الجاهلية بمنزلة الوزراء في الإسلام، والردافة كالوزارة. قال لبيد من قصيدة:  

وشهدت أنجية الأفاقة عالـياً  كَعْبى وأرداف الملوك شهود

وكان "سدوس بن شيبان" رديفماً، "فكانت له ردافة آكل المرار". وقد كانت الردافة معروفة عند "ملوك كندة" أيضاً. وقد رووا أن "أبا حنش عصم بن النعمان التغلبي"، كان رديفاً للملك "شرحبيل بن الحارث بن عمرو الملك المقصور بن آكل المرار الكندي". وقد احتفظ بنو سدوس" بهذا الحق: حق ردافة ملوك كندةْ.

ولا يوجد نظام خاص في "الردافة"، ولكن نظراً لما للردافة من مكانة ومنزلة، جرت العادة ألا تعطى إلا للرجال الذين لهم مكانة عند الناس ولهم عقل وشخصية، وقد تنتقل من ألأب إلى الابن، وقد تنحصر في قبيلة واحدة، فإذا أراد الملك نقلها إلى قبيلة أخرى، ولم يأخذ رأي تلك القبيلة في نقلها منها،زعلت القبيلة وثارت إن كانت قوية ووقع الشر بينها وبين الملك، أو بينها وبين القبيلة الأخرى التي نازلتها على الردافة.

وللرديف، بحكم اتصاله بالملك وبقربه منه وبتقديمه الرأي له، أثر في توجه الملك وفي اتخاذه القرارات، لا سيما إذا كان الملك ضعيفاً فاتر الهمة، ليس له رأي. والرديف بهذا المعنى المستشار والوزير. وقد ذكر أن الردافة بهذا المعنى عرفت في الإسلام أيضاً. روي أن "عثمان" كان يُدعى "رديفاً" في إمارة عمر. وذكرعلماء اللغة أن "الأرداف: الملوك في الجاهلية، والاسم منه الردافة"، وكانت الردافة في الجاهلية لبني يربوع.. خصصها ملوك الحيرة بهم ولم يعطوها لأحد غيرهم، حتى ان كانوا مثل بني يربوع من تميم. ولا بد وأن يكون لهذا التخصيص سبب إذ لا يعقل أن يكون جاء "بني يربوع" عفواَ. فهو فضل وتفضيل، وقضية التفضيل والتقديم، قضيه حسّاسة جداً ويحسب لها ألف حساب عند العرب. لما لها من مسّ بالمنازل وبكرامة القبائل والسادات، وقد ذهبت أرواح بسبب تقديم ملك سيدّ قبيلة على سيد آخر في موضع جلوسه منه أن جعله أقرب اليه منه وفي جهته اليمنى لأن في هذا التقديم على عرفهم إِيثار لمن قدم وتفضيل له على بقية الحضور. فهل يعقل إذن أن يكون ملوك الحيرة قد أعطوا "الردافة" لبني يربوع عفواً ومن غير أسباب حملتهم على تخصيصها فيهم. لقد حاول بعض ملوكهم تحويلها من أصحابها إلى قوم اخرين، ومنهم قوم مثل " بني يربوع" من تميم. لكنهم هاجوا وماجوا وهددوا. فاضطر أولئلك علىابقاء الحال على ما كان عليه.

ويمكن اعتبار "الحجابة" وصاحبها "الحاجب" من الدرجات المهمة في "الحيرة" فقد كان "الحاجب" هو الذي يتولى إدخال الناس والاذن لهم بالدخول على الملوك. وكان في إمكانه التعجيل بإدخال من يريد على الملك، وتأخير من ينفر منه من الدخول عليه وربما منعوه من الوصول اليه. لذلك كَان الذين يقصدون الملوك يتقربون إليه ويتوددون له ليكون شفيعاً لهم عندهم وواسطة في التقرب اليهم. وطالما تعرض الحاجب لذم شاعر وهجائه، إذا أخره عن الدخول على الملوك أو حال بينه وبين الوصول اليه، أو كان سبباً في اثارة غضب الملك على الشاعر.

وقد ذكر علماء اللغة انه لما كان الملك محجوباً عن الناس، فلا يصلون اليه إلا بإذن من الحاجب، لذلك حصر، أي حبس عن رعيته، فقيل له الحصير.

وقد كان للنعمان بن المنذر "ملك العرب" حاجب ورد اسمه في شعر للنابغة، هو "عصام بن شهر" من رجال "جرم"، ذكر انه قد كانت له منزلة عند النعمان. حتى انه إذا أراد أن يبعث بألف فارس بعث بعصام، مما يدل على انه كان يوكل اليه أمر قيادة جيشه أيضاً. وقد ضرب به المثل، ورد: "ما ورائك يا عصام"، يعنون به إياه. وورد: "كن عصامياً ولا تكن عظامياً يريدون به قوله: نفس عصام سودت عصاما  وصيرّته ملكاً همـامـا

وعلمته الكر والإقدامـا

وقوله ولا تكن عظامياً، أي ممن يفتخر بالعظام النخرة".

وقد ورد في أخبار الرسل الذين أوفدهم رسول الله إلى الملوك، ان "شجاع ابن وهب" رسول رسول الله إلى "الحارث بن أبي شمر الغساني" ليدعوه إلى الإسلام، اتصل بحاجبه، وانتظر حتى جاء له الاذن بمقابلته فدخل عليه. وبقيت "الحجابة" من المنازل الرفيعة في مكة وفي الأماكن المقدسة الأخرى.

فبيد "الحاجب" تكون مفاتيح الكعبة ومفاتيج الخزانة الخاصة بالمعبد وهي درجة ترزق صاحبها رزقاً حسناً وربحاً مادياً، فضلاً عن الربح المعنوي ياعتبار انه صاحب الصنم أو الأصنام وبيده أمر المعبد. لذلك قالت بنو قصي: فينا الحجابة. تفتخر على غيرها. ويظهر من الحديث: "ثلاثٌ من كنّ فيه من الولاة اضطلع بأمانته وأمره: إذا عدل في حكمه، ولم يحتجب دون غيره، وأقام كتاب الله في القريب والبعيد "ْ، ومن اشتراط "عمر" على كل من كان يعينه عاملا، ألا يتخذ حاجباً، ومن تحذيره لمعاوية وغيره من اتخاذ الحجاب. ان الحجاب، أي احتجاب الحكام في الجاهلية عن الناس وعدم دخول أحد عليهم بغير اذن منه، كان معروفاً فاشياً، وان أصحاب الحاجات والمراجعين من الناس كانوأ يلاقون صعوبات جمة في الوصول إلى حكامهم، وقد يقفون اياماً ثم يسمح لهم بالدخول عليهم، وقد لا يسمح لهم بذلك. ونظراً لما في ذلك من تعسف بحق الرعية نهى الإسلام عنه، وأمر الحكام بوجوب فتح أبواب بيوتهم للناس ليستمعوا إلى ظلاماتهم وإلى ما هم عليه، من حال.

وفي كتب أهل الأخبار تأييد لهذا الرأي، إذ فيها تذكر إن الشعراء وغيرهم كانوا يقفون أياماً بأبواب ملوك الحيرة أو الغساسنة يلتمسون الأذن بالدخول على الملوك، ولا يأذن الحاجب لهم بالدخول عليهم، حتى أضطر البعض منهم على التعهد للحاجب بإعطائه نصيباً ما سيعطيه الملك له إن يسّر له أمر الدخول عليه. ومنهم من كان يقدم للحاجب هدية ترضيه حتى يسمح له بالدخول دون إبطاء، مما اضطر بعضا، الشعراء على نظم الأشعار في هجاء الحاجب والملك الذي يراد، الوصول إليه. وتجد مثل هذه الشكاوي عن حجاب ملوك اليمن.

ويظهر إن ملوك الحيرة كانوا يستوزرون الوزراء ليستشيروهم في الأمور، فقد ورد إن "زرارة بن عدس" كان من عمرو بن هند كالوزير له. وقد وردت كلمة "وزير" في القران الكريم بمعنى المؤازر الذي يشد أزر صاحبه فيحمل عنه ما حمله من الأثقال، والذي يلتجئ الأمير إلى رأيه وتدبيره، فهو ملجأ له ومفزع. وجاء في حديث "السقَّيفة": "نحن الأمراء وأنتم الوزراء"، مما يدل على إن الوزارة كانت معروفة عند الجاهليين.

وورد أن "التأمور" وزير الملك لنفوذ أمرهْ. ولم يذكر علماء اللغة الموضع الذي استعملت فيه هذه اللفظة.

وقد كان لملوك الحيرة عُمّالاً يديرون بالنيابة عنهم أمور الأرضين التابعة لهم. ف "العامل" هو نائب الملك على تلك الأرض. وقد ذكر أنه كان لملوك الحيرة "عمال" على البحرين كالذي رووه في قص مقتل الشاعر "عبيد بن الأبرص". وقد عرف علماء اللغة العامل بأنه هو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة "عامل"، وللساعي الذي يستخرج الصدقات من أربابها "العامل" والعامل هو الخليفة عن الشخص.

وقد استعمل المسلمون لفظة "العامل" وبقوا يستعملونها أمداً. وعين الرسول عمالاً على الصدقات. واستعملت بمعنى أوسع أيضاً، شمل الضرائب والإدارة.

وأطلق "الطبري" لفظة "العامل" على ملوك الحيرة، فنجد في كتابه جملة: "من عمال.."، وورد أن "امرأ القيس" كان عاملاً للفرس، وكان يحكم الحجاز.

ويذكر علماء اللغة أن "العمالة": رزق العامل الذي جعل له على ما قلد من العمل.

والولاية بمنزلة الإمارة، والولي هو الذي يتولى إدارة شؤون الولاية. وقد استعملت في الإدارة الإسلامية. واستعملت لفظة "الأمير" في معنى من يتولى إمارة الجيش، فقيل "امراء الجيش" وهم كِبار القادة الذين توكل اليهم مهمة تسيير الجيش وإدارته في السلم وفي الحرب.

وتؤدي لفظه "الوكيل" معنى العامل أيضاً. جاء في نص "العمارة" "ووكلهن فرسولروم"، أي " ووكل لفارس وللروم". ولكنني لا أستطيع أن أجزم بأن لفظة "الوكيل" كانت مستعملة اصطلاحاً مقرراً مثل لفظة "عامل" في ذلك العهد، أي سنة "328" للميلاد، وهي سنة تدوين النص.

ومن الدرجات المهمة من الوجهة العسكرية والإدارية "الخفارة"، بمعنى الحراسة والمراقبة. والخفر هو المجير والحارس والحامي والأمان. وكان ملوك الحيرة قد عينوا "الخفراء" على المواضع الحساسة لحمايتها والدفاع عنها. وقد كان الساسانيون قد عينوا خفراء منهم ومن العرب لحماية الحدود، ولما حاصر "خالد بن الوليد" "عين التمر" وتغلب عليها قتل "هلال بن عقبة"، وكان خفيراً بها.

وقد أشير اليها في كتب الرسول، إذ ذكر أنه أخفر "سعير بى ن العداء الفريعي" أحد المواضع.

ويظهر من أخبار أهل الأخبار أن ملوك الحيرة لما كانوا قد اتخذوا لهم أمناء، فقد لقب "هانىء بن قبيصة" ب "أمين النعمان بن المنذر". و "الأمين" المؤتمن الحافظ، فلعلهم قصدوا أنه كان المؤتمن. على أسراره والمستشار، يستشيره في مسائله والحافط لها،أو أنه كان الأمين على أمواله وما يأتيه من جباية وخراج، أو الكاتم لأسراره والمدوّن لرسائله،فهو كاتب الدولة في ذلك إلعهد.

وعرف "قبيصة بن مسعود" ب "وافد المنذر". ويظهر أن المنذر كان يكلفه بالوفادات، أي بالذهاب موفداً عنه. في مهمات وأعمال يحتاج قضاؤها إلى ذهاب موفد ليتكلم عن الملك وبأسمله. و "الوافد"هو السابق والارسال،ويقال: هم على أوفاد أي على سفر. وقد يقال إن "قبيصة" إنما عرف ب "وافد المنذر"، لأنه كان ممن يكثر الوفادة عليه، فيجد له ترحيباً وأبواباً مفتوحة، فعرف بذلك. فيكون بهذا المعنى من الرجال المقربين إلى الملك. ولا علاقة له بمهمة الايفاد إلى الملوك وسادات القبائل بمهمات سياسية،أي بمهمة رسول وسفير.

وقد استعمل عرب العراق الألفاظ الفارسية المستعملة في ادارة الحكومة الساسانية لأنها هي المصطلحات الرسمية والألقاب الني يحملها الموظفون وتشير إلى منازلهم ودرجاتهم، ومنها درجة "قهرمان" "القهرمان". والكلمة فارسية، وقد دخلت العربية وعُربت. ذكر علماء اللغة انها تعني المسيطر الحفيظ على من تحت يديه والقائم بأمور الرجل ومن أمناء الملك وخاصته. وفي الحديث: كتب إلى قهرمانه. وقد ورد ان "علي بن أبي طالب" قال لدهقان من أهل "عين التمر"، وكان قد أسلم: "ا أما جزية رأسك فسنرفعها، وأما أرضك فللمسلمين. فإن شئت فرضنا لك، وإن شئت جعلناك قهرماناً لنا".

و "دهقان" من الألفاط الني عرفها عرب العراق كذلك. وذكر بعض علماء اللغة ان الدهقان التاجر. ويراد بدهقان حاكم ضيعة أو بلدة. وهي من "ده" بمعنى "ضيعة" و "قان" "خإن" بمعنى رئيس قبيلة في الفارسية القديمة.

فالدهقان هو رئيس موضع، وقد كان الساسانيون قد نصبوا الدهاقين على العراق وعلى قرى غالب أهلها من العرب، فكانوا يخاطبونهم باسم منصبهم: دهقان.

وأشير إلى وجود وظيفة "كاتب" عند الفرس، واجبه تولي أمور المراسلة بالعربية والفارسية فيما بين العرب والفرس. وقد ذكر "الطبري" ان "كسرى" جعل ابنْ "عديَ بن زيد العبادي" في مكان أبيه،"فكان هو الذي يلي ما كتب به الى أرض العرب، وخاصة الملك، وكانت له من العرب وظيفة موظفة في كل سنة: مهران أشقران والكمأة الرطبة في حينها واليابسة، والأقسط والأدم وسائر تجارات العرب، فكان زيد بن عدي بن زيد يلي ذلك، وكان هذا عمل عدي" . وقد أشير الى وجود كتاب عند ملوك الحيرة تولوا لهم أمر تدوين المراسلات وما يأمر به إلملوك. ولا يعقل ألا يكون لهم ديوان خاص بالمراسلة على نمط ما كان عند الساسانيين، وظيفته تولي ما يكتب به ملوك الحيرة إلى الملوك الساسانيين، وترجمة ما يرد من الساسانيين اليهم من كتب. وتولي أمور المراسلة بين ملوك الحيرة وبين سادات القبائل. فقد كانت الرسائل تترى بين أولئك الملوك وسادات القبائل، كما يظهر ذلك من كتب أهل الأخبار.

وكان للملوك خاتم عرف ب " خاتم الملك" يكون في ايديهم. يظهر انهم استخدموه للتوقيع على الكتب وقد عرف ب "الحلق" وكذلك عرف "الحلق" ب "خاتم الملك الذي يكون في يده". وكان من شأنهم، أنهم إذا أمروا يكتابة كتاب، ختموا عليه ب"الختام"، وهو الطين أو الشمع، حى لا يفتح ولا يمكن لأحد فتحه، وإلا كسر الخاتم، وعرف أن الكتاب قد فتح، وأن سره عرفْ.

وألمعروف أن "الشرطة"، لم،تكن معروفة عند الجاهليين،وأنها من المستحدثات الإدارية التي ظهرت في الإسلام. ولكن أهل الأخبار يروون حديثاً نسبوه الى الرسول هو: "الشرط كلاب النار". وهو حديث لو صح أنه من قول الرسول، فإفه يدل على وقوف أهل الحجاز على "الشرطة"، ويذكر علماء اللغة أن الشرطة سمّوا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها. وذ كروا أن واحد الشرط هو الشرطي، واستدلوا على ذلك بقول الدهناء امرأة العجاج: واللّهِ لولا خشـية الأمـير  وخشية الشرطي والترتور

أعوذ بـالـلّـه وبـالأمـير  من عامل الشرطة و الأترور

وقد ذهب "ابن قتيبة" إلى وجود "الشرطة" في أيام الجاهلية، إذ قال في أثناء حديثه عن المثل "على يدي عدل": "هو: عدل بن فلان من سعد العشيرة، وكان على شرطة تبع، فإذا غضب على رجل دفعه اليه. فقال الناسُ لكل شيء يخاف هلاكه. هو على يدي عدل".واختلف في اسم والده، فقيل هو جزء "جر". وقيل لكل ما يئس منه: وضع على يدي عدل.

وقد عرف الحراس في اليمن. منهم من كان يتولى أمر حراسة الملوك، إذا ذهبوا إلى مكان، أو خرجوا لصيد،ومنهم من كان يتولى أمر حراسة قصورهم، ومنهم من تولى أمر حراسة أبواب المدن والاسوار حتى لا يدخل المدينة عدو"،ولا يهرب منها سارق أو مجرم، وكان لملوك الحيرة والغساسنة وسادات القبائل حراس، يسرون معهم لمنع من يريد إلحاق الأذى بهم. وإذا تجولوا استببعهم الحراس والخدم. وذكر ان "خشرم بن الحبّاب" كان من حراس الرسول.

ويقال لمن يطوف بالليل لحراسة الناس "العس" و "المعسس". فهم نوع من أنواع الحرس، تخصص بالحراسة ليلاً.

وأما "الدرابنة"، فهم البوّابون، أي الذين يقفون على الباب، لمنع الغرباء ومن فيه ريبة من الدخول إلى البيوت. واللفظة من الألفاط المعربة عن الفارسية،وقد ذكرت في شعر نسب الى المثقب العبدي: فأبقى باطلي والجدّ منها  كدكان الدراابنة المطين

ويقال لمن يطوف بالليل لحراسة الناس "العس" و "العسس"، فهم نوع من انواع الشرطة، أو من المحافظين على الأمن، تخصصوا بالحرإسة ليلاَ.

وذكر علماء اللغة ان من مرادفات "الشرطي" "الجلواز". و "الجلواز": الثؤرور "التؤرور"، وقيل هو الشرطي. وجلوزته: خفته بين يدي العامل في ، ذهابه:إيابه. وذكروا ان "التؤرور: العون يكون مع السلطان بلا رزق، وقيل: هو الجلواز".وذكر "عكرمة" في تفسير )له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله" "الجلاوزة يحفظون الأمراء".

وقد اتخذ حكام العربية الجنوبية السجون لتأديب خصومهم بسجنهم بها. واستعملت لسجن الخصوم السياسيين واللأعداء في الغالب. لذلك كانوا يتشددون في حراستها وفي عزلها عن الناس حتى لا يتمكن احد من الهروب منها. وقد يجعلونها في قلاعهم وحصونهم، زيادة في الحذر وفي نراقبة المساجين، وقد يتوفى السجين في سجنه من سوء حالة السجن ومن الجوع والعطش. ويقال لحارس السجن "حصق" في اللغة العربية الجنوبيةْ.

وذكر بعض علماء اللغة ان النبط تسمي "المحبوس"، "المهزرق"، و "الحبس" "الهزروقي". ولا يستبعد أن يكون عرب العراق قد عرفوا هذا المصطلح.

إذ ذكروا ان "إلمهرزق: المحبوس،نبطية تكلمت بها العرب،وكذلك المحرزق". وان "الهرزق" "الحبس". وقال بعض العلماء: "المهزرق والمهرزق يقالان معأ.

كما وردا في بيت الأعشى: هنالك ما أنجاه عـزة مـلـكـه  بساباط حتى مات وهو مهرزق.

وترد لفظة "عوق" بمعنى المحبوس في النصوص الصفوية. وقد كان الروم. يقبضون على من يغير على أرضهم من الصفويين وغيرهم ويودعونهم السجون. ومنهم من كان يفر منها، ويكتب ذكرى هروبه من سجن الروم على الحجارة.

وقد كان لملوك الحيرة "سجون"، منها سجن "الصنيّن" وقد أشير اليه في الشعر الجاهلي. ولا بد أن يكون لهم موظفون أودعوا اليهم مهمة المحافظة على السجون ومراقبة المساجين حتى لا يهربوا، ووكلوا اليهم أمر تعذيبهم وقتلهم أو سمهم عند صدور أمر الملك بذلك. كما فعلوا بعديّ بن زيد العباديّ. ويقال آ للسجن: الحصير،لأنه يحصرالناس ويمنعهم من الخروج،و"الحبس".

ويقال للذي يتولى أمر القبيلة أو الجماعة من الناس يلي امورهم، وينقل إلى الملك أحوال الناس "العريف". وكان للملوك "عرفاء"، هم بثابة عيونهم  

على القبائل. ويظهر من بعض الأخبار أن العرافة كانت نوعاً من الرئاسة والزعامة والدرجة.فقد ورد في كتب الحديث: ان شيخاً كان صاحب ماء جعل لقومه مئة من الإبل على أن يسلموا،فأسلموا، وقسم الإبل بينهم. وبدا له أن يرتجعها منهم، فأرسل ابنه إلى النبي، وأوصاه بأن يقول له: "أبي شيخ كبير، وهوعريف الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة بعده".فلما قص الخبرعلى الرسول، قال الرسول له: " إن بدا له أن يسلمها اليهم، فليسلمها، وإن بدا له أن يرتيجعها منهم، فهوأحق بها منهم.فإن اسلموا، فلهم إسلالمه 3 وإن لم يسلموا، قوتلوا على الإسلام". فقال: " إن أبي شيخ كبير، وهو عريف الماء، وإنه يسْاْلك أن تجعل لي العرافة بعده ". فقال الرسول: "إن العرافة حق، ولا بد للناس من عرفاء. ولكن العرفاء في النار".

وورد أن العريف:النقيب، وهو دون الرئيس، وان عريف القوم سيدّهم، والعريف: القيم والسيد لمعرفته بسياسة القوم، ولتدبيره أمر تابعيه. وعرفوا "النقيب" بهذا التعريف أيضأَ، فقالوا إنه العريف، وهو شاهد القوم وضمينهم والمقدم عليهم الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم.

و "العريف" من المصطلحات العسكرية أيضاًَ، المستعملة في تنظيمات الجيش.

وقد أقر الرسول مما كان متبعاً من أمر تقسيم الجيش الى وحدات. فعرّف على كل عشرة رجلاً وأمرّ على الأعشار رجالاً من الناس لهم وسائل في الإسلام. هم العرفاء.

و "النقيب"، شاهد القوم، وهو ضمينهم وعريفهم ورأسهم، لأنه يفتش أحوالهم ويعرفها. وفي التنزيل: "وبعثنا منهم اثني عشر نقيباًَ". ولما بايع الأنصار رسول الله، جعل عليهم اثني عشر نقيباً، ليتولوا أمر المسلمين بيثرب وليكونوا شهوده عليهم، وليقوموا بالدعوة فيها إلى الإسلام. ويظهر ان لهذه اللفظة صلة بلفظة Nacebus التي وردت في بعض المؤلفات أليونانية في حديثها عن العرب. ونجد في العهد المنسوب إلى "خالد بن الوليد" المعطى إلى أهل الحيرة والمدون في تأريخ الطبري، جملة: "وهم نقباء أهل الحيرة"، وقصد الشارح بها رؤساء الحيرة الذين صالحوا "خالد" على أداء الجزية، وهم: عديّ وعمرو أبناء عدي بن زيد العبادي، وعمرو بن عبد المسيح، واياس بن قبيصة وحيريّ "جبريّ" بن آكال.

وفي ورود اللفظة في القرآن الكريم، واختيار الرسول لنقباء أمرهم على مسلمي يثرب قبل هجرته اليها، وفي:ورودها في عهد "خالد" مع أهل الحيرة، دلالة على انها كانت شائعة معروفة في الحجاز، بمعنى رئيس وسيد قوم والمسؤول عن جماعة.

أما "الرائد"، فهو الذي يتقدم الناس لطلب الماء والكلا للنزول عليه.

وقد نصب "عمر" "سلمان الفارسي" رائداً وداعية على الجيش الذي أرسله إلى العراق.

ولا بد وان يكون للملوك خزان يتولون خزن أموال الملك والاشراف على مدخولاته ومصروفاته. وكلمة "خزانة" من الألفاظ المعروفة في العربية. وقد كان الناس يخزنون أموالهم في خزائن. ومنها أوعية يجمعون فيها المال المخزون.

وقد كان لهؤلاء الملوك جباة يجبون لهم حقوق الملك على الرعية، من أعشارالتجارة، ومن غلات الأرض.

وهناك طبقة من السادة كانت لهم منزلة ومكانة في أهلهم ودرجة محترمة عند الملوك، فقربوهم اليهم وأدنوهم منهم. وقد عرفوا ب "قرابين الملك" واحدهم قربان. يجلسون مع الملك على سريره لنفاستهم وجلالتهم. وذكر ان "القربان":جليس الملك الخاص، أي المختص به. و "قرابين الملك" وزراؤه وجلساؤه وخاصته.

وقد عرفنا من كتابات "تدمر" أسماء بعض الوظائف التي كان يتولاها الموظفون في القيام بإدارة الأعمال العامة للمدينة. وقد أشرت اليها في حديثي عن تلك المدينة، وكانت "تدمر" قد سارت على خطة المدن اليونانية في ادارة شؤونها.، وهي خطة عمل بها الرومان أيضاً مع بعض التغيير الذي يناسب جو "الانبراطورية" الرومانية. ويلاحظ ان أهل "تدمر" اسعملوا المصطلحات اليونانية أيضاً في تسمية الوظائف.

ويمكن أن نقول إن عرب بلاد الشام كانوا قد سارو"على وفق النظم اليونانية - الرومانية في إدارة الحكم، لوجود جاليات يونانية كبيرة العدد من مدن الشام وقراها، ولاتصال عرب هذه الديار باليونان والرومان، مما جعلهم يختارون نظم اليونان والرومان في إدارة الحكم وفي إدارة الجيش، ونجد أثر هذا التأثر حتى في لغة أهل الحجاز، فنجد فيها ألفاظاً عديدة دخلت العربية قبل الإسلام بزمن طويل، فعربت. وذلك في الأمور التي أختص بها اليونانُ الرومان ولم تكن معروفة عند العرب.


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق