إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 أغسطس 2014

300 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة: سادساً:أسباب الهزيمة : 4-نزول العلماء والفقهاء أرض الجهاد :



300


موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة:

سادساً:أسباب الهزيمة :

4-نزول العلماء والفقهاء أرض الجهاد :

قام العلماء بدور كبير في تحريض الناس على القتال وانضم إلى صفوف المجاهدين كوكبة مباركة من ألوان الطيف الإسلامي، كالعز بن عبدالسلام والشيخ محي الدين بن سراقه والشيخ مجد الدين علي بن وهب القشيري، وكان كبار المتصوفة متواجدون في معركة المنصورة ومن أشهرهم الشيخ أبو الحسن الشاذلي وكان يقضي وقته كله في المنصورة ولا تشغل باله وفكره إلا هذه الحرب الطاحنة بين عدو وافد وجيش مجاهد، وكان يثير روح الجهاد في نفوس اتباعه والناس وبقي إلى تحقيق نصر الله على الصليبيين وكان من أشد الناس فرحاً بهزيمة الصليبيين ورحيلهم عن مصر وقد عاد بعد ذلك إلى الإسكندرية، وتابع سيرته الأولى في الحياة يدرس ويعظ ويتعهد أرواح تابعيه ومريديه بالتهذيب ()وكان الشيخ الشاذلي من كبار متصوفة عصره وقد تميزت طريقته بالملامح الآتية:-

كانت دعوته عامة للناس جميعاً، وجدت في تونس وفي مصر وفي الجزائر، وفي المغرب، وفي اليمن وفي الحجاز، كما أن.
أن المدرسة الشاذلية لم تعن بالتنظير الفكري بقدر ما عنيت بالأفكار من حيث تطبيقاتها في الحياة العلمية.
إن الدعوة الشاذلية، لم تكن دعوة للانقطاع إلى العبادة، أو الإنغمار في حياة الربط والتكايا، وإنما كانت دعوة إلى العبادة بمفهومها الشامل في الحياة ().
كان الشيخ الشاذلي يدعو اتباعه بالتمسك بالكتاب والسنة، ومجانبة البدع المحدثة في الدين وكان يلزم أتباعه بالصلوات الخمس في المساجد وفي هذا يقول: إذا لم يواظب الفقير على الصلوات الخمس في الجماعة، فلا تعبأن (). ويقول أيضاً : كل علم تسبق إليك فيه الخواطر، وتميل إليه النفس وتلذ به الطبيعة، فارم به وخذ بالكتاب والسنة (). والشيخ الشاذلي رحمه الله عارضه مجموعة من العلماء منهم ابن تيمية – رحمه الله – الذي انتقده في بعض أحزابه زاعماً بأن أقواله تفضي إلى تعطيل الأمر والنهي ()، ونحب أن نشير إلى أن ابن تيمية لم يحمل على الشيخ حملته على ابن عربي وابن سبعين والقونوى وعفيف الدين التلمساني، والجربي، كما أنه لم يتهمه صراحة بأنه يقول بسقوط التكليف ولكنه قال: بأن لوازم أقواله تقضي إلى ذلك ()، وغير خاف لدى الفقهاء بأن لازم المذهب ليس مذهباً لصاحبه ()، وثمة ناقد آخر للشيخ الشاذلي هو المؤرخ الكبير شمس الدين الذهبي الذي يقول عنه: وله عبارات في التصوف مشكلة توهم، ويتكلف له في الاعتذار عنها ()، ومنهم أيضاً المؤرخ "ابن الوردي" الذي قال عنه له عبارات في التصوف مشكلة رد عليها ابن تيمية (). ومن أراد المعرفة المفصلة عن حياة الشيخ أبي الحسن الشاذلي، فليراجع الكتاب للدكتور عبدالوهاب فرحات والذي سمّاه "سيدي أبو الحسن الشاذلي حياته ومدرسته في التصوف" وقد انتصر الدكتور عبد الوهاب إلى أن الشاذلي من أعلام مدرسة التصوف السني وقد نقل لنا من أقوال الشاذلي الشيء الكثير في هذا المعنى، ولابد من التفريق بين المؤسسة والأتباع الذين غلوا فيه بعد وفاته ومما نقله الدكتـور عبد الوهاب في هذا المعنى قول الشيخ الشاذلي – رحمه الله - : إذا ثقل الذكر على لسانك وكثر اللغو من مقالك، وانبسطت الجوارح في شهواتك وانسد باب الفكرة في مصالحك، فأعلم أن ذلك من عظيم أوزارك أو لكمون إرادة النفاق في قلبك، وليس لك إلا طريق التوبة والإصلاح والاعتصام بالله، والإخلاص في دين الله ألم تسمع قوله تعالى : إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين" (النساء، آية : 146) ولم يقل من المؤمنين فتأمل هذا القول، إن كنت فقيهاً والسلام () وكان يقول: إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك أن الله تعالى قد ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها في جانب الكشف ولا الإلهام (): وممن مدح الشيخ الشاذلي، سلطان العلماء الفقيه الكبير العز بن عبد السلام فقد قال عندما سمعه يتحدث في مجلسه عن الأسرار العجيبة والعلوم الجليلة، : اسمعوا هذا الكلام الغريب القريب العهد من الله ()، وكذلك السبكي وجلال الدين السيوطي، فقد كتب فيه كتيب صغير سماه : تأييد الحقيقة العاليةّ في تشييد الطريقة الشاذلية، دافع فيه عن  الشيخ الشاذلي وعن طريقتها مبرزاً فضائلها ومحاسنها وهو يقول: وكان الشيخ أبو الحسن يحضر عنده الأئمة مثل سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبدالسلام، والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد هذا مع ما صح عن ابن دقيق من تشديد النكير على الاتحادية، وتضليل عقولهم فلو رأى في كلام الشاذلي من ذرة من ذلك لكان أول مبادر إلى إنكارها ()، بل أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العبد قال: ما رأيت أعرف بالله من الشيخ ()الشاذلي وقال الشيخ بدر الدين بن جماعة : إن بركة الشيخ حلت بالديار المصرية منذ أقام فيها ().

إن الشيخ الشاذلي في معركة المنصورة وهي من المعارك الكبرى التي خاضتها الأمة في الدفاع عن دينها وعقيدتها وأرضها وعرضها، كان حاضراً في ساحة الوغى، فقد أبت عليه همته إلا أن يحضر إلى المنصورة ليحرض الجند والسلطان على القتال حينما تملك الرعب قلوب الأهلين، بعدما استولى الفرنجة على ثغر دمياط ولقد كان لهذه الوقفة أثرها المحمود في إذكاء الروح الإسلامية لدى مريديه وعامة الناس، فقد كان لموقف أبي الحسن الشاذلي أثره العميق، وعاقبته الطيبة في نفوس الجند، ومن ثم ندرك أن أبا الحسن الشاذلي شخص فعال في دنيا الناس، لا كشأن الكثيرين من علمائنا في هذا الزمان على اختلاف ألوان طبيعتهم () فحضوره في معركة المنصورة من الفضائل الكبرى التي سجلت بماء الذهب في صفحات تاريخه، كما أنني أطلعت على تسبيح ومناجاة وثناء على الله عز وجل للشيخ الشاذلي قمة في التوحيد، وعمق في التضرع والإنكسار أمام الواحد الديان فقد قال: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. ولقد شكا إليك يعقوب فخلصته من حزنه، ورددت عليه ما ذهب من بصره، وجمعتُ بينه وبين ولده، ولقد ناداك نوح من قبل فنجيته من كربه، ولقد ناداك أيوب من بعد فكشفت ما به من ضره، ولقد ناداك يونس فنجيته من غمه، ولقد ناداك زكريا فوهبت له ولدا من صُلْبه بعد يأس أهله وكبر سنه، ولقد علمت ما نزل بإبراهيم فأنقذته من نار عدوه، وأنجيت لوطاً وأهله من العذاب النازل بقومه، فهأنذا عبُدك : إن تعذبني بجميع ما علمت فأنا حقيق به، وإن ترحمني كما رحمتهم – مع عظيَم إجرامي – فأنت أولى بذلك، وأحق من أكرم به (). وقال أيضاً : ربَّ: لمن أقصد، وأنت المقصود، وإلى من أتوجه وأنت الموجود، ومَن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الكرم والجود، ومن ذا الذي أسأل وأنت الرب المعبود، وهل في الوجود ربُّ سواك فيُدعى أم هل في الملك إله غيرك فيُرجى وإليه يُسعى، أم هل كريم غيُرك يطلب منه العطا، أم جواد سواك فيُسأل منه الرضا، أم هل حليم غيُرك فيُنال منه الفضل والنعُمى، أم هل رحيم غيرك في الأرض والسماء، أم هل حاكم سواك فترفع إليه الشكوى، أم هل رؤوف غيرك للعبد الفقير يعتمد عليه، أم هل مليك سواك تبسط الأكف بالدعاء إليه، فليس إلا كَرمُك وجودك لقضاء الحاجات، وليس إلا فضلك ونعمك لإجابة الدعوات، يا من لا ملجأ لا منجى منه إلا إليه، يا من يُجبر ولا يُجار عليه ()ربَّ:

إلى من أشتكي وأنت العليم القادر، أم إلى من ألتجئ وأنت الكريم الساتر، أم بمن أستنصر وأنت الولي الناصر، أم بمن أستغيث وأنت الولي القاهر، أم من ذا الذي يجبر كسري وأنت للقلوب جابر، أم من يغفر ذنبي وأنت الرحيم الغافر وأنت العليم فيما في السرائر، الخبير بما تخفيه الضمائر، على المطلع على ما تحويه الخواطر، يا من هو فوق عباده قاهر، يا من هو مطلع عليهم وناظر، يا من هو قريب وحاضر، يا من هو الأول والآخر، والباطن والظاهر، يا إله العباد، يا كريم يا جواد يا صاحب الجود والكرم والإحسان، يا ذا الفضل والنِعمَ والغفران يا من عليه يتوكل المتوكلون، يا من إليه يلجأ الخائفون، يا من بكرمه، وجميل عوائده يتعلق الراجون، يا من سلطان قهره وعظيم قدرته يستغيث المضطرون، يا من بوسيع عطائه وسعة رحمته وجزيل فضله وجميل منته تبُسط الأيدي، ويسأل السائلون، يا مفَّرج الكربات، وغافر الخطيئات وقاضي الحاجات، ومستجيب الدعوات، وكاشف الظلمات، ودافع البليات، وساتر العورات، ورفيع الدرجات وإله الأرض والسموات، يا من عليه المتُكل، يا من إذا شاء فعل، ولا يُسأل عما يفعل، يا من لا يُرْمه سؤال من سأل يا من أجاب نوحاً في قومه، يا من نصر إبراهيم على أعدائه، يا من رد يوسف على يعقوب، يا من كشف الضَّر عن أيوب، يا من أجاب دعوة زكريا، يا من قِبَل تسبيح يونس بن مَتىَّ :

إلهي: قد وجدتك رحيماً فكيف لا أرجوك، ووجدتك ناصراً معيناً فكيف لا أدعوك مَن لي إذا قطعتني، ومن ذا الذي يضرني إذا نفعتني، ومن الذي يعذبني إذا رحمتني، ومن ذا الذي يَقْرَبُني بسوء إذا نجيتني، ومن ذا الذي يمرضني إذا عافيتني ().

بمثل هذا الدعاء والتسبيح والثناء على الله عز وجل يفتح الله رحماته على عباده، ويأتي نصر الله وتوفيقه، وتحفظ بيضة الإسلام من الأعداء، فوجود هذا الشيخ وأمثاله في معركة المنصورة من أسباب نصر الله للمسلمين ويذكر بعض المؤرخين أن الشيخ أبا الحسن الشاذلي قام بعمل أوراد في تلك المعركة، وأوصى مريديه بقرائتها في الليل بعدما تهدأ المعارك وهما "حزب النصر" وحزب الطمس على عيون الأعداء ()، فأما حزب النصر فأوله: بسم الله الرحمن الرحيم، بسطوة جبروت قهرك وسرعة إغاثة نصرك، وبغيرتك لانتهاك حرماتك وبحمايتك لمن احتمى بآياتك نسألك يا الله، يا قريب، يا سميع يا مجيب ().. وأما حزب الطمس، فأوله: بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله السميع القريب المجيب تجيب دعوة الداعي، إذا دعاك، وتجيب المضطر وتكشف السوء ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق