إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 أغسطس 2014

323 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة: تاسعاً:مقتل تورنشاه وزوال الدولية الأيوبية:


323

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة:

تاسعاً:مقتل تورنشاه وزوال الدولية الأيوبية:

تبيانت الآراء واختلف المؤرخون حول شخصية تورانشاه، وتعددت أسباب قتله في نظرهم ولكنهم اجتمعوا على قتله على يد مماليك أبيه البحرية ()، ويرى الدكتور قاسم عبده قاسم: بالرغم من الانتصار الإسلامي الرائع على الحملة الصليبية فإن السلطان الأيوبي تورانشاه كان إخفاقاً أيوبياً جديداً مهد الطريق أمام نهاية الدولة الأيوبية وصعود الدولة الجديدة التي شادها المماليك، لقد فشل تورانشاه في الاستجابة للتحديات التي كانت تفرضها الظروف التاريخية وبدلاً من تكريس جهوده لتوحيد المسـلمين للقضـاء على الخطر الصليبي تماماً، بدأ يدبر للتخلص من "شجرة الدر" وكبار أمراء المماليك () وقد ذكر المؤرخون مجموعة من الأسباب أدّت لقتل تورنشاه منها:

أن هؤلاء المماليك خدموه أتم خدمة وانتظروا مجازاتهم واعتقدوا أنه سيملأ فراغ والده ولكنه قدم أمراءه وتوعد مماليك أبيه – الذين رباهم كأولاده – وقطع أخبارهم ونهب أموالهم ولم يعمل بوصية أبيه تجاهم ().

ومن الأسباب التي ذكرت في قتله أن مماليكه أشاروا عليه بصلح الفرنج بعد أن كان ملكهم في يديه حتى لا يحتاج إلى شجرة الدر أو مماليك أبيه لأنهم مسيطرين على الحكم وسولوا له أن هؤلاء هم أعداءه وإن في صلح الملك وتركه وأخذ الأموال والجواهر صلاح الحال وتسليم دمياط، فشعر أمراء أبيه بتغيره عليهم واستهتاره بما قاسوه حتى وصلوا إلى هذا النصر على الصليبيين فدبروا قتله ().

وقيل أن في أسباب قتله أنه كان قد وعد أقطاي حين ذهب إليه يستدعيه من حصن كيفا أن يؤمره ولم يف بوعده فحقد عليه أقطاي()، ولما ذكره بوعده، على لسان بعض خواصه رد قائلاً "أعطيه جباً مليحاً يليق به ()"
وقيل من أسباب قتل المماليك له أنه تعرض لحظايا أبيه ()، فلماذا حظايا أبيه وقد كان في عصر من الممكن الحصول فيه على أكبر عدد من المماليك والجواري والحظايا وكان طبيعياً أن لكل سلطان حظايا، فلم تكن ثروة ثمينة لا يستطيع الحصول على مثلها ().

وقيل من أهم أسباب قتله أنه طالب زوجة أبيه شجرة الدر بمال أبيه والجواهر ()، وهددّها فخافت منه فتلاقت مخاوفها مع مخاوف زعماء المماليك وغضبهم بعد أن حرمهم السلطان الجديد من إقطاعتهم، فاستقر الرأي على ضرورة التخلص من آخر السلاطين الأيوبيين في مصر ().

وكان حبه لشرب الخمر أحد تصرفات تورانشاه التي أشارت حنق المماليك البحرية عليه وذكرها معظم من أرخ لتلك الفترة، فقد كان يشرب الخمر حتى تدور رأسه ويأتي بالشموع ويسميها باسم مماليك أبيه ويطيح بها بسيفه وقد حذره أبوه في وصيته بترك شرب الخمر، ولكن يبدو أنه لم يسمع النصيحة وقد جاء في الوصية: يا وليد قلدت إليك أمور المسلمين، فأفعل فيهم ما أمرك به الله به ورسوله يا ولدي إياك والشراب، فإن جميع الآفات وما تأتي على الملوك إلا من الشراب ().

وذكر ابن العبري، أن أحد تصرفات تورانشاه التي أثارت حفيظة البحرية ضده حين علم أن الملكة زوجة الملك لويس التاسع المعتقل لديه ولدت له إبناً في دمياط فسير إليها المعظم عشرة آلاف دينار ذهباً ومهداً للطفل ذهبياً وحللاً ملكية ()، وغير ذلك من الأسباب، والمهم أن نعرف حقيقة هامة وهي أنهم شعروا باختلاف شديد في معاملة السلطان لهم ومعاملة تورانشاه المختلفة فقد كان الملك الصالح يحب مماليكه ويهتم بهم ويغدق عليهم الكثير من الإنفاق وقد بلغ من شدة اهتمامه بهم أنه ذكرهم في وصيته لابنه تورانشاه : الولد يتوصى بالخدم محسن ورشيد والخدام المقدمين لا تغيرهم، فما قدمت أحد من الخدام ولا من المماليك إلا بعد ما تحققت نصحه وشفقته واستاذ الدار وأمير جاندار تتوصى بهم وكذلك الحسام لا تغييرهم فإني اعتمد عليهم في جميع أموري ().

وقد عينت في ورقة عند الأخ فخر الدين عشرين من المماليك تقدمهم تعطي كل واحد كوسى ()، وعلم وتحسن إليهم وتتوصى بالمماليك غاية الوصية، فهم الذين كنت اعتمد عليهم وأثق بهم وهم ظهري وساعدي، تتلطف بهم وتطيب قلوبهم وتوعدهم بكل خير، ولا تخالف وصيتي ولولا المماليك ما كنت قدرت أركب فرسي ولا أروح إلى دمشق ولا إلى غيرهم فتكرمهم وتحفظ جانبهم()، وجاء في الوصية : والوصية بجميع الأمراء وأكرمهم واحترامهم وأرفع منزلتهم فهم جناحك الذي تطير به وظهرك الذي تركن إليه، وطيب قلوبهم وزيد في إقطاعهم، وزيد كل أمير على ما معه من العدة عشرين فارساً، وأنفق الأموال، وطيب قلوب الرجال يحبوك وتنال غرضك في دفع هذا العدو () ومن الراجح أن هؤلاء المماليك توقعوا بعد الانتصارات التي حققوها والصعاب التي واجهوها في سبيل تخليص البلاد من ذلك الخطر الصليبي وحفظ البلاد للسلطان وحتى مجيئه وحلفهم له وتنصيبهم إياه سلطاناً على البلاد أن يقدر ذلك الجميل ويكافئهم كما تعودوا من أبيه ()، ويبدو أن الأمر كان مغايراً تماماً لما توقعوه وبعد أن كان لهم الحل والعقد والأمر والنهي آثر مماليكه ودأب على تهديد هؤلاء ووعيدهم، فلم يستطيعوا تقبل الأمر كما هو فقتلوه ()، وكانت أكبر أخطاء تورانشاه أنه أقام بنيابة السلطنة الأمير جمال الدين أقوش النجيبي، بدلا من الأمير حسان الدين أبي علي الذي كانت له هيبة في عهد الصالح وهو الذي كان قد أمر الخطباء بالدعوة لتورانشاه على المنابر يوم الجمعة بعد الدعاء لأبيه وأن ينقش اسمه على السكة بعد اسم أبيه وهو الذي حرضّ على استدعائه في سرعة حتى لا يتغلب الأمير فخر الدين على البلاد عقب وفاة الصالح ()، فكان من الممكن أن يسانده ويتقوى به().

1- كيفية مقتل تورانشاه ؟ ونتيجة لبعض التصرفات الغير مسؤولية وعدم أخذ الحيطة اللازمة من تورانشاه، قرّر المماليك البحرية التخلص من تورانشاه وتزعم المؤامرة مجموعة من الأمراء البحرية منهم فارس الدين أقطاي، وبيبرس البندقداري، وقلاوون الصالحي، وأبيك التركماني، وتمَّ تنفيذ المؤامرة في صباح يوم الاثنين 28 محرم 648ه/2أيار 1250م وكان السلطان آنذاك في فارسكور يحتفل بانتصاره، ويتهيأ لإستعادة دمياط ()، وجلس على عادته ليتناول طعامه، فتقدم إليه بيبرس البندقداري، وضربه بسيفه ضربة تلقاها بيده، فقطعت بعض أصابعه، فأسرع توران شاه إلى البرج الخشبي الذي أقامه على النيل ليمضي فيه بعض وقته واحتمى به وهو يصبح، من جرحني؟ فقالوا : "الحشيشية" فقال:، لا والله إلا البحرية ! والله لا أبقيت منهم بقية، وضمد جراحة، فاجتمع أمراء المماليك وقرروا قتله وقالوا : بعد جرح الحية لا ينبغي إلا قتلها ودخل ركن الدين بيبرس وفارس الدين أقطاي وغيرهما من أمراء المماليك البحرية إلى البرج وهم شاهرون سيوفهم ففر توران شاه إلى أعلى البرج، وأغلق بابه، والدم يسيل من يده، فأضرموا النار في البرج ورموه بالنشاب، فألقى توران شاه نفسه من أعلى البرج، وهو يصيح مستنجداً : ما أريد ملكاً دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين، أما فيكم من يصطعني ويجيرني ()فلم يحبه أحد وأخذ يركض نحو النيل ونبال المماليك تأخذه من كل جانب حتى ألقى بنفسه في الماء على أمل أن يسبح إلى إحدى سفنه الراسية ليعتصم بها، ولكن سرعان ما لحق به أقطاي فقتله وتركت جثته على شاطئ النيل ثلاثة أيام دون أن يتجاسر أحد على دفنه، إلى أن شفع فيه رسول الخليفة العباسي، فحمل إلى الجانب الآخر من النهر ودفن، بعد أن حكم واحداً وستين يوماً()، وقيل كانت مدة سلطته بالمنصورة نحو أربعين يوماً، لم يدخل فيها إلى القاهرة ولا طلع قلعة الجبل ولم يعتلي سرير الملك ()، وبوفاة تورانشاه انقضت دولة بني أيوب بعد أن أقامت إحدى وثمانين سنة وسبعة عشر يوماً، وكان تورانشاه آخر من تولى السلطنة من بني أيوب ()، على أن بعض المصادر ذكرت أن الدولة الأيوبية انتهت بخلع شجرة الدر ()، فقد ذهب مجموعة من المؤرخين أنه بتولي عز الدين أبيك التركماني انتهى حكم الدولة الأيوبية من مصر، فقد اعتبر بعض المؤرخين، أن حكم شجرة الدر، استمراراً للحكم الأيوبي وأما في بلاد الشام فقد حكم الدولة الأيوبية لعدة سنوات أخرى()

وسيأتي الحديث مفصلاً بإذن الله تعالى عن شجرة الدر والأيوبيين في بلاد الشام في كتابنا القادم عن المماليك وبيان جهودهم العظيمة للتصدي للمشروعين المغولي والصليبي، ودورهم في إحياء الحركة العلمية الكبيرة التي لا زالت الأمة عالة على علماء ذلك العصر.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق