إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 أغسطس 2014

292 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة: رابعاً:احتلال دمياط: 4-وفاة الملك الصالح نجم الدين:


292

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة:

رابعاً:احتلال دمياط:

4-وفاة الملك الصالح نجم الدين:

وعندما قرر الصليبيون الزحف نحو القاهرة توفي الملك الصالح أيوب وكانت محنة عظيمة ألمت بالمسلمين ()وكان عمره عند وفاته 44 سنة وقد عهد لولده الملك المعظم تورانشاه، وحلفّ له فخر الدين بن الشيخ ومحسن الطواشي، ومن يثق به وبعدما علّم قبل موته عشرة آلاف علامة، يستعان بها في المكاتبات على كتمان موته حتى يقدم ابنه تورانشاه من حصن كيفا وكانت مدة ملكه في مصر عشر سنين إلا خمسين يوماً، فغسله أحد الحكماء الذين تولوا علاجه لكي يخفي موته، وحمل في تابوت إلى قلعة الروضة، وأخفي موته ولم يشتهر إلى ثاني عشر رمضان، ثم نقل بعد ذلك بمدة إلى تربته بجوار المدارس الصالحية بالقاهرة ()، والملك الصالح لما استولى على مملكة مصر أكثر من شراء المماليك وجعلهم وجعلهم معظم عسكره، وقبض على الأمراء الذين كانوا عند أبيه وأخيـه، واعتقلهـم وقطـع أخبـارهم وأعطى مماليكه الإمريات، فصاروا بطانته والمحيطين بدهليز ()وكان ملكاً شجاعاً حازماً مهيبا، لشدة سطوته وفخامته، مع غزة النفس وعلو الهمة، وكثرة الحياء وطهارة الذيل عن الخنا وصيانة اللسان من الفحش في القول، والإعراض عن الهزل والغيث بالكلية وشدة الوقار ولزوم الصمت، حتى إنه كان إذا خرج من عند حرمه إلى مماليكه، أخذتهم الرعدة عندما يشاهدونه – خوفاً منه – ولا يبقى أحد منهم مع أحد وكان إذا جلس مع ندمانه كان صامتاً، لا يستفزه الطرب ولا يتحرك وجلساؤه كأنما على رءوساهم الطير، وإذا تكلم مع أحد من خواصه، كان ما يقوله كلمات نزره وهي في غاية الوقار، وتلك الكلمات لا تكون إلا في مهم عظيم، من استشاره أو تقدم بأمر من الأمور المهمة، لا يعدو حديثه قط هذا النحو، ولا يجسر ابتداء البتة، ولا أنه جسر على شفاعة ولا مشورة ولا ذكر نصيحة، مالم يكن ذلك بابتداء من السلطان، فإذا انفرد بنفسه لا يدنو منه أحد ()، ولم يُسمع منه قط في حق أحد من خدمه لفظة فخشي، وأكثر ما يقول إذا شتم أحداً : "متخلف"، ولا يزيد على هذه الكلمة، ولا عرف قط من النكاح سوى زوجته وجواريه() وكانت البلاد في أيامه آمنة مطمئنة والطرق سابلة إلا أنه كان عظيم الكبر زائد الترفع من كبره وترفعه أن ابنه الملك المغيث () لما حبسه الملك الصالح إسماعيل عنده، لم يسأله فيه ولا طلبه منه، حتى مات في حبسه، وكان يحب جمع المال، بحيث أنه عاقب عليه أم أخيه الملك العادل، إلى أن أخذ منها مالا عظيماً وجواهر نفيسة وقتل السلطان الملك الصالح أيوب أخاه الملك العادل، ومن حين قتله ما انتفع بالحياة ولا تهنَّى بها، فنزل به المرض وطرقه الفرنج، وقبض على جميع أمراء الدولة، وأخذ أموالهم وذخائرهم ومات في حبوسه ما ينيف على خمسة آلاف نفس، سوى من قتل وغرق من الأشرفية في البحر، ولم يكن له مع ذلك ميل إلى العلم ولا مطالعة الكتب، إلا أنه كان يجرى على أهل العلم والصلاح المعاليم والجرايات، من غير أن يخالطهم، ولم يخالط غيرهم، لمحبته في العزلة، ورغبته في الانفراد، وملازمته للصمت ومداومته على الوقار والسكون وكان يحب العمارة ويباشر الأبنية بنفسه، وعمر بمصر مالم يعمره أحد من ملوك بني أيوب فأنشأ قلعة الروضة تجاه مدينة فسطاط مصر، وأنفق فيها أموالاً جمة، وهدم كنيسة كانت هناك لليعاقبة من النصارى وأسكن بهذه القلعة ألف مملوك من الترك – وقيل ثمانمائة – وأقام جسراً من مصر إلى الروضة، يمّر عليه الأمراء وغيرهم إذا جاءوا إلى الخدمة، ولم يكن أحد يمّر على هذا الجسر راكباً احتراماً للسلطان فجاءت هذه القلعة من أجل مباني الملوك وبني أيضاً على النيل بناحية اللوق()، قصوراً بلغت الغاية في الحسن، جعلها إلى جانب ميدانه الذي يلعب فيه بالكرة، وكان مغرم بلعبها وبني قصراً عظيماً فيما بين القاهرة ومصر، سماه الكبش على الجبل بجوار جامع ابن طولون، وبنى قصراً بالقرب من العَلاَ قِيمة في أرض السانح، وجعل حوله مدينة سماها الصالحية فيها جامع وسوف، لتكون مركزاً للعساكر بأول الرمل الذي بين الشام ومصر وكان له من الأولاد الملك المغيث فتح الدين عمر وهو أكبر أولاده، مات في سجن قلعة دمشق، والملك المعظم غياث الدين تورانشاه، وملك مصر بعده، والملك القاهر ومات في حياته أيضاً وولد له أيضاً من شجرة الدر ولد سماه خليلاً، مات صغيراً، ولما طال مرضه من الجراحة الناصورية – وفسد مخرجه، وامتد الجرح إلى فخذه اليمنى، وأكل جسمه – اجتهد في مداواتها، وحدث له مرض السل من غير أن يفطن به، فورد كتابة إلى الأمير حسام الدين بن أبي علي بالقاهرة: إن الجراحة قد صلحت وجفت رطوباتها، ولم يبق إلا ركوبي ولعبي بالصولجة، فتأخذ حَظَّك من هذه البشرى. وفي الحقيقة لم تجف الجراحة إلا لفراغ المواد وتزايد عليه بعد ذلك المرض حتى مات وقيل إنه لم يعهد إلى أحد بالملك، بل قال للأمير حسام الدين بن أبي علي: إذا مت لا تسلم البلاد إلا للخليفة المستعصم بالله، ليرى فيها، رأيه؛ فإنه كان يعرف ما في ولده المعظم تورانشاه من الهوج ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق