421
موسوعة تاريخ الحروب الصليبية (3)صلاح الدين الأيوبي
الفصل الثالث:معركة حطين وفتح بيت المقدس والحملة الصليبية
المبحث الثالث:الحملة الصليبية الثالثة ووفاة صلاح الدين:
الرابع عشر:المفاوضات وصلح الرملة:
مرض صلاح الدين ووفاته : عام 589ه
4-وفاته – رحمه الله:
ولما كانت ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وهي الليلة الثانية عشر من مرضه – رحمة الله عليه – اشتّد مرضُه وضعفت قّوته ووقع في أوائل الأمر من أول الليل، وحال بيننا وبينه النساء واستحضرت أنا والقاضي الفاضل في تلك الليلة وابن الزَّكي، ولم يكن عادته الحضور في ذلك الوقت وعرض علينا الملك الأفضل أن نبيت عنده، فلم ير القاضي الفاضل ذلك رأيا، فإن الناس كانوا في كل ليلة ينتظرو نزولنا في القلعة، فخاف أن لا ننزل فيقع الصوت في البلد، وربما نهب الناس بعضهم بعضاً، فرأى المصلحة في نزولنا واستحضار الشيخ أبي جعفر إمام الكلاّسة، وهو رجل صالح يبيت في القعلة حتى إن احتضر – رحمة الله عليه – بالليل حضر عنده وحال بينه وبين النساء وذُكرَّ بالشهادة وذكر الله تعالى، ففعل ونزلنا وكل منا يودّ فداءه بنفسه وبات في تلك الليلة – رحمة الله عليه – على حال المنُتقلين إلى الله تعالى، والشيخ أبو جعفر يقرأ عنده القرآن، ويذكّره بالله تعالى، وكان ذهنه غائباً من ليلة التاسع، ولا يكاد يفيق إلا في الأحيان. وذكر الشيخ أبو جعفر أنه لما انتهى إلى قوله تعالى : "هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة" (الحشر، آية:22). سمعه وهو يقول – رحمة الله عليه - : "صحيح"؛ وهذه يقظة في وقت الحاجة، وعناية من الله تعالى به فلله الحمد على ذلك ( ) وكانت وفاته – رحمة الله عليه – بعد صلاة الصبح من يوم الأربعاء سابع وعشرين من صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وبادر القاضي الفاضل بعد طلوع الصبح وفاته – رحمة الله عليه – ولقد حكي لي أنه بلغ لما بلغ الشيخ أبو جعفر إلى قوله تعالى : "لا إله إلا هو عليه توكلت". تبَّسم وتهلَلَّ وجهُهُ وسَلمَّها إلى ربه ( ) وكان يوماً لم يُصَبِ الإسلام والمسـلمون بمثله منذ فُقِد الخلفاء الراشدون وغِشيَ القلعة والبلد والدنيا من الوحشة مالا يعلمه إلا الله ( ) ، قال القاضي بن شداد: وتالله لقد كنت أسمع من بعض الناس أنهم يتمنون فِدَاء من يعزُّ عليهم بنفوسهم، فكنت أحمل ذلك على ضرب من التجوز والترخص إلى ذلك اليوم، فإني علمت من نفسى ومن غيري أنّه لو قُبِلَ الفداء لفُدِىَ بالنفس ( ).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق