55
موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي
الفصل الأول:الحملات الصليبية التي سبقت قيام الدولة الأيوبية
المبحث الثالث:بدء الحرب الصليبية الأولى:
سابعا :الحملة الصليبية الثانية:
4- موقف رجال الدين المسيحي من الحملة الصليبية الثانية:
أما عن موقف رجال الدين المسيحي من خروج الحملة الصليبية الثانية إلى الشرق، فإنه لم يكد نبأ سقوط الرها – في يد عماد الدين زنكي سنة 539ه/1144م يتردد في عواصم غرب أوروبا حتى أثار مخاوفاً وقلقاً شديدين، وأدرك الصليبيون أن ذلك يمثل بداية النهاية لبقية الإمارات الصليبية في الأراضي المقدسة بالمسؤولين عن إمارة أنطاكية، واستقر الرأي على إرسال وفد إلى البابا يوجنيوس الثالث 540ه - 548ه/1145 -1153م) ليدعو إلى حملة صليبية جديدة فقامت بالفعل في أوروبا حركة كبيرة تدعو بكل حماس إلى سرعة القيام بهذه الحملة لإعادة إمارة الرها إلى المسيحيين وبادر البابا يوجينيوس الثالث بدعوة لويس السابع ملك فرنسا، وكونراد الثالث إمبراطور ألمانيا ليتزعما تلك الحملة. وقد رحب لويس السابع بطلب البابا، ودعا أتباعه للاجتماع به للنظر فيما يتخذ من الترتيبات ولما لم يبد هؤلاء أي حماس للاشتراك في هذه الحملة، قرر الملك لويس السابع تأجيل تنفيذ دعوة البابا لمدة ثلاثة شهور، ولجأ إلى أحد أعلام الدين المسيحي في مملكته، وهو القديس برنارد – رئيس دير كليرفو الذي كان يتمتع بشهرة كبيرة ويفوق الملك في السلطة على حد تعبير المؤرخ الإنجليزي رانسيمان، فقد كان له قدرة عظيمة على الإقناع والتأثير في الناس، ولم يكد الملك لويس السابع والبابا يوجينيوس يطلبان منه القيام بالدعوة للحملة الصليبية حتى أسرع القديس برنارد لتلبية هذا الطلب والعمل بكل قواه من أجل إنجاح هذا المسعى () ، وكما وقف البابا أوربان الثاني في كليرمونت يدعو للحملة الصليبية الأولى قبل ذلك بخمسين سنة وقف القديس برنارد خارج كنيسة فيزيليه في شوال 540ه/مارس 1146م يدعو للحملة الصليبية الثانية، ونفذ ببلاغته إلى قلوب متعطشة للحرب والمغامرة فتشتعل ناراً، فلما استمع الناس لسحر بيانه وبلاغته وفصاحته، أخذوا يصيحون طالبين الصلبان، وعندئذ خلع القديس برنارد أرديته الخارجية فقطعت وحيكت صلبانا، وظل هذا القديس ومساعدوه يخيطون الصلبان لكل الذين تطوعوا للاشتراك في هذه الحملة () وبعد عدة أيام كتب القديس برنارد رسالة إلى البابا يتضح منها مدى تأثير رجال الدين المسيحي في الناس ومدى طاعة الناس لهم في ذلك الوقت فيقول فيها: لقد أمرتهم، فأطعت، وما كان لمن أصدر الأمر من سلطة، جعلت طاعتي مثمرة، فلم أكد أفتح فمي وأتحدث حتى تكاثر الصليبيون، فلا حصر لعددهم، فالقرى والمدن هجرها سكانها، فلا تكاد رجلاً واحداً لكل سبع نساء ويصادفك في كل مكان الأرامل اللائي لا زال أزواجهن أحياء () . وبعد ذلك أخذ الحماس يزداد عند القديس برنارد بعد النجاح الذي أحرزه في فرنسا، فأخذ يطوف أقاليم ألمانيا مؤملاً أن يجتذب الألمان للإشتراك في هذه الحملة وقد نجح إلى حد كبير في التأثير على كونراد الثالث ملك ألمانيا للانضمام إلى الحرب المقدسة، ويطلب منهم أن يقوموا بشرح الإعلان البابوي الذي بعث البابا إلى كافة مدن أوروبا من أجل أن يتحمل الجميع مسؤولية مساعدة الأرض المقدسة بفلسطين والعمل على تحريرها () ، واستقر رأي المشاركين في هذه الحملة على مهاجمة دمشق واحتلالها واشترك رجال الدين المسيحي جنباً إلى جنب مع الجند في حصار دمشق فكان مع الملك الألماني كونراد قسيس عجوز يدعى الياس، طويل اللحية، يعتقدون به، فلما حاصروا دمشق، ركب هذا القسيس حماره وعلق على عنقه صليبياً وحمل في يده صليبيا وجمع القساوسة بالصلبان وركب الملوك والفرسان بين يديه، ولم يتخلف من الصليبيين المشاركين في الحصار أحد إلا من تركوه لحفظ الخيام. ووقف هذا القسيس أمام الجميع وهو يتقدهم قائلاً : لقد وعدني المسيح أني أفتح اليوم دمشق ولا يردني أحد. ولكن باءت نبؤته بالفشل إذ هاجمه أحد شباب المجاهدين فقتله وقتل حماره ()
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق