422
موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي
الفصل الثالث:معركة حطين وفتح بيت المقدس والحملة الصليبية
المبحث الثالث:الحملة الصليبية الثالثة ووفاة صلاح الدين:
الرابع عشر:المفاوضات وصلح الرملة:
مرض صلاح الدين ووفاته : عام 589ه
5-الجلوس للعزاء ودفنه:
ثم جلس ولده الأفضل للعزاء في الإيوان الشمالي، وحُفظ باب القلعة إلا عن الخواص من الأمراء والمعممين، وكان يوماً عظيماً قد شغل كلَّ إنسان ما عنده من الحزن والأسف والبكاء والاستغاثة عن أن ينظر إلى غيره، وحُفِظَ المجلس عن أن ينشد فيه شاعر أو يتكلم فيه فصَّال ( ) ، أوَ وعّاظ وكان أولاده يخرجون مستغيثين بين الناس، فتكاد النفوس تُزهق لهول منظرهم، ودام الحال على ذلك إلى بعد صلاة الظُّهر، ثم اشتغل بتغسيله وتكفينه، فما مكَّنَّا أن ندخل في تجهيزه ما قيمته حبّة واحدة إلا بالقرض حتى في ثمن التَّبن الذي يُلَثُّ به الطَّين وغَسَّله الدّولعي الفقيه ونُدبت إلى الوقوف على غُسْله فلم يكن لي قّوة تحمُّل ذلك المنظر، وأخرج بعد صلاة الظُّهر في تابوت مُسَجّىً بثوب فوط وكان ذلك وجميع ما احتاج إليه من الثياب في تكفينه قد أحضره الفاضل من وجِه حِلَّ عَرَفَه وارتفعت الأصوات عند مشاهدته وعظم الضَّجيج حتى إن العاقل يتخَّيل أن الدّنيا كلها تصبح صوتاً واحداً، وغِشيَ الناس من البكاء والعويل ما شغلهم عن الصَّلاة، وصلىَّ عليه الناس أرسالا وكان أول من أمّ الناس القاضي محي الدين بن الزكي، ثم أعيد رحمة الله عليه إلى الدار التي في البستان التي كان متمرضاً بها ودفن في الضفة الغربية منها، وكان نزوله في حفرته قريباً من صلاة العصر، ثم نزل في أثناء النّهار ولده الظًّافر، وعزّى النّاسَ فيه وسكّن قلوب الناس وكان الناس قد شغلهم الحزن والبكاء عن الاشتغال بالنّهب والفساد، فما يوجد قلب إلا حزين، ولا عين إلا باكية إلا من شاء الله، ثم رجع الناس إلى بيوتهم أقبح رجوع ولم يَعُدْ منا أحد في تلك الليلة إلا أنّا حضرنا وقرأنا وجّددنا حالا من الحُزن واشتغل ذلك اليوم الملك الأفضل بكتب الكتب إلى إخوته وعمَّه يخبرهم بهذا الحادث وفي اليوم الثاني جلس للعزاء جلوسا عاما، وأطلق باب القلعة للفقهاء، والعلماء، وتكلم المتكلمون ولم ينشد شاعر، ثم انفضَّ المجلس في ظهيره ذلك اليوم واستمر الحال في حضور الناس بكرة وعشية لقراءة القرآن والدعاء له رحمه الله ( ) .
وقال ابن كثير: .. ثم عمل عزاؤه بالجامع الأُمويَّ ثلاثة أيام، يحضره الخواص والعوام والرعية والحكام وقد عمل فيه الشعراء مراثي كثيرة من أحسنها ما عمل العماد الكاتب في كتابه "البرق الشامي" وهي مائتنان واثنان وثلاثون بيتاً ( ) .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق