إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

360 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب: سابعاً:أعماله في التدريس والإفتاء والقضاء والخطابة: 2- الإفتاء:


360

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثالث:الشيخ عز الدين بن عبدالسلام من مشاهير عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب:

سابعاً:أعماله في التدريس والإفتاء والقضاء والخطابة:

2- الإفتاء:

 لقد مارس الإمام العز الإفتاء بدون تعيين من ملك أو سلطان، بل إن هذا المنصب الرفيع لم يكن يخضع لمراسيم الملوك، وإنما هو مهمة يقوم بها العالم إذا رأى نفسه أهلاً لذلك، وقال العز رحمه الله في أيام محنته مع الملك الأشرف: أما الفتيا فإني كنت والله متبرماً منها وأكرهها وأعتقد أن المفتي على شـفير جهنم، ولـولا أني أعتقـد أن الله أوجبها علي لتعينها على في هذا الزمان لما كنت تلوثت بها ()، والآن قد عذرني الحق، وسقط عني الوجوب وتخلصت ذمتي ولله الحمد والمنة. كان هذا الكلام قاله العز لمن جاء من طرف السلطان يبلغه بعزله عن الإفتاء، وزاد العز فقال لرسول السلطان: يا غرز، من سعادتي لزومي لبيتي، وتفرغي لعبادة ربي والسعيد من لزم بيته وبكي على خطيئته واشتغل بطاعة الله تعالى وهذا تسليك من الحق، وهدية من الله – تعالى – إلىَّ أجراها على يد السلطان وهو غضبان وأنابها فرحان، والله يا غرز لو كانت عندي خلعة تصلح لك على هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لخلعت عليك، ونحن على الفتوح، خذ هذه السجادة صلَّ عليها، فَقبِلها وقبَّلها، وودعه وانصرف إلى السلطان، وذكر له ما جرى بينه وبينه فقال لمن حضره، قولوا لي ما أفعل به، هذا رجل يرى العقوبة نعمة اتركوه بيننا وبينه الله () وبقى العز على تلك الحال ثلاثة أيام، ثم إن الشيخ العلامة جمال الدين الحصري شيخ الحنفية في زمانة ذهب إلى الأشرف فقال له: إيش بينك وبين ابن عبدالسلام" وهذا رجل لو كان في الهند، أو في أقصى الدنيا كان ينبغي للسلطان أن يسعى في حلوله في بلاده لتتم بركته عليه وعلى بلاده ويفتخر به على سائر الملوك وكان لتدخل الشيخ جمال الدين الحصري أثر في احترام وتقدير الشيخ العز حتى أن السلطان قال: نحن نستغفر الله مما جرى، ونستدرك الفارطة في حقه، والله لأجعلنه أغنى العلماء، وأرسل إلى الشيخ واسترضاه وطلب محاللته ومخاللته ()، فكان بعد ذلك يأخذ بفتواه ومشورته وقد طلبه في مرض موته كما ذكرنا وسأله محاللته ونصحه، فنصحه العز بأن يحول عسكره الذين استعدوا لقتال أخيه الملك الكامل حاكم مصر إلى جهة العدو المشترك التتار، وكانوا قد ظهروا في شرق بلاد الإسلام في ذلك الوقت، فأمر الأشرف بذلك كما نصحه بإبطال المنكرات التي يرتكبها نوابه من الزنا وإدمان الخمور وتمكيس المسلمين، وظلم الناس، فأمر الأشرف بإبطال ذلك، كما باشر العز بنفسه تبطيل بعضها وبعد هذه النصيحة قال الأشرف: جزاك الله عن دينك وعن نصائحك وعن المسلمين خيراً، وجمع بيني وبينك في الجنة بمنه وكرمه، وأطلق له ألف دينار مصرية، فردها عليه، وقال: هذه اجتماعه لله لا أكدرها بشيء من الدنيا ()، ثم لم يمض أخوه الصالح إسماعيل تبطيل المنكرات وكان نائبه يومئذ، ثم استقل بالملك بعد موته ثم لم يلبث إلا يسيراً حتى قدم أخوه الملك الكامل من الديار المصرية بجيوشه إلى دمشق وحاصر أخاه إسماعيل، ثم اصطلح معه، وأكرم الكامل العز غاية الإكرام وقد اجتمع مع العز بحضور أخيه إسماعيل، فقال الكامل: إن هذا له غرام برمى البندق، فهل يجوز له ذلك؟ فقال الشيخ: بل يحرم عليه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال: إنه يفقئ العين ويكسر العظم ()، فيلاحظ أن ملوك بني أيوب كانوا يعزون الشيخ ويكرمونه غاية الإكرام ويحبون مجالسته والاستماع إلى نصحه، والعمل بمشورته، بما فيه خير الإسلام والمسلمين، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ولا يهابهم ولا يجاملهم ()، وقد اشتهر العز بالإفتاء حتى أن الناس كانت ترد عليه من البلاد لتستفتيه، كما أن شهرته بذلك قد وصلت إلى مصر قبل أن يذهب إليها بدليل أنه لما ذهب إليها سنة (639ه) امتنع مفتيها الحافظ المنذري من الفتيا وقال: كنا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين، وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين عليه ()، وقد بادله العز نفس الإكرام والتقدير فامتنع عن التحديث لوجود حافظ عصره المنذري، وكان كل منهم يجل الآخر ويحضر دروسه (). وكان العز حريصاً كل الحرص في فتاويه يتحرى الدقة فيها حتى أنه مّرة أفتى بشيء ثم تبين أنه أخطأ فنادى في الأسواق في مصر والقاهرة على نفسه: أنه من أفتاه فلان بكذا فلا يعمل به فإنه ()خطأ وهذا يدل على شدة ورعه ومراقبته لله وخشيته منه، وحرصه الشديد أن لا يضل أحد من عباد الله بسببه ولم يأبه لمن سيوصمه بالجهل وعدم المعرفة، لأنه آثر الآخرة على الدنيا، وثواب الله على مدح الناس، لذلك أكرم الله سبحانه، وجعل له القبول في قلوب عباده، فقصد بالفتوى من سائر البلاد ()، وسارت فتاويه مع الركبان وتحدث الناس بها وعملوا بها من الخلفاء والملوك والسلاطين إلى العامة والضعفاء والمساكين وترك لنا تراثاً في الفتاوى، سميت بعضها بالفتاوى المصـرية والأخرى بالفتاوى الموصلية وقد قال عنه ابن كثير: انتهت إليه رئاسة المذهب، وقصد بالفتوى ، سائر الآفاق، ثم كان في آخر عمره لا يتعبد بالمذهب، بل اتسع نطاقه وأفتى بما أدى إليه اجتهاده ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق