1010
( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام) د. جواد علي
الفصل الثالث والخمسون
حقوق الملوك وحقوق سادات القبائل
الكبراء
وأعلى مناصب الدولة ودرجاتها الإدارية هي درجة "كبير" أي كبير. ويجب أن أكون حذراً جداً في التعبير. فكلمة "كبر" "كبير"، ليست منصباً أو وظيفة أو درجة بالمعنى المفهوم من هذه الألفاظ الاصطلاحية في الزمن الحاضر، ولكنها لفظة عامة قد تعني ممثل ملك على مقاطعة، مثل "كبرددن" أي "كبير"أرض "ديدان" في حكومة "معين" وتقع في أعالي الحجاز، وهي "العلا"، وقد تعني موظفاً كبيراً من رجال الملك المقربين اليه، عينه الملك واختاره لتنفيذ أوامره وأحكامه، أو للاشراف على إدارة أملاكه وأمواله وتدبير شؤون قصره، أو لاعداد ما يلزم من اعاشة جيش وتقدم ما يحتاجه اليه. وقد تعني درجة عليا من درجات رجال الدين، أو كبيراً من تناط به شؤون إدارة أملاك المعابد وأموالها. وقد تعني سيد قبيلة، أو رجلاً كبيراً عيّنه الملك منسوباً عنه ليشرف على تصريف أمور الحكم على قبيلته. وقد تعني "الكبير" المسؤول عن تصريف أمور المدن. فقد كان الذي يسيرّ أمور مدينة "تمنع" مثلاً مسؤولاًّ درجته درجة "كبر" "كبير" واتضح من بعض الكتابات ان مدينة "ميفعة" "ميفعت" الحضرمية كانت تحت حكم "كبير".
وقد أشير إلى وجود "كبر" "كبير" في سبأ، كان يتولى درجة دينية.
إذ كان من كَبار رجال الدين. وورد اسم "كبير" آخر كان عمله ادارة بساتين الملك ومزارعه والإشراف عليهاْ. وورد اسم "كبر" كان عمله الإشراف على أعمال الصرف والانفاق على الجيوش. وورد اسم "كبير" آخر كان يتولى رئاسة قبيلة، فيستنتج من هذه اللأمثلة ان لفظة "كبر" لا يقصد بها درجة معينة من كبار الموظفين، بل أريد بها علية قوم وأعيانهم وكبارهم، ولهذا أطلقت على من ذكرت أعيان سبأ وعلى المنازل الكبيرة التي كان على رأسها كبير من كبراء الناس من رجال دين ومن عسكريين ومن موظفين أو مدنيين غير موظفين.
والكبراء بالطبع هم من أصحاب الجاه العريض والوجاهة والمنزلة والثراء، وهم كبار الأحرار في الأرض، ولأهميتهم ومكانتهم أرخ الناس حوادثهم وما وقع لهم بأيامهم، وقد حملت الكتابات أسماء طائفة منهم: دلالة على ما كان لهم من اسم وسلطان في ذلك العهد.
ومن أشهر الكبراء، "كبر خلل"، أي كبير خليل. وخليل عشيرة قديمة. و قد ذكر كبيرها في الكتابات السبئية القديمة،كما ذكر في الكتابات المتأخرة كذلك. وقد أرخ بهؤلاء الكبراء عدد من الكتابات السبئية. ويظهر أن "كبر خلل" "كبير خليل" كان كاهناً، أي رجل دين في الأصل، يشرف علب معبد "عثتر ذ ذبن " "عثتر ذو ذبن". ويقدم الذبائح إلى هذا المعبد، ويدعو الالهة لإنزال الغيث، ودعوته الهته لإنزال المطر، هي بمثابة صلاة الاستسقاء.
وقد كان يحكم حضرموت في النصف الأول من القرن السادس للميلاد "كبير"، "كبر حضرموت" وقد ذكر في نص "أبرهة" في جملة من وفد على أبرهة بعد اتمام سد " مأرب".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق