إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 29 أغسطس 2014

350 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب: سادسا:مؤلفاته: 4-الفقه وأصوله أهم كتبه في هذه العلوم:


350

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب:

سادسا:مؤلفاته:

4-الفقه وأصوله أهم كتبه في هذه العلوم:

أ- قواعد الأحكام في مصالح الأنام:

هذا الكتاب اسمه في المصادر القديمة "القواعد الكبرى" ويوجد منه نسخ خطية كثيرة في مكتبات العالم وموضوع هذا الكتاب بيان الأحكام الشرعية باعتبار جلب المصالح ودرء المفاسد وقد أوضح العز مقاصد كتابه بقوله: الغرض بوضع هذا الكتاب بيان مصالح الطاعات والمعاملات وسائر التصرفات ليسعى العباد في تحصيلها، وبيان مقاصد المخالفات ليسعى العباد في درئها، وبيان مصالح العبادات ليكون العباد على خبر منها، وبيان ما يقدم من بعض المصالح على بعض، وما يؤخر من بعض المفاسد على بعض، وما يدخل تحت اكتساب العبيد دون مالا قدرة لهم عليه ولا سبيل إليه () وقال في بيان حقيقة المصالح والمفاسد: المصالح أربعة أنواع : اللذات وأسبابها، وهي منقسمة إلى دنيوية وأخروية، فأما لذات الدنيا وأسبابها وأفراحها والآمها وأسبابها وعمومها وأسبابها، فمعلومة بالعبادات، ومن أفضل لذات الدنيا لذات المعارف وبعض الأحوال، ولذات بعض الأفعال في حق الأنبياء ، فليس من جعلت قرة عينه في الصلاة كمن جعلت الصلاة شاقة عليه، وليس من يرتاح إلى ايتاء الزكاة كمن يبذلها وهو كاره () وأما لذات الآخرة وأسبابها وأفراحها وأسبابها، وآلامها وأسبابها وغمومها وأسبابها، فقد دل عليه الوعيد والزجر والتهديد، وأما اللذات فمثل قوله: " وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين" (الزخرف، آية: 71) وقوله : "يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين" (الصافات: 45، 46).

وأما الأفراح ففي مثل قوله: "ولقاهم نضرة وسرورا "(الإنسان، آية 11) وقوله: "فرحين بما آتاهم الله من فضله" (آل عمران: 170) وفي مثل قوله : "يستبشرون بنعمة من الله وفضل" (آل عمران: 171) وأما الآلآم ففي مثل قوله: "ولهم عذاب أليم" (المائدة: 36) وقوله " ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ" (إبراهيم: 17) وأما الغموم ففي مثل قوله: "كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها" (الحج، آية: 22) ثم شرع بعد ذلك يذكر قواعد في المصالح والمفاسد ويقررها بالشرح ثم يوضحها بالأمثلة الكثيرة المتنوعة ومن أمثلة ذلك ما ذكره في اجتماع المصالح المجردة عن المفاسد فقال: إذا اجتمعت المصالح الأخروية الخالصة، فإن أمكن تحصيلها حصلناها، وإن تعذر تحصيلها حصلنا الأصلح فالأصلح، والأفضل فالأفضل لقوله تعالى: "فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" (الزمر، آية: 17 ، 18).

"واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم" (الزمر:55) وقوله: "وأمر قومك يأخذوا بأحسنها"(الأعراف، آية: 145) فإذا استوت مع تعذر الجمع تخيرنا، وقد يقرع، وقد يختلف في التساوي، والتفاوت، ولا فرق في ذلك بين المصالح والواجبات والمندوبات، لبيان الأفضل وتقديم الفاضل على المفضول ()وضرب أمثلة كثيرة نذكر منها مثالاً واحداً، كتقديم كل فريضة على نوعها من النوافل كتقديم فرائض الطهارات على نوافلها، وفرائض الصلوات على نوافلها، وفرائض الصدقات على نوافلها ()، واستمر يذكر أمثلة لتوضيح هذه القاعدة ويفرع عليها فروعاً حتى ذكر ثلاثة وعشرين مثالاً في تقديم الفاضل على المفضول ().

وقال في تساوي المصالح مع تعذر جمعها: إذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخيرنا في التقديم والتأخير للتنازع بين المتساويين ()ثم ذكر فصلاً في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح فقال: إذا اجتمعت المفاسد المحضة فإن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد فالأفسد والأرذل فالأرذل، فإن تساوت، فقد يتوقف وقد يتخير  وقد يختلف في التساوي والتفاوت، ولا فرق في ذلك بين مفاسد المحرمات والمكروهات () ثم ذكر فصلاً في اجتماع المصالح مع المفاسد فقال: إذا اجتمعت مصالح ومفاسد، فإن أمكن تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالاً لأمر الله تعالى فيهما لقوله سبحانه وتعالى "فاتقوا الله ما استطعتم" (التغابن، آية: 16) وإن تعذر الدرء والتحصيل فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولانبالي بفوات المصلحة قال الله تعالى : "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما، إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" (البقرة: 219) حرمهما لأن مفسدتهما أكبر من منفعتهما، أما منفعة الخمر فبالتجارة ونحوها وأما منفعة الميسر فيما يأخذه المقامر من المقمور، وأما مفسدة الخمر فبإزالتها العقول، وما تحدثه من العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وأما مفسدة القمار، فبإيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه مفاسد عظيمة لا نسبة إلى المنافع المذكورة إليها، وإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة حصلنا المصلحة مع التزام المفسدة، وإن استوت المصالح والمفاسد فقد يتخير بينهما وقد يتوقف فيهما، وقد يقع الاختلاف في تفاوت المفاسد ()، ثم ذكر فصلاً في بيان الوسائل إلى المصالح فقال: يختلف أجر وسائل الطاعات باختلاف فضائل المقاصد ومصالحها، فالوسيلة إلى المقاصد أفضل من سائر الوسائل، فالتوسل إلى معرفة الله تعالى ومعرفة ذاته وصفاته أفضل من التوسل إلى معرفة أحكامه، والتوسل إلى الجهاد أفضل من التوسل بالسعي إلى الجمعات، والتوسل بالسعي إلى الجمعات أفضل من التوسل بالسعي إلى الجماعات في الصلوات المكتوبات()، ثم ذكر فصلاً في بيان وسائل المفاسد فقال: يختلف وزن المخالفات باختلاف رذائل المقاصد ومفاسدها، فالوسيلة إلى أرذل المقاصد، أرذل من سائر الوسائل، فالتوسل إلى الجهل بذات الله وصفاته أرذل من التوسل إلى الجهل بأحكامه، والتوسل إلى القتل أرذل من التوسل إلى الزنا، والتوسل إلى الزنا أقبح من التوسل إلى أكل بالباطل، والإعانة على القتل بالإمساك أقبح من الدلالة عليه وكذلك مناولة آلة القتل أقبح من الدلالة عليه ()وقال في آخر الجزء الثاني مؤكداً ما سبق من أن الله أمر بكل خير ونهى عن كل شر فالخير يعبر به عن جلب المصالح والشر يعبر به عن جلب المفاسد، ومن المصالح والمفاسد، مالاً يعرفه إلا كل ذي فهم سليم وطبع مستقيم ()، فقد قال: ولو تتبعنا مقاصد ما في الكتاب والسنة لعلمنا أن الله أمر بكل خير دِقهَّ وجله وزجر عن كل شيء دقه وجله فإن الخير يعبر به عن جلب المصالح ودرء المفاسد، والشر يعبربه عن جلب المفاسد ودرء المصالح وقد قال الله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" (الزلزلة : 7 ، 8) وهذا ظاهر في الخير الخالص والشر المحض، وإنما الإشكال إذا لم يعرف خير الخيرين وشر الشرين، أو يعرف ترجيح المصلحة على المفسدة، أو ترجيح المفسدة على المصلحة أو جهلنا المصلحة والمفسدة، ومن المصالح والمفاسد مالا يعرفه إلا كل ذي فهم سليم وطبع مستقيم يعرف بهما دق المصالح والمفاسد وجلهما وأرجحهما من مرجوحهما، .. إلى أن قال : وأجمع آية في القرآن للبحث على المصالح كلها والزجر عن المفاسد بأسرها ()قوله تعالى : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" (النحل، آية : 90).

وأسلوب الشيخ العز خالي من تعقيدات الفقهاء، وفيه سجع غير متكلف وفي بعض المواضع يغلب عليه أسلوب الوعظ ومن أمثلة ذلك ما قاله في كلام طويل نختصر منه: وعلى الجملة فمن أقبل على الله أقبل الله عليه ومن أعرض عن الله أعرض الله عنه، ومن تقرب إلى الله شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن مشى إليه هرول إليه، ومن نسب شيئاً إلى نفسه فقد زل وضل، ومن نسب الأشياء إلى خالقها المنعم بها كان في الزيادة لأن الله تعالى قال: "لئن شكرتم لأزيدنكم" (إبراهيم، آية: 7) "وسنجزي الشاكرين" (آل عمران: 145) وأفضل ما تقرب به التذلل لعزة الله والتخضع لعظمته والإيحاش لهيبته والتبرى من الحول والقول إلا به، وهذا شأن العارفين ومن خرج عنه فهو طريق الجاهلين أو الغافلين، وقد تمت الحكمة وفرغ من القسمة وسينزل كل أحد في دار قراره حكماً عدلاً وحقاً قصداً وفضلاً، وما ثبت في القدم لا يخلفه العدم، ولا تغيره الهمم بعد أن جرى به القلم وقضاه العدل الحكم، فأين المهرب وإلى أين المذهب، وقد عز المطلب، ووقع ما يذهب فيا خيبة من طلب مالم تجر به الأقدار، ولم تكتبه الأقلام، يا لها من مصيبة، ما أعظمها، وخيبة ما أفحمها، أين المهرب من الله، وأين الذهاب عن الله، وأين الفرار من قدرة الله ؟ بينما يرى أحدهم قريباً دانياً إذ أصبح بعيداً نائياً لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولاخفظاً ولا رفعاً ().

وروح العز بارزة في كتابه هذا، فالقارئ له يشعر كأن العز أمامه يناقش الأقوال ويرجح ويستدل ويرد قول المخالف، كما يلحظ القارئ سعة علمه وقوة جدله في بيان ما ترجح له والكتاب يركز على الأحكام الفقهية يجمعها تحت قواعد أصولية، فهو من كتب الفقه والأصول ولكنه أحياناً، يستطرد، فيبحث أموراً في العقيدة أو التصوف ()، ويلاحظ في كتابه تكرار بعض الأمور في مواضع متعددة وقد اعتذر عن ذلك بقوله: وإنما أتيت بهذه الألفاظ في هذا الكتاب التي أكثرها مترادفات، وفي المعاني متلاقيات حرصاً على البيان والتقرير في الجنان، كما تكررت المواعظ والقصص والأمر والزجر والوعد والوعيد والترغيب والترهيب وغير ذلك في القرآن، ولا شك أن في التكرير والإكثار من التقرير في القلوب ما ليس في الإيجاز والاختصار، ومن نظر إلى تكرير مواعظ القرآن ووصاياه ألقاها كذلك، وإنما كررها إلاله لما علم فيها من إصلاح العباد، وهذا هو الغالب المعتاد ولو قلت في حق العباد هو أن يجلب إليهم كل خير، ويدفع عنهم كل ضير لكان ذلك جامعاً، عاماً ولكن مالا يحصل به من البيان ما يحصل بالتكرير وتنويع الأنواع، وكذلك لو قلت في حق الإله هو أن يطيعوه ولا يعصوه لكان مختصراً عاماً ولكن لا يفيد ما يفيده الإطناب والإسهاب، وكذلك لو قتل في بعض حقوق المرء على نفسه هو أن ينفعها في دينها ودنياها ولا يضرها في أولاها وآخراها لكان ذلك شاملاً لجميع حقوق المرء، وقد يظن بعض الجهلة الأغبياء أن الإيجاز والاختصار أولى من الإسهاب والإكثار، وهو مخطئ في ظنه لما ذكرنا من التكرير الواقع في القرآن والعادة شاهدة بخطئه في ظنه، وما دلت العادة عليه، وأرشد القرآن إليه أولى مما وقع للأغبياء الجاهلين الذين لا يعرفون عادة الله ولا يفهون كتاب الله، وفقنا الله لإتباع كتابه وفهم خطابه ()، وخلاصة القول: أن العز بحث في كتابه هذا مصالح الطاعات والمعاملات وسائر التصرفات ليسعى العباد في تحصيلها، ومقاصد المخالفات ليسعى العباد في درئها، وطريقته في ذلك أنه يذكر القاعدة الأصولية في المصالح والمفاسد، ويقررها بالشرح، ثم يوضحها بالأمثلة الفقهية الكثيرة المتنوعة، فهو من كتب الفقه التي تربط الفروع الفقهية بالقواعد الأصولية ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق