إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 أغسطس 2014

397 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية: ثالثا:مناقشة عقائد النصارى: 2-اختلاف الأتاجيل:


397

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الرابع:الجدل الثقافي بين المسلمين والنصارى في عهد الحروب الصليبية:

ثالثا:مناقشة عقائد النصارى:

2-اختلاف الأتاجيل:

الإنجيل : من اللفظ اليوناني أو نجيلون ومعناه خبر طيب ()، وتأتي بمعنى الحلوان – وهو ما يعطي لمن يأتي بالبشرى، ثم أريد بها البشرى عينها، واستعملها على الكتاب الذي يتضمن هذه البشرى عند النصارى منذ أواخر القرن الأول إلى الوقت الحاضر ()، حيث يشمل الكتاب العهد القديم والعهد الجديد، فالعهد القديم يعني التوراة والكتب الملحقة بها حيث تضم تسعاً وثلاثين سفراً ()، والعهد الجديد يعني الأسفار التاريخية والأناجيل الأربعة ورسالة أعمال الرسل والأسفار التعليمية حيث يبلغ تعدادها جميعاً سبعاً وعشرين سفراً والعهد القديم أو التوراة على الرغم من إيمان النصارى به إلا أنهم يفسرون كثيراً من نصوصه تفسيراً يوافق عقائدهم الباطلة كالتثليث وألوهية المسيح وغير ذلك، لعدم استطاعتهم التصرف بنصوصه كالإنجيل لأنه محفوظ عند أعدائهم اليهود ()، والإنجيل في الأصل هو الكتاب الذي أنزل على عيسى عليه السلام، قال تعالى " وقفينا على ءاثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين"(المائدة، الآية: 46). لكن هذا الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام ليس هو الذي بين النصارى اليوم. إذ بين أيديهم الآن أربعة أناجيل انتخبت من عدد غير محدود من الأناجيل، حيث اعتمدت الكنيسة هذه الأربعة بما يسمى بالأناجيل القانونية من بين أناجيل كثيرة تم استبعادها أطلق عليها الأناجيل غير القانونية () وقد كان ذلك سنة 170م وقد بين صاحب قصة الحضارة هذه القضية بقوله : أما الأناجيل فليس أمرها بهذه السهولة، وذلك أن الأناجيل الأربعة التي وصلت إلينا هي البقية من عدد أكبر منها كثيراً كانت في وقت ما منتشرة بين المسيحيين في القرنين الأول والثاني (). وإذا كانت هذه الأناجيل الأربعة قد تم اختبارها من بين أناجيل كثيرة فلا يستبعد أن يكون الإنجيل الصحيح من بين ما تم استبعاده وحتى هذه الأربعة المعتمدة لم تسلم من الاختلاف فيما بينها بل والتناقض الذي لا يمكن التوفيق فيه وقد تساءل ابن القيم ()، كيف يكون في الإنجيل الذي أنزل على عيسى قصة صلبه وما جرى له من الألم ثم الموت والقيام من القبر إلى غير ذلك مما هو من كلام شيوخ النصارى ()، وفيما يلي نبذة على ما يسمى عند النصارى بالأناجيل الأربعة القانونية التي أقروها لتوافق التحريفات التي أدخلوها على ديانتهم في مجامعهم المختلفة : مثل إنجيل متى، وإنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا ().

هذه هي أناجيل النصارى التي عليها عماد ديانتهم، وهي في اعتقاد المسلمين لا يمكن أن تكون الإنجيل الذي أنزله الله عزَّ وجل على عبده عيسى عليه السلام وأحسن أحوالها أن تكون متضمنه لبعض ما أنزله الله جلّ وعلا على عيسى، وكثير مما فيها حرف بلفظه أو بمعناه قال: "يُحرفون الكلم عن مواضعه"(المائدة ، الآية : 13). قال القرطبي: أي يتأولونه على غير تأويله ويلقون ذلك إلى العوام (). ولمكانة الأناجيل عند النصارى، لكونها عماد ديانتهم، وأساس ضلالهم بما حرفوا فيها، فقد اهتم بعض من العلماء المسلمين في عصر الحروب الصليبية بدارستها مبينين تناقضها وعدم الطمأنينة إلى ما فيها، وإظهار ذلك للنصارى هدما لأساس عقائدهم الباطلة، ورغبة في هداية من شاء الله هدايته منهم، فهذا الجعفري يوضح أن مَن وقف على التناقض في الإنجيل، ومصادمة بعضه بعضاً يشهد بأنه ليس هو الإنجيل الحق المنزل من عند الله، وأن أكثره من أقوال الرواة وأقاصيصهم، وأن نقلته أفسدوه ومزجوه بحكاياتهم وألحقوا به أموراً غير مسموعة من المسيح ولا من أصحابه.
وهو ليس إنجيلاً واحداً بل أربعة أناجيل كتب كل واحد منها في قطر من الأقطار، بقلم غير قلم الآخر، وتضمن كل كتاب أقاصيص وحكايات أغفلها الكتاب وإذا كان الأمر كذلك فقد انخرمت الثقة بهذا الإنجيل، وعدمت الطمأنية بنقلته ()، ثم أورد الجعفري نماذج عديدة تبين تحريف الإنجيل وتناقضه ومن ذلك:

قال متى: من يوسف خطيب مريم – وهو الذي يسمى يوسف النجار ... إلى إبراهيم الخليل اثنتان وأربعون ولادة ()وقال لوقا: لا ولكن بينهما أربع وخمسون ولادة (). ثم عقب الجعفري على ذلك بقوله : وهذا تكاذب قبيح ()..
نصان آخران أحدهما عند لوقا يصف المسيح عليه السلام بأنه سيملك على بني إسرائيل ()، ونص آخر عند يوحنا يصف المسيح عليه السلام بأنه الضعيف الذليل (). حيث عقب عليهما الجعفري بقوله: وهذا تكاذب قبيح، لأن أحدهما يقول: إن يسوع يملك على بني إسرائيل، والآخر يصفه بصفة ضعيف ذليل ().

وهكذا استطرد الجعفري بذكر نماذج من تحريف الإنجيل وتناقضه في اثنين وخمسين موضعاً، عقب بعد عرضها بقوله: فهذا كتاب قد تلاعبت به بنيات الطرق وتزاحمت به تراجمة الفرق، وولد من لسان إلى لسان، وعبث به التحريف والتصحيف في كل زمان ()، وخاطب الخزرجي أحد قساوسة النصارى بقوله: ... أنا جيلكم إلا حكايات، وتواريخ، وكلام كهنة، وتلاميذ وغيرهم، حتى إني أحلف بالذي لا إله إلا هو أن تاريخ الطبري عندنا أصح نقلاً من الإنجيل، ويعتمد عليه العاقل أكثر، مع أن التاريخ عندنا لا يجوز أن ينبني عليه شيء من أمر الدين (). ثم أورد الخزرجي في نقاشه مع القسيس أمثلة على تنقض الإنجيل مبتدئاً لها بقوله: وفي الإنجيل الذي بأيديكم كثير من المتناقضات ()، ثم ذكر كثيراً من الأدلة على ذلك ثم وجه خطابه للقسيس قائلاً: أخبرني أيها المغرور عن هذا الخلاف، أتعده تتميماً أو نقصاً لشريعة من سبقه ()؟ وأخيراً بعد أن انتهى الخزرجي من سرد الأمثلة الكثيرة على تناقض الإنجيل وبين أن فيها الكفاية على تهافت الأناجيل، والدليل على ما اشتملت عليه من الزلل والأباطيل، بعد ذلك تساءل قائلاً: فليت شعري أين هذا الإنجيل المنزل عند الله؟ وأين كلماته من بين هذه الكلمات(). وقد بين القرافي أنه لكثرة التحريف والتبديل من الإنجيل وكثرة كتبته واختلاف طوائف النصارى فيه فلا يمكن والحال هذه تمييز الكلام الذي أنزله الله عن غيره حيث قال: وأما النصارى فلا يتعين لهم شيء مما أنزل الله تعالى أبداً ()وفي موضع آخر وصف القرافي كتب النصارى بقوله:... ومن طالع كتبهم وأناجيلهم وجد فيها من العجائب ما يقضي له بأن القوم تفرقت شرائعهم وأحكامهم، ونقولهم، .. وأن القوم لا يلتزمون مذهباً، والعجب أن أناجيلهم حكايات، وتواريخ ومجريات وكلام كفرة وكهنة (). ثم أورد بعد ذلك خمسة عشرة مثالاً من تناقضات الأناجيل تدل على تغييرها وتبديلها وعدم الوثوق بشيء منها ()، وهكذا من ومصادمة بعضها بعضا وإبراز العلماء المسلمين لاختلاف الأناجيل وتناقضها ومصادمة بعضها بعضا وإيراد الأمثلة على ذلك، إيضاح بما لا يدع مجالاً للشك لضعف ما بنى عليه النصارى عقائدهم الذي يعدونه أساس ديانتهم ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق