إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

376 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب: عاشرا:التربية والآداب والتصوف عند العز بن عبدالسلام: 1-نماذج من المبادئ التربوية عند العز:


376

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب:

عاشرا:التربية والآداب والتصوف عند العز بن عبدالسلام:

1-نماذج من المبادئ التربوية عند العز:

عرض العز رحمه الله تعالى رؤيته لمبادئ التربية الإسلامية، المستقاة من كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وتمثل جانباً من المنهج الفريد للتربية الإسلامية، وذكر العز هذه المبادئ في مختلف كتبه ويمكن جمعها واستخلاص نظرية متكاملة منها، ونكتفي هنا، بالإشارة إلى جانب منها للإرشاد إليها والعمل بها فمن ذلك.

أ- أصول التربية لمرحلة الحضانة: حيث يقول:

وذلك بحسن التربية، واللطف، والرفق والحُنوُ، ودفع المضار، وتحسين الحسن للصغير، وتقبيح القبيح، وتعليم الآداب، وتلقين الكتاب وتعليم الخط والعلم إن كان متأهلاً لذلك، أو صناعة تليق بأمثاله، والأمر بالصوم والصلاة، والنهي عن كل خلق ذميم وعمل غير مستقيم واجتناب الضرب إن تأدب بالقول والتهديد، والضرب الذي لا يصلح إلا به، إلا أنه لا يصلحُ بالضرب الشديد فيجتنب الخفيف والشديد ().

ب- تأديب الأهل بآداب الشرع: حيث يقول:

 تأديب الأهل إنعام عليهم، وإحسان إليهم، وفضيلة الدعاء إلى الآداب مأخوذة من فضل ذلك الأدب، فأفضل التأديبات التأديب بأفضل القربات، وأشرف الطاعات وكذلك الأفضل، فالأفضل، والأمثل فالأمثل ().

ج- الوسائل التربوية مع الأطفال والتدرج في الأحوال: حيث يقول:

وإذا تعلم الصبي ما ينبغي أن يتعلمه من غير زجر فلا يُزجر، وإن لم يتعلم إلا بالزجر زُجر، فإن لم ينجح فيه الزجر ضُرب ضرباً يحتمله مثله وتغلب فيه السلامة وإن لم ينزجر إلا بالضرب المبَّرح حَرُم المبَّرح لأدائه إلى قتله، ولم يجز غيـر المبَّرح لأنه إنما جاز لكونه وسيلة إلى الإصلاح، فإن لم يحصل الإصلاح حرم، لأنه إضرار غير مفيد ().

ح- المزج بين قواعد الأصول ومبادئ التربية: يقول في هذا المزج:

إذا كان الصبي لا يُصلحه إلا الضرب المبَّرح، فهل يجوز ضربه تحصيلاً لمصلحة تأديبه؟ قلنا: لا يجوز ذلك، بل لا يجوز أن يضربه ضرباً غير مبَّرح، لأن الضرب الذي لا يبّرح مفسدة وإنما جاز لكونه وسيلة مصلحة التأديب، فإن لم يحصل التأديب سقط الضرب الخفيف، كما يسقط الضرب الشديد لأن الوسائل تسقط بسقوط المفاسد سقط().

د- مداعبة الصبيان والإحسان إلى البنات:

ومن هذه الأصول التربوية دعوة العز إلى مداعبة الصبيان، فقد قال: مداعبة الصبيان بَسْط لهم، وتطبيب لقلوبهم وترويح عن نفوسهم ومن هذه الأصول التربوية الدعوة إلى الإحسان إلى البنات، وإبطال عادات الجاهلية الجائرة، فقال العز: لما كان الحمقى ينفرون من البنات، ويكرهونهنَّ، عظّم الله ثواب من خرج من عادة الناس في ذلك بالصبر عليهن والإحسان إليهن()، ثم يرشد العز إلى أن من الإحسان إلى البنات المبادرة بهن إلى الأكفاء، فيقول: المبادرة إلى إنكاح الأكفاء، والرغبة فيهم، مسارعة إلى إحصان المرأة، ودفع العار عنها، بالتزويج بالكفؤ، مع أن البعل الصالح يدعوها إلى كل خير، ويزعها عن كل شر (). وقام ببيان وظيفة المرأة وأثرها في التربية، فقال: شفقة المرأة على مال زوجها أداء للأمانة، وحُنوُها على طفلها حامل على اللطف به، والإحسان إليه بحسن التغذية والتربية ().

ذ- الوازع الفطري والشرعي:

وبين أن قوة الوازع الفطري عند الإنسان، وأنه أقوى من الوازع الشرعي، لذلك جاءت الأحكام الشرعية منسجمة مع الفطرة وأن الفطرة السليمة بها وازع في داخلها لا يحتاج إلى توجيه الشرع الذي جاء مطابقاً للواقع والفطرة، فأسقط العدالة في بعض الولايات، فعقد العز رحمه الله فصلاً: فيما تشترط فيه العدالة من الولايات، فقال: العدالة شرط في بعض الولايات، وإنما شرطت لتكون وازعة عن الخيانة والتقصير في الولاية ولا تشترط العدالة في ولاية القريب على الأموات في التجهيز والدفن والتكفين والحمل، والتقدم في الصلاة، لأن فرط شفقة القريب ورحمته على المبالغة في الغسل والتكفين والدعاء في الصلاة وكذلك إنكساره بالحزن على التضرع في دعاء الصلاة، فتكون العدالة في هذا الباب من التتمات والتكملات وكذلك ولاية النكاح لا تشترط فيها العدالة على قول؛ لأن العدالة إنما شرطت لتنتزع الولي عن التقصير والخيانة وطبع الولي في النكاح يزعه عن التقصير والخيانة في حق موليته لأنه لو وضعها في غير كف – كان ذلك عاراً عليه وعليها وطبعه يزعه عما يدخله على نفسه ووليته من الأضرار والعار، وكذلك لو كان الولي مستوراً صح النكاح في ظاهر الحكم اعتماداً على العدالة الظاهرة مع قوة الوازع ()، ولذلك أمثلة كثيرة في الشرع كقبول إقرار الشخص على نفسه ولو كان فاسقاً أو كافر.

س- من القواعد التربوية في الدعوة إلى الله:

وذكر العز بعض القواعد التربوية في الدعوة والتي سار عليها الأنبياء ويجب الاقتداء بهم، والالتزام فيها، لأنها المنهج الإلهي في الدعوة، فمن ذلك الموعظة الحسنة، فيقول العز: الموعظة الحسنة أدعى إلى قبول الحق من الموعظة المنفرَّة، وما أغلظ الأنبياء في مواعظهم إلا لمعاندٍ جريء على الله ()، ومن ذلك الدعوة باللين وعدم الغلظة، فيقول العز رحمه الله تعالى: للّين مواطن لا يليق بها غيره، وللغلظة مواطن لا يُناسبها سواه، فمن استعمل أحد الأمرين في موضع الآخر فقد أخطأ، .. وفيه تأليف القلوب، وتطيب للنفوس، مُوجِب للإتفاق على مصالح الدارين ()، ويذكر العز الأدلة والأمثلة من القرآن الكريم ويؤكد العز أن الغضب لا يصح من الداعية إلا إذا انتهكت حرمات الله ومقدساته، فيقول: العاقل يعرف مظان الغضب لله، فيها، ويعرف مظان التلطف، فيتلطف فيها، ألا ترى أن موسى تلطف في أول الأمر بفرعون بقوله: "هل لك إلى أن تزكى" (النازعات، آية : 158). "إني رسول من رب العالمين" (الأعراف، آية: 104) وغير ذلك من القول اللًّين الذي أمر به، فلما أصر وأظهر العناد مع تيقنه صدق موسى لقوله "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً" ثم قال لموسى "إني لأظنك يا موسى مسحوراً "(الإسراء، آية: 101)فأجابه بما يقتضيه الحال في الجواب، فقال (لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا ربُّ السموات والأرض بصائر، وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً"(الإسراء، آية: 102)، أي مُهْلكاً ثم يقول العز: وكذلك جميع الرسل إذا استقرئ أمرهم في بَدء الإرسال وجدت فيه الرفق واللين والشفقة على قومهم، فإذا أصروا وعاندوا أغلظوا لهم حينئذ، لما ركّب الله تعالى في رسله من العقول الوافرة، والأحلام الكاملة "الله أعلم حيث يجعل رسالته" (الأنعام، آية : 124) بخلاف الغبي يلين في مواطن الإغلاظ، ويغلظ في مظان اللين، معتقداً، أنه مقتد بالرسل في غلظتهم ولينهم، فنعوذ بالله من الجهل بمظان خطابه، ومن تحريف كلامه وتنزيله على غيره مراده ().

ش- تغيير الأحكام بتغير الزمان:

يمزج العز رحمه الله تعالى في الأحكام التي تؤدي إلى التطور فإنه يعتد به في تغيير الأحكام بتغير الأزمان، فيقول: فلو حكم الحاكم في محل يسوع فيه الاجتهاد، ثم تغير اجتهاده فحكم بما أدى إليه اجتهاده ثانياً كان ذلك قطعا لما حكم به أولا، ولا يبطل الأول بذلك، بل ينقطع من حين تغير الاجتهاد، ويبقى الأول على ما كان عليه (). فالحكم الشرعي يتغير في نفس المجتهد ويشمل السابقة واللاحقة ولكن لا يبطل الحكم الأول إذا أفتى به المفتي أو حكم به القاضي بل يبقى الحكم الأول لوقته فقط، وللسائل أو المحكوم عليه به، لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله، وهذا ما قرَّره عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ميراث المسألة المشتركة بعدما تغير اجتهاده، وطلب أصحاب القضية الأولى بنقض اجتهاده السابق، أجابهم بقوله المشهور : تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي، وهذا ما قرره الفقهاء في المذاهب الأربعة بعدم نقض الحكم السابق إذا كان مبنياً على اجتهاد، ثم تغير الاجتهاد، وهو المقرر في جميع محاكم النقض في العالم ().

وهكذا نلاحظ المبادئ التربوية في فكر العز وذهنه وكتبه وكيف يراعى الفطرة الإنسانية، ويعتد بالوازع الفطري، وأنه أصيل في الإنسان ، وله بواعثه الذاتية، ودوافعه الخفية التي تحرك صاحبها تلقائياً في معظم الحالات، لذلك يخفف الشرع من توجيهه فيها، معتبراً أن الوازع الفطري المطبوع عليه الإنسان داخلياً أقوى من الوازع الشرعي، لذلك اعتبر الشرع الحكيم تناول الطعام والشراب والشبع وغيرها مجرد أحكام مباحة أو مندوبة، مع أنها ضرورية للحياة، لأن الوازع الفطري كفيل بتأمينها ورعايتها، وهذا ما أكده الشاطبي فيما بعد في كتابه الموافقات ().

ك- إنسانية الإنسان عند العز بن عبدالسلام:

وضع الشيخ عز الدين نصب عينيه شيئاً واحداً، جنَّد فقهه لتربيته وتهذيبه، وهو إنسانية الإنسان، فأحاطها بالرعاية والرفق والتستر، وأخيراً .. بالجمال ()، ونذكرَّ أيضاً بكتاب العز رحمه الله تعالى: أحوال الناس، فهو في التربية الإسلامية للروح والنفس ومراقبة الله تعالى، والخوف منه، والاستعداد لملاقاته، ومحاسبة النفس في أعمالها وخطواتها محاسبة ذاتية، ورقابة داخلية "بل الإنسان على نفسه بصيرة" (القيامة، آية: 14) ليزن أعماله قبل أن توزن عليه، ويقدر نتائجه سلفاً، ليحتاط عند التقصير، ويرتدع عند الندم، ويزداد في العمل الطيب ويقول العز فيه : ما من برّ ولا فاجر، ومؤمن وكافر، إلا ينظر في البرزخ إلى منزله بكرة وعشية إن كان من أهل النار فمن أهل النار، وإن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة (). ويقول: من الغموم والآلآم وأسبابها وأفراحها أفضل الأفراح، ولذاتها أفضل اللذات وأفضل لذة رضا الرب والنظر إليه، وسماع كلامه والأنس بقربه وجواره().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق