إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

378 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب: عاشرا:التربية والآداب والتصوف عند العز بن عبدالسلام: 3-جهاد العز بن عبدالسلام:


378

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب:

عاشرا:التربية والآداب والتصوف عند العز بن عبدالسلام:

3-جهاد العز بن عبدالسلام:

نال الشيخ العز بن عبدالسلام شرف الجهاد وكان يدعو إليه ويكتبه في كتبه ورسائله، وهو القائل في رسالة الاعتقاد : الجهاد ضربان، ضرب بالجدل والبيان وضرب بالسيف والسنان.. ولكن قد أمرنا الله بالجهاد في نصرة دينه، إلا أن سلاح العالم علمه ولسانه، كما أن سلاح الملك سيفه وسنانه، فكما لا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين، لا يجوز للعلماء إعتماد أسلحتهم عن الزائغين والمبتدعين، فمن ناضل عن الله، وأظهر دين الله كان جديراً أن يحرسه الله بعينه التي لا تنام ويُعزَِّه بعزّه الذي لايضام ويحوطه بركنه الذي لا يُرام، ويحفظه من جميع الأنام وعلى الجملة ينبغي لكل عالم إذا أذل الحق، وأخمد الصواب أن يبذل جُهده في نصرهما وأن يجعل نفسه بالذل والخمول أولى منهما.. والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين، ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين وكذلك المخاطرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة قواعد الدين بالحجج والبراهين مشروعة ()وقام العز بجهاد العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعرّض نفسه للمخاطر الشديدة، والأهوال العجيبة، كما مرّ معنا – وعزل بسبب ذلك، وكان مجاهداً جرئياً، ومناظراً قوياً، ومدافعاً صلباً عن دين الله وشرعه، مطبقاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رأوه أبو الوليد عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العُسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله تعالى فيه برهان، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم ()وجاهد الشيخ عز الدين في الحياة والمجتمع لإقامة شرع الله ودينه وحارب البدع، ووقف في وجه الفرق المنحرفة والآراء الباطلة، والعقائد الضالة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ونصح أئمة المسلمين وعامتهم كما مرّ معنا، وجاهد أمام الظلمة والطغاة والمستبدين، وخاطر بنفسه تطبيقاً لما قال، وامتثالاً للحديث الشريف الذي رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سيَّدُ الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ()وقد قام الشيخ العز بن عبدالسلام بهذا الجهاد والنصح للحكام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعلن الثورة عليهم، ولم يطلب العصيان ضدهم، ما داموا مسلمين ويقيمون الصلاة، ويطبقون الإسلام مع الخطأ أو الانحراف ()، ويطول بنا الحديث عن جهاد العز بعلمه وبيانه ولسانه وقلمه فالعز رحمه الله لم يتأخر عن الدعوة إلى الجهاد والمشاركة في الإعداد له عندما يهدد العدو بلاد المسلمين وأرضهم وأنفسهم وأموالهم ودينهم، وقد رأيناه لبى دعوة قطز، وهو في الثمانين من عمره، للمشاورة في لقاء التتار، ودعوة المسلمين لذلك، وبيان الحكم الشرعي، وكان الاعتماد في الاجتماع على فتوى العز رحمه الله تعالى التي تحقق أثرها بالنصر المبين في عين جالوت على التتار ولما كانت همة العز أقوى، وجسمه أصلب، وسنه أقل بقليل شارك عملياً في الجهاد والقتال وملاقاة الصليبيين الذين اتجهوا لاحتلال دمياط وسائر مصر بعد أن وصلوا إلى المنصورة، واستظهروا على المسلمين، فهب الجيش المسلم في مصر لمواجهة الغزاة ()قال ابن السبكي: وكان الشيخ مع العسكر، وقويت الريح، فلما رأى الشيخ حال المسلمين نادى بأعلى صوته مشيراً بيده إلى الريح، يا ريح خُذيهم عدة مرات، فعادت الريح، على مراكب الفرنج فكسرتها وكان الفتح وغرق أكثر الفرنج، وصرخ من بين يدي المسلمين صارخ: الحمد الله الذي أرانا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً سخّر له الريح ()وكان النصر المبين للمسلمين، واعتبر المؤرخون هذه الصيحة من كرامات العز رحمه الله ()والكرامة في معتقد أهل السنة تظهر على يد أولياء الله الصالحين تكريماً من الله تعالى لهم ومصدر الكرامة هو الإيمان الصادق، والإخلاص الكامل، والعبودية التامة، والاعتماد الحقيقي على الله تعالى، والإلتزام بشرع الله تعالى، وكثرة التقرب إليه وقال الله تعالى "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم، ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة" (يونس، آية: 62 – 64) وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة فيما رواه البخاري عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ()وكان العز بن عبدالسلام – رحمه الله – لا يبغي إلا رضاء الله تعالى – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد – ولا يخاف إلا منه ولا يتوكل إلا عليه، فكان الله معه وكان الله له حافظاً ومعيناً وكان الله عنه مدافعاً من أذي المعتدين وتسلط الظالمين، وسطوه الحكام والأمراء " إن الله يدافع عن الذين آمنوا" (الحج، آية: 38) وكفاه الله هَّم الدنيا والآخرة "وكفى بالله وكيلاً" (النساء، آية : 81) وكفى بالله حسيبا" (الأحزاب/39).

وكان العز حريصاً على تطبيق شرع الله والسير على جادته وتفنيد ما أمر به، فكان ينظر بنور الله، ويبصر ببصر الله ويتكلم بقوة الله وجبروته، ويبطش بيد الله، ويمشي في سبيل الله، وعلى بركة الله، كما جاء في الحديث القدسي السابق ومن هنا أكرمه الله تعالى بأمور خارقة للعادة، مر معنا قصته مع اللصوص في البستان، وقصته في تغيير اتجاه الريح بسبب دعائه في معركة دمياط ضد الفرنج وقصته مع نائب السلطنة الذي جاء العز وهو شاهر السيف ليقتله، فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب، وسقط السيف منها وأرعدت مفاصلة، فبكى وسأل الشيخ أن يدعو له () ونضيف هنا قصة جديدة وطريقة، نقلها ابن السبكي فقال: كان في الريف شخص يقال له : عبدالله البلتاجي من أولياء الله وكانت بينه وبين الشيخ عز الدين صداقة، وكان يُهْدي إليه في كل عام، فأرسل إليه مرة جمل هدية، ومن جملته وعاء فيه جُبْن، فلما وصل الرسول إلى باب القاهرة؛ انكسر ذلك الوعاء وتبددّ ما فيه، فتألم الرسول لذلك، فرآه شخص ذمي، فقال له: لم تتألم؟ عندي ما هو خير منه قال الرسول: فاشتريت منه بَدَله وجئت، فما كان إلا يقدر أن وصلت إلى باب الشيخ، ولم يعلم بي ولا بما جرى لي غير الله تعالى، وإذا بشخص نزل من الشيخ، وقال : أصعد بما جئت به فناولته شيئاً فشيئاً إلى أن سلمته ذلك الجبن، فطلع ثم نزل، فقلت أعطيته للشيخ؟ فقال: أخذ الجميع إلا الجبْن ووعاءه فإنه قال لي: ضعه على الباب، فلما طلعت أنا، قال لي: يا وليد ليْش تفعل هذا؟ إن المرأة التي حَلَبت لبن هذا الجبن كانت يدها متنجسة بالخنزير، وردَّه وقال: سلمّ على أخي ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق