إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

391 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية: ثانياً:أهم موضوعات دعوة المسلمين للنصارى: 3-الدعوة إلى الإيمان بالقرآن:


391

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:

ثانياً:أهم موضوعات دعوة المسلمين للنصارى:

3-الدعوة إلى الإيمان بالقرآن:

ب-عناية العلماء ببيان إعجازه القرآن الكريم بشكل عام وإبراز ذلك للنصارى بشكل خاص:

حيث اعتنى العلماء في هذه الفترة ببيان إعجاز القرآن بشكل عام، فظهرت مؤلفات قصرت الحديث على هـذا الجانب، ككتاب البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ()، وكتاب التنبيه على إعجاز القرآن ()، ولا يخفى أن إظهار إعجاز القرآن له أثر كبير في إقناع غير المسلمين، لذلك أبرز بعض العلماء هذا الجانب للنصارى من خلال عدة أمور منها:

-إثبات إعجازه من خلال حفظه من التحريف والتبديل:

وهذا من أعظم الإعجاز، وما كان ذلك ليتحقق لو وُكل حفظه إلى البشر، حيث أشار القرافي إلى حفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه، وذلك بتهيئة أسباب ذلك، من العناية بجمعه وألا يداخله غيره؛ حذراً مما وقع لأهل الكتاب، ثم نقله من السلف إلى الخلف نقلاً متواثراً، فصدق الله إذ يقول "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لله لحافظون"(الحجر، الآية: 9) ().

قال القرطبي حول هذه الآية "وإنّا له لحافظون" – من أن يزاد فيه أو ينقص منه ()، وبين – رحمه الله تعالى – في كتابه الإعلام حفظ الله سبحانه وتعالى لكتابه مقابل التحريف والتبديل الذي جرى على التوارة والإنجيل ()، ثم أورد أمثله على ذلك ().

- إثبات إعجازه ببيان فصاحته:

وفي ذلك قال الخزرجي مخاطباً النصارى ومبيناً إعجاز القرآن بفصاحته، وأن العرب الأوائل – وهم الفصحاء – أقروا له بذلك: يلتفت إلى مقال العجم الجهلاء ()، ثم وضع أن العرب وقت نزول القرآن وهم أشد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان منهم ما كان من سب الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإيذائهم، بل وحربهم ما تكلموا في فصاحته، وقد جرى لهم التحدي أن يأتوا بمثله كما قال تعالى : "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً" (الإسراء، آية: 88)، فما استطاعوا ذلك، ثم كان التحدي بعشر سور كما قال سبحانه "قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات" (هود، آية: 13) حتى صار التحدي إلى سورة واحدة " قل فأتوا بسورة مثله"(يونس، آية : 38) ومع ذلك عجزوا ولن يستطيعوا لو حاولوا كما أخبر سبحانه : "ولن تفعلوا" وفي مناقشة القرطبي للنصارى في كتابه الإعلام بين أن فصاحة القرآن أمر لا يقبل الشك : حتى أن العاقل الفصيح إذا سمعه قال: ليس هذا من كلام البشر ()، ثم وضح نماذج من إعجازه، كقوله تعالى: "خُذِ العفو وأمُر بالعرُف وأعرض عـن الجاهلين "(الأعراف؛ 199). وكيف أن هذه الآية لما نزلت قال أبو جهل : إن رب محمد لفصيح ()، ثم لفت القرطبي النظر إلى جوانب من الفصاحة من هذه الآية، حيث تضمنت أحكاماً وتفسير الحلال والحرام، والإعراض عن أهل الجهل والأجترام والأمر بالتزام أخلاق الكرام، مع ما هي عليه من اللفظ الموجز الجزل الرصين ()، ومثال آخر أورده القرطبي هو قوله تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذِى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون " (النحل، آية: 90).

وكيف أن الوليد بن المغيرة، لما سمع هذه الآية وهو من أفصح قريش وكان من أشد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وأن أعلاه لمثمر مورق وما يقول هذا بشر ()، وقد جرت مناظرة بين أحد قساوسة بلنسية بالأندلس وأبي علي بن رشيق التغلبي، حول فصاحة القرآن، حيث بدأ القسيس يتكلم حول إعجاز القرآن، وأن العرب – وهم الفصحاء والبلغاء – عجزوا عن الإتيان بشيء مثله، وأن هذا التحدي باق إلى آخر الدهر فوافقه ابن رشيق على ذلك، بعد ذلك أفصح القسيس عما يريد الوصول إليه، فذكر كتاب المقامات للحريري مدعيا أن الأدباء والشعراء، عجزوا عن معارضته، وأن الحريري قد أنشد بيتين اثنين في إحدى المقامات وتحدى أن يعززهما أحد بثالث، وإن السنين انصرفت وما أتى أحد بثالث لهما رغم دَرْس الناس لتلك المقامات وتداولها بينهم، وانتهى إلى القول على ضوء ما سبق: أن ما أتى به الحريري كلام فصيح يصح أن يكون معجزة وليس هو بنبي، فإذا حصل ذلك فإن نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تثبت بمسألة التحدى المنصوص عليه بالقرآن، فلما أخذ ابن رشيق يرد عليه بالأدلة والبراهين العلمية، أخذ القسيس يرد عليه بقوله: قد سمعت هذا وناظرني فيه فلان في تلك الأثناء انقدح في ذهن ابن رشيق بيت ثالث على شاكلة بيتي الحريري، فساقه للقسيس، الذي راح يفهمه لمن معه، وعند ذلك انقطعت حجة القسيس، وكـانت النتيجة كما يقول ابن رشيق: إنه انفصل عنهم وهم كالمسلمين في انقطاع شبهتهم ().

- إثبات إعجازه يلفت النظر إلى طريقة نظمه وأسلوبه الغريب:

وفي معرض مناقشة القرطبي للنصارى لفت أنظارهم إلى نظم القرآن وأسلوبه الغريب : ... والذي خالف به أسلوب كلام العرب، حتى كأنه ليس بينه وبينه نسب ولا سبب، فلا هو كمنظوم كلامهما فيكون شعراً موزوناً ولا كمنثوره فيكون نثراً عرياً عن الفواصل محروما، بل تشبه رؤوس آيته وفواصله قوافي النظم، ولا تدانيها، وتخالف آية متفرقات النثر، وتناويها، فصار لذلك أسلوباً خارجاً عن كلامهم، ومنهاجاً خارجاً لعادة خطابهم () ثم ضرب للقرطبي مثالاً على ذلك موجهاً إلى النصارى وهو قوله تعالى: "وأذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا"(مريم، آية: 16 – 33) إلى قوله تعالى "والسّلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حَيَّاً"(مريم، آية : 16 – 33)، طالباً منهم التأمل في معاني هذه الآيات، ولافتاً أنظارهم إلى نظمها البديع المنيف الذي عجزت العرب عن معارضته().

-إعجاز القرآن بإخباره عن بعض المغيبات فتقع كما أخبر:

ومن ذلك بيان الخزرجي لأحد القساوسة النصارى أن من إعجاز القرآن إخباره عن بعض المغيبات فتحصل كما أخبر، حيث أورد العديد من الأمثلة منها قوله تعالى : " الم غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم* وعد الله لا يخُلفُ الله وعده ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون *" (الروم، آية: 1 – 6) فما كان بضع سنين حتى تحقق ذلك وغلبت الروم الفرس ().

ومثال آخر هو قوله تعالى: "لقد صدق الله رسوله الرُّءيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رُءُوسَكم ومقصرين لا تخافون فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً"(الفتح، آية: 27) فصدق وعده فدخلوا مكة وتحقق الفتح القريب وهو فتح خيبر ()ومن الأمثلة التي أوردها الخزرجي قوله تعالى: "وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودُّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ()" فيظفر المسلمون بالنصر على قريش في بدر، وما كذب خبر القرآن، وبعد عدة أمثلة ذكرها الخزرجي على ذلك خاطب النصارى متعجباً من عدم تصديقهم بالقرآن، وبمن جاء به رغم إعجازه، وذلك بقوله: ومن أعجب الأشياء أنكم تؤمنون بنبوة مريم وحنة وهما امرأتان، بلا كتاب ومعجزة، ولا ذكرنا في صحف الأنبياء، وتكفرون بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وله كتاب يعجز الإنس والجن ()وأكد القرطبي في رده النصارى في كتابه الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام أن الأخبار عن المغيبات في القرآن فتقع كما أخبر به من وجوه إعجازه ()، ثم عرض أمثلة كثيرة على ذلك ().
وفي هذا السياق قال ابن الأنبارى : فإنه لما كان لا يجوز أن يقع ذلك على وجه الإنفاق دل على أنه من عند علام الغيوب ()، ثم أورده أمثلة عديدة على ذلك().

-إعجاز القرآن بإخباره عن بعض الأمم السابقة:

تحدث القرطبي عن وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم، وهو ما تضمنه من الأخبار عن الأمم السالفة التي يشهد العلماء بصحتها مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينل ذلك بتعليم بشري ()، حيث أورد في رده على النصارى أمثلة على ذلك. خصوصاً ما كان يثيره أهل الكتاب في عهده صلى الله عليه وسلم من أسئلة ينزل القرآن مجيباً عليها، فما ينكرون منها شيئاً، مع شدة عداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصهم على تكذيبه ومن ذلك: سؤالهم عن الروح وعن ذي القرنين، وعن أصحاب الكهف، وعن عيسى عليه السلام، وعن حكم الرجم، وعن ما حرم إسرائيل على نفسه، وغير ذلك من أمورهم، التي نزل القرآن مجيباً عنها فلم ينكروا منها شيئاً ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق