إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

394 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية: ثانياً:أهم موضوعات دعوة المسلمين للنصارى: 3-الدعوة إلى الإيمان بالقرآن:



394


موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:

ثانياً:أهم موضوعات دعوة المسلمين للنصارى:

3-الدعوة إلى الإيمان بالقرآن:

ك-الدعوة إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام: .

اعتنى الإسلام بالمسيح عيسى ابن مريم عليه السلام بصفته أحد أولي العزم من الرسل، فجاء القرآن بتكريمه وأمه وحتى عائلته وصحح الأخطاء ورد الاتهامات والافتراءات الباطلة التي كان يوجهها اليهود والنصارى للمسيح وأمه، فمن تكريم القرآن للمسيح عليه السلام أن جاءت إحدى السور باسم عائلته وهي سورة آل عمران، وسورة أخرى هي سورة مريم باسم أمه التي ورد أسمها في القرآن في مواضع كثيرة، كلها تتحدث عنها بكل التقدير والاحترام والتبجيل ومن ذلك قوله تعالى: "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرَّكِ واصطفاك على نساء العالمين" (آل عمران، الآية: 42) وقوله تعالى: "ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصّدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين" (الزخرف، الآية: 59).

وتحدث القرآن عن حياة المسيح منذ ولادته وحتى رفعه إلى السماء فهو بشر مخلوق عبد للخالق عزّ وجل، قال تعالى "إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل" (الزخرف، آية: 59)، وهو نبي ورسول من عند الله عز وجل، قال تعالى: "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرُّسُلُ" (المائدة، الآية: 75) والمسيح بارُّ بوالدته وليس بجبار ولا شقي قال تعالى :" وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبَّاراً شقياً"(مريم، الآية: 32).

وهو قدوة صالحة في العبادة والإخلاص لله سبحانه وتعالى: "قال إني عُبد الله ءاتني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصًّلاة والزكاة ما دمت حَياًَّ" (مريم، آية: 30 ، 31).

وقد أرسله الله إلى بني إسرائيل وأيده بالمعجزات التي منها إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، ونزول المائدة من السماء، وغير ذلك قال تعالى : "ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبرئُ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله وأنبّئكم بما تأكلون وما تدخرون في بُيوُتِكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين" (آل عمران، آية: 49).

ولما بلغ رسالة ربه وأراد به أعداؤه كيداً نجاه الله من كيدهم فتوفاه ورفعه إليه () "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ) آل عمران، آية: 55).

وقال سبحانه : " وما قتلوه وما صلبُوُه ولكن شُبّه لهم" (النساء، آية: 157). هذا هو مجمل اعتقاد المسلمين بالمسيح عليه السلام وقد ضل النصارى في ذلك ضلالا بعيداً بجعلهم المسيح عيسى عليه السلام ابناً لله تعالى الله عن ذلك، قال سبحانه: "وقالت النصارى المسيح ابن الله" (التوبة، آية: 30)، بل ادعوا أن الله سبحانه هو المسيح ابن مريم قال جلّ وعلا: "لقد كَفَر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابنُ مريم" (المائدة، آية: 17) وقد كانت نبّوة المسيح عليه السلام منذ ظهور الإسلام إلى الوقت الحاضر من القضايا الرئيسية التي تناولها العلماء المسلمين في مناقشاتهم مع النصارى رجاء هدايتهم للحق في ذلك، وقد اعتنى العلماء في عصر الحروب الصليبية بيان ذلك للنصارى ودعوتهم إلى الإيمان بنبوته عليه السلام، ونبذ معتقداتهم الباطلة حوله، وذلك من خلال ما يلي:

- الدعوة إلى الإيمان بنبوّة المسيح عليه السلام من خلال بيان معتقد المسلمين فيه على الإجمال، فما كتب أحد من علماء عصر الحروب الصليبية في مناقشة النصارى إلا ووضح معتقد المسلمين في المسيح صلى الله عليه وسلم، ونعي على النصارى ضلالهم في ذلك قال ابن الجوزي عند قوله تعالى: "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقه"(المائدة، الآية: 75) فيه رد على اليهود في تكذيبهم رسالته وعلى النصارى في ادعائهم إلهيته والمعنى: أنه ليس بإله وإنما حكمه حكمم من سبق من الرسل ().

وقال البغوي: أي ليس بإله بل هو كالرسل الذين مضوا لم يكونوا آلهة ().
وقال الرازي: أي ما هو إلا رسول من جنس الرسل الذين خلوا من قبل ()، وعند قوله تعالى : "كانا يأكلان الطعام" (المائدة الآية: 75) قال: وأعلم أن المقصود من ذلك الاستدلال على فساد قول النصارى (). أي نفيهم نبّوته وإدعائهم الألوهية له. وهكذا كل مفسري هذا العصر لم يغفلوا بيان عقيدة المسلمين في المسيح عليه السلام وفضح ضلال النصارى فيه وذلك في تفسيرهم للآيات التي تتحدث عن عيسى عليه السلام أو النصارى بشكل عام (). وبعد أن بين القرطبي حيرة اليهود والنصارى في عيسى عليه السلام، وتضارب أقوالهم حوله، وضَّح رحمه الله سبحانه وتعالى ومنّه علينا – نحن المسلمين – وعلى النصارى بأن بعث سيد المرسلين لينزه الله المسيح وأمه على لسان نبيه مما قالته اليهود فيهما، ويشهد ببراءتهما مما نسب إليهما، قال سبحانه. "ما المسيح ابنُ مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمُّهُ صديقه" (المائدة، آية: 75) ثم ذكرّ القرطبي النصارى بموقف النجاشي من عقيدة المسلمين بعيسى عليه السلام حينما أخبره بها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: نقول فيه – أي المسيح عليه السلام – الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول فلما سمع النجاشي ذلك ضرب بيده الأرض، وأخذ عوداً منها وقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود، فتناخرت بطارقة حوله فقال: وإن نخرتم والله (). ثم خاطب القرطبي النصارى بعد ذلك قائلاً: ... فهذا – أي رأي النجاشي – قول أهل العلم من قبلكم، العارفين بشريعتكم، وما عدا ذلك فشجرته غثاء "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار "(إبراهيم، آية: 26).

وقد دعا الخزرجي القسيس الذي طلب منه الإيمان بألوهية عيسى إلى الإيمان بنبّوته بعد إيضاح عقيدة المسلمين فيه عليه السلام حيث قال : ونحن بالمسيح ابن مريم رسول الله أولى، قدرناه حق قدره، وقلنا بفضله المعلوم وفخره واعتقدناه بمنزلة تقبلها الأفهام وتليق بالعقول... "لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً" (النساء، آية: 175)، وتبرأنا من قوم غدوا فيه على طُرفي نقيض : مفتون به ضال، وظالم بغيض ()... ثم دعاه إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام قائلاً: ... ما أزين بك أن تقول: إن الله خلق عيسى وأمه آية للناس، عبداً ورسولاً، وهي صديقة مباركة وكانا يأكلان الطعام ().

-الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ المسيح عليه السلام من خلال ذكر الأدلة على ذلك من كتب النصارى:

تصريح المسيح نفسه في الإنجيل بأنه نبيّ مرُسل من الله سبحانه وتعالى، حيث أورد ابن الأنباري نقولا من الأنجيل صرح فيها المسيح بعبوديته ونبوته، ومن ذلك قول المسيح للحواريين: .. أخرجوني من هذه المدينة، فإنه ما أكرم نبيّ في مدينته، حيث أورد هذا النص مع شيء من الاختلاف اليسير الخزرجي في إثباته لنبّوة المسيح عليه السلام ().
شهادة بعض أنبياء بني إسرائيل له بالنبوَّة، ومنهم أشعيا. قال لوقا : جاء يسوع إلى الناصرة حيث تربى، ودخل كعادته في مجامعهم يوم السبت ليقرأ فدفع إليه سفر أشعيا النبي، فلما فتحه إذا فيه مكتوب (روح الرب عليّ من أجل هذا مسحني وأرسلني لأبشر المساكين، وأشفي منكسري القلوب، وأنذر المأسورين بالتخلية، والعميان بالنظر، وأبشر بالسنة المقبولة ثم طوى السفر ودفعه إلى الخادم فجعلوا ينظرون إليه، فقال: اليوم كمل هذا المكتوب في سماعكم ()، قال الجعفري معلقاً على ذلك: فهذه نبوءة من أشعيا على تصديق ودعوى النبّوة والرسالة ().
شهادة بعض تلامذته وحوارييه له بالنبّوة : فهذا يوحنا الإنجيلي تلميذ المسيح عليه السلام وحبيبه وأحد مدوني الإنجيل يقول: كان الناس إذا رأوا يسوع وسمعوا كلامه يقولون: هذا النبيّ حقاً (). قال الجعفري: هذا هو يوحنا الإنجيلي الذي سمي حبيب المسيح يشهد بنبّوته، وهو أحسن أقوال أهل زمانه فيه ().
اعتراف أهل زمانه له بالنبوة، وإقراره لهم وعدم الإنكار عليهم ومن ذلك قول متى في إنجيله: لما دنا المسيح وأصحابه من أورشليم، أرسل من جاءه بأتان وجحش، فركب وفرش الناس له ثيابهم، وأرتجت المدينة لدخوله، فقال الجميع: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الخليل (). وقد وضح الجعفري وجه الدلالة من هذا النص، وهو الشهادة للمسيح من أصحابه وأهل زمانه بالنّبوة وعدم إنكاره عليهم، وذلك رضا بما يقولون ().

ثم توجه الجعفري باستفهام إلى النصارى غايته دعوتهم إلى الإيمان بنبوة المسيح عليه السلام وذلك بقوله: كيف يسمع – أي المسيح – آلافاً من الناس يشهدون أنه النبيّ الآتي من الناصرة ويقرهم على ذلك، ولا تقوم به الحجة ؟ أفيظن متأخرو النصارى يومنا هذا أنهم أعلم بالمسيح ممن رآه وشاهده وصحبه ()؟. وقد ورد في الإنجيل : أن امرأة رأت المسيح فقالت له: أنت ذاك النبي الذي كنا ننتظر مجيئة؟ فقال لها المسيح : صدقت، طوبى لك أيتها المرأة ()، فهذه المرأة تسأل المسيح هل هو النبيّ المنتظر؟ ويصدقها المسيح إذ أقرت له بالنبوة، حيث أورد هذا النص المتطبب مستدلاً به على نبوّة المسيح وذلك في مناقشته للنصارى في كتابه النصيحة الإيمانية ().

- الدعوة إلى الإيمان بنبوةّ عيسى عليه السلام من خلال نفي الألوهية عنه، وإثبات عبوديته لله سبحانه وتعالى، وتفنيد شبه النصارى وأدلتهم على ألوهيته، حيث أسهب علماء هذه الفترة في بحث هذه القضايا ومناقشاتها من خلال ما أورده من أدلة نقلية وعقلية على ذلك ().


يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق