222
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي
المبحث الرابع:الحملة الصليبية السادسة:
لم تحقق الحملة الخامسة التي قادها الملك جان برين هدفها، وانتهت بمعاهدة صلح وقعها الملك الكامل وقادة الصليبيين عام 618ه/1221م إلا أن نتائج الحملة لم تطمئن الملك جان دي برين، ولم تصرفه عن محاولات احتلال بيت المقدس فذهب بنفسه عام 619ه/1222م إلى إيطاليا لمقابلة البابا، ليشرح له ما آلت إليه أوضاع الفرنجة من سوء في بلاد الشام بعد فشل الحملة السابقة كذلك التقى الإمبراطور فردريك الثاني، وحثه على القيام بحملة جديدة على الشرق (الحملة السادسة) تنقذ موقف الصليبيين المتدهور () ، ثم زار فرنسا وإسبانيا لإثارة حماس مليكهما للمساهمة في تخليص بيت المقدس من المسلمين وقد تحسنت مكانة الملك الكامل بعد خروج الصليبيين من دمياط عام 618ه/1221م واكتسب احترام العالم الإسلامي، وفرض سلطانه على الممالك الأيوبية، وتوقع أن يسير الأمراء والملوك الأيوبيون في فلكه، وأن يؤيدوا سياسته ومشاريعه المستقبلية، غير أن أخاه الملك المعظم حاول الخروج على طاعته، وتطلع لتوسيع أملاكه، فهاجم حماه واستولى على بعض أعمالها () ، فأمره الملك الكامل بوقف العمليات العسكرية، ضد حماة، فامتثل الملك المعظم لتعليمات أخيه، وكظم غيظه ()، إلا أن التوتر بين الملك المعظم وأخويه الكامل والأشرف استمر إذ اعتقد الملك المعظم أن أخويه السابقين تمالا عليه، وترجم ذلك إلى خلاف شديد، عندما عاد الملك الأشرف من مصر إلى خلاط ماراً بدمشق ولم يقبل ضيافة أخيه الملك المعظم، ونزل في سرادق والده () وسعى الملك المعظم إلى إضعاف شوكة أخويه الكامل والأشرف، فدعم التمرد الذي قام به أخوه شهاب الدين على أخيه الملك الأشرف في خلاط، إلا أن الأخير نجح في احتواء التمرد، كذلك نجح الملك الكامل في عزل أخيه الملك المعظم عن سائر الأمراء الأيوبيين، ولما شعر المعظم بالخطر الذي يتهدده اتصل بخوارزم شاه لدعمه، فأعانه على أخيه الملك الأشرف موسى، ووعده بأن تكون له الخطبة والسكة في دمشق()، وأقام الملك المعظم حلفاً مع صاحب إربل، وأرسل ولده الملك الناصر داود ليكون رهينة() لديه دلالة على صدقه وأحس الملك الأشرف بخطر الدولة الخوارزمية الذي باتت تهدد الممالك الأيوبية قاطبةً، إذ أصبحت أملاكها تجاور أملاك الأيوبيين، فهرع الأشرف عام 623ه/1226م إلى أخيه المعظم طالباً منه العمل بسرعة لتوحيد جبهة البيت الأيوبي، أمام الخطر الخوارزمي () ، فاستغل الأخير الفرصة وتمكن من إجباره على التعهد بمساعدته في الاستيلاء على حمص وحماه ومهاجمة الملك الكامل في مصر، ولكن الأشرف ما كاد يفلت من يد أخيه المعظم حتى "رجع عن جميع ما تقرر بينه وبين أخيه المعظم وتأول في إيمانه التي حلفها أنه كان مكرها عليها، وأكد تحالفه مع الكامل وأخبره بكل ما حدث (). أدرك الملك الكامل الخطر الذي يتهدده من تحالف أخيه المعظم من خوارزم شاه، فكان أن رد على ذلك، بأن استعان بالإمبراطور فردريك الثاني، وأرسل له الأمير فخر الدين يوسف وتعهد له بمنحه بيت المقدس، وجميع فتوحات صلاح الدين بساحل الشام () ، ليشغل سر أخيه المعظم () ، لإضعاف شوكة المعظم وتحجيمه وقد أحسن الإمبراطور استقبال مبعوث الملك الكامل، ورد بسفارة مماثلة تحمل؛ هدية سنية وتحف غريبة، كان فيها عدة خيول، منها فرس الملك، بمركب ذهب مرضع بجوهر فاخر، واستقبل الملك الكامل مبعوث الإمبراطور بيراردوا بالسرور البالغ خارج القاهرة بنفسه وأكرمه إكراماً زائداً وأعد له هدية فاخرة فيها الكثير من تحف اليمن والهند وسرج من ذهب، وجوهرة بعشرة آلاف دينار()، وكلف جمال الدين بن منقذ الشيرازي للسير بهذه الهدية () وعرج مبعوث الإمبراطور على دمشق وطلب من الملك المعظم تسليم بيت المقدس، ولكن المعظم أغلظ له القول، وقال" قل لصاحبك ما أنا مثل الغير، وماله عندي سوى السيف () وبادر الملك المعظم بتجهيز العساكر إلى نابلس () ، لحماية القدس من مطامع الإمبراطور، وأنفق في هذه العساكر مبلغ تسعمائة ألف درهم () . ولكن الموت عاجله عن عمر يقارب السابعة والأربعين عام 624ه/1227م وخلفه ابنه الملك الناصر داود، ولا شك أن وفاة الملك المعظم عيسى وضعت حداً لمشاكل الملك الكامل، فزالت مخاوفه، وأنهار التحالف بين خوارزم شاه وصاحب إربل والمعظم، فبدأ الملك الكامل يتطلع إلى ضم بلاد الشام تحت سلطانه () .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق