68
موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي
الفصل الأول:الحملات الصليبية التي سبقت قيام الدولة الأيوبية
المبحث الرابع :فقه نور الدين في التعامل مع الدولة الفاطمية:
أولاً:جذور الشيعة الإسماعيلية والدولة الفاطمية:
8- جهود الإمام الغزالي في دحر الشيعة الباطنية:
إذا كانت إحدى ثمرات المدارس النظامية أنها مهدت الطريق لسيادة المذهب السني وهذا الأمر لم يكن بالأمر السهل بل كان نتيجة لجهود مضنية وتضحيات رائعة وتكاتف للجهود وقد كان من أبرز أثارها أيضاً تقلص نفوذ الفكر الشيعي وخاصة بعد أن خرجت المؤلفات المناهضة له من هذه المدارس وكان الإمام الغزالي – العالم السني – على قمة المفكرين الذين شنوا حربا شعواء على الشيعة الرافضة الباطنية، إذ يذكر هو : أنه ألف في ذلك كتباً عدة : أشهرها فضائح الباطنية الذي كلف بتأليفه في 487ه من قبل الخليفة المستظهر () ، على أن الشيء المثير للأعجاب هو شجاعة الغزالي في حملته على الإسماعيلية الباطنية جاءت في وقت انتشر فيه دعاتهم في فارس وتزايد خطرهم حتى أقاموا الحصون والقلاع، وهددوا أمن الناس وسلامتهم، وقاموا بالاغتيالات على نطاق واسع، فشملت كثيراً من الساسة والمفكرين وعلى رأسهم نظام الملك نفسه والغزالي قام بهذه الحملة بتوجيه من السلطة – مع رغبة الغزالي العالم السني في القيام بواجبه في الدفاع عن الإسلام الحقيقي () ، وهذا شيء جميل لما تلتقي جهود السلطة السياسية مع علمائها في تحقيق أهداف الإسلام من خلال مؤسسات نافعة للمجتمع والدولة، كالذي قامت به المدارس النظامية في مقاومة الفكر والنفوذ الشيعي الباطني فقد كانت الدولة الفاطمية قد تدرعت بالفلسفة والعقيدة الباطنية وظهرت في مظهر ديني سياسي، فكانت كما يقول الأستاذ الندوي – أشد خطراً على الإسلام من الفلسفة، فقد كانت الفلسفة تعيش في برجها العاجي بعيداً عن الشعب والجمهور () ، وأما الباطنية فكانت تتسَّرب إلى المجتمع وتنفث سمومها فيه، وكان لها الإغراءات المادية القوية، ولم يكن في العالم الإسلامي في آخر القرن الخامس أحد أجدر بالرد عليها والكشف عن أسرارها ونقض ما تبني عليه دعوتها من الغزالي وكان لكتابات الغزالي أثر قوي في مجال الرد على الباطنية، فقد استطاع بفكره القوي وبما نال من شهرة أن يكون ذا تأثير قوي في مقاومة الباطنية وأن يناصر المذهب السني، فقد استطاع توظيف العلوم الشرعية والعلوم العقلية من الفلسفة والمنطق والكلام في نسف جذور المذهب الباطني وقال فيهم كلمته التي طار بها الركبان وسارت مسير الأمثال : ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فهم يتسترون بالتشيع وما هم من الشـيعة في شيء وإنما هو قناع يخفون وراءه كيدهم لأهل الإسلام () ومما يذكر للغزالي : استمراره على نقد هذه الطائفة وكشف اللثام عن تناقض أفكارها وفضائح أعمالها وسوء نواياها، برغم ما كان معلوماً في ذلك الوقت أن هذا النقد قد يكلفه حياته، وقد رأى بنفسه مصرع رجل الدولة الكبير الوزير نظام الملك وكان الشيعة الباطنية تهدد كل من يرونه خطراً عليهم من رجال الملك أو رجال العلم بالانتقام في صورة طعنة في خنجر، أو سم يدس في طعام أو غير ذلك من الأساليب التي أتقنوها ونفذوها بكل دقة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شجاعة الغزالي في صدعه بالحق، ومواجهة الباطل، مهما تكن النتيجة ولن يصيبه إلا ما كتب الله له (). وهذا درس وتذكير للعلماء المعاصرين أن يصدقوا الله في مقاومة الباطنيين الجدد، وقد رأيت بعض المحسوبين على العلماء يخشونهم، ويخافون من القتل والاغتيال أو تهمة الطائفية أو بعضهم وقع تحت تأثير أبر التخدير الباطنية ومجاملات لا وزن لها في ميزان الشريعة أو حسابات دنيوية زائلة ولذلك تركوهم يعيثون بعقائد الأمة ومقدساتها وساهم بعض علماء الأمة في تخدير الجمهور العريض من أبناء المسلمين مع علم هؤلاء العلماء بخطر هؤلاء القوم على عقائد الأمة وأخلاقها، أما يخشى هؤلاء الناس من يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ويسأل الله فيه الصادقين عن صدقهم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق