288
موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"
الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب
المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة:
رابعاً:احتلال دمياط:
أبحرت سفن لويس التاسع مغادرة الموانئ القبرصية "لمياسول" في 13 مايو 1249م ووصلت إلى قبالة دمياط في يوم 4 حزيران 1249م، وبدأت أولى جهود الصليبيين موجهة إلى مدينة دمياط للسيطرة عليها ورغم ما قام به الأيوبيون من تحصين سابق للمدينة إلا أن دمياط سقطت بيد الصليبيين في اليوم السادس من حزيران 1249م من عام 647ه وقد كانت سهولة سيطرة الصليبيين عليها مثار استغراب عند الصليبيين والمسلمين، وقد عبر المؤرخون المسلمون والصليبيون ()عن ذلك، فالمقريزي يقول أصبح الفرنج يوم الأحد لسبع بقين من صفر سائرين إلى مدينة دمياط، فعندما رأوا أبوابها مفتحة، ولا أحد يحميها خشوا أن تكون مكيدة، فتمهلوا حتى ظهر أن الناس قد فروا وتركوها، فدخلوا المدينة بغير كلفة ولا مؤنة حصار ()، وقد ألقت المصادر باللائمة على أحد القادة العسكريين في الطرف الإسلامي في سبب سقوط دمياط وهذا القائد هو الأمير فخر الدين بن الشيخ، إضافة إلى أن بعض أفراد القبائل العربية والتي عهد إليها الصالح أيوب بالدفاع عن المدينة وهم بني كنانة قد تركوها وانسحب هؤلاء جميعاً إلى حيث يوجد معسكر الملك الصالح أيوب في منطقة أشموم طناح (). كما هرب بعض عرب كنانة الذين عهد إليهم الملك الصالح أيوب بالدفاع عن المدينة : وتركوا أبواب المدينة منفتحة، وفاتهم عند فرارهم أن يقطعوا الجسر الذي يربطها بالضفة الغربية للنيل وأصبحت دمياط بذلك مدينة مفتوحة، فدخلتها القوات الصليبية في 23صفر/6حزيران وتملكتها بغير قتال ()وابتهج الصليبيون باستيلائهم على دمياط بتلك السهولة وفي المقابل، أرتاع المسلمون لسقوطها، وحزن الصالح أيوب حزناً شديداً، فعنَّف مماليكه، ووبخَّهم لإهمالهم في الدفاع عنها، وشنق ما يزيد عن خمسين من رجال بني كنانة الذين تركوا مواقعهم الدفاعية وهربوا ()، بعد أن استفتى الفقهاء وأفتـوا بقتـلهم ()، والواقع أن فخر الدين يوسف بتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية ()، وقد أطنب المقريزي في وصف ما حدث فقال: فلما رأى أهل دمياط رحيل العسكر، خرجوا كإنما يسحبون على وجوههم طول الليل، ولم يبق بالمدينة أحد البتة، وصارت دمياط فارغة من الناس جملة، وفروا إلى أشموم مع العسكر، وهم حفاة عراة جياع فقراء، حيارى بمن معهم من الأطفال والنساء وساروا إلى القاهرة، فنهبهم الناس في الطريق، ولم يبق لهم ما يعيشون به فُعدَّت هذه الفعلة من الأمير فخر الدين من أقبح ما يشنع به وقد كانت دمياط في أيام الملك الكامل، لما نازلها الفرنج، أقل ذخائر وعدداً منها في هذه النوبة، ومع ذلك لم يقدر الفرنج على أخذها إلا بعد سنة، عندما فنى أهلها بالوباء والجوع، وكان فيها هذه المرة أيضاً جماعة من شجعان بني كنانة فلم بغني ذلك شيئاً ()... وعندما وصلت العساكر إلى أشموم طناح ومعهم أهل دمياط اشتّد حنق السلطان على الكنانيين، وأمر بشنقهم فقالوا: وما ذنبنا إذا كانت عساكره جميعهم وأمراؤه هربوا وأحرقوا الزرخاناه، فأي شيء نعمل نحن؟ فشنقوا لكونهم خرجوا من المدينة بغير إذن، حتى تسلمها الفرنج، فكانت عدّة من شنق زيادة على خمسين أميراً من الكنانيين، وكان فيهم أمير حَشيم وله ابن جميل الصورة، فقال أبوه: بالله اشنقوني قبل ابني. فقال السلطان: لا بل اشنقوه قبل أبيه، فشنق الابن، ثم شنق الأب من بعده بعد أن استفت السلطان الفقهاء فأفتوا بقتلهم، وتغير السلطان على الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ، وقال: أما قدرتم تقفون ساعة بين يدي الفرنج؟ وما قتل منكم إلا هذا الضيف الشيخ نجم الدين وكان الوقت لا يسع إلا الصبر والتغاضي وقامت الشناعة من كل أحد على الأمير فخر الدين، فخاف كثير من الأمراء وغيرهم سطوة السلطان، وهموا بقتله، فأشار عليهم فخر الدين بالصبر حتى يتبين أمر السلطان: فإنه على خُطَّة وإن مات كانت الراحة منه وإلا فهو بين أيديكم () ويجدر الإشارة أهمية اختيار الشخص القادر على قيادة المقاومة بدمياط ويفترض في الملك الصالح أيوب أن يدقق في اختيار الرجل المناسب لإمتصاص الصدمات الأولى من الصليبيين وبذلك يتحمل الملك الصالح أيوب المسؤولية في هذه الجبهة المشتعلة مع الصليبيين.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق