إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 28 أغسطس 2014

287 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة: ثالثاً:رحيل الحملة إلى مصر:


287

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثالث "عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب

المبحث الثاني:الحملة الصليبية السابعة:

ثالثاً:رحيل الحملة إلى مصر:

غادر الملك والحملة مدينة باريس إلى مدينة ليون حيث كان البابا أنوسنت الرابع فحصل منه، على والبركة والغفران – بالمفهوم المسيحي – تم اتجه إلى ميناء إيجسمورت جنوب فرنسا في الثالث عشر من يونيه عام 1548م ومن جنوب فرنسا أبحرت الحملة إلى جزيرة قبرص حيث مكثت بالجزيرة حوالي ثمانية أشهر، وخلال هذه الفترة تسربت أخبار الحملة إلى مصر، فاستعدت القيادة – الأيوبية – لمواجهة الغزاة وحصنت مدينة دمياط التي كانت تتوقع الهجوم عليها وزودت المدينة بالمقاتلة والمؤن () وكان السلطان الأيوبي الصالح أيوب في بلاد الشام عندما وصلت إليه الأبناء بتحركات الصليبيين، فأسرع بالعودة إلى مصر بعدما عقد صلحاً مع صاحب حمص، ونزل ببلدة أشموم طناح في الثالث في صفر عام 647ه/الثامن عشر من مايو عام 1249م ليكون في مواجهة القوات الصليبية إذا ما وصلت إلى دمياط، وزاد الصالح أيوب في تحصين المدينة وإعداد الجيوش وعهد إلى طائفة من بني كنانة لما عرف عنهم بالشجاعة لحماية المدينة من الداخل والخارج، كما أصدر أوامره إلى نائبه في حكم مصر حسام الدين بن علي لإعداد قطع الأسطول وإرسالها إلى دمياط تباعاً وأوفد السلطان الأمير فخر الدين يوسف مقدم العساكر على رأس جيش كبير إلى البر الغربي لدمياط "جيزة دمياط" حتى يكون في مواجهة الصليبيين عند وصولهم إلى بر المدينة الغربي، كما حدث في الحملة الصليبية الخامسة، ويروي ابن تغري أنه في يوم السبت من ذي القعدة وقع الشروع في عمل عدة مراكب للرد على غزو الفرنج واستمر العمل فيهم كل يوم إلى أن نزل السلطان في يوم الثلاثاء الحادي عشر من صفر سنة ثمان وعشرين وستمائة وكشف عمل المراكب وأضاف وفي هذه الأيام كثرت الأطيار بحركة الفرنج فخرج عدد من الأمراء المماليك لحراسة الثغور وفي هذا الشهر أخذ السلطان في تجهيز الغزاة وعيّن جماعة كبيرة من المماليك السلطانية والأمراء وألزم كل أمير أن يجهز عشرة من مماليكه().

وعندما خرجت الحملة من إيجسمورت أسند لويس التاسع قيادة الأسطول إلى الجنوبيين لخبرتهم في شؤون الملاحة، وتقدم الأسطول السفينة التي تحمل عمل القديس دنيس شعار فرنسا، ورست الحملة في ميناء ليماسول جنوب قبرص في السابع عشر من سبتمبر عام 1248م وفي الوقت نفسه أبحر بعض الصليبيين ومن بينهم مؤرخ الحملة جوانفيل من مرسيليا في سبتمبر من العام نفسه ولحقوا بإخوانهم في قبرص بعد رحلة شاقة وفي قبرص تناقش الصليبيون في تحديد وجهة الحملة وبعد دراسة مستفيضة تقرر أن تكون مصر هدف الحملة بسبب ما أدركه الصليبيون من أهمية مصر لقوتها وثروتها وقيامها بالدفاع عن الأراضي المقدسة () وأمضت الحملة في قبرص حوالي ثمانية أشهر (سبتمبر 1248م – مايو 1249م رغم رغبة الملك في التقدم بسرعة نحو مصر ولكنه نزل عن رغبته لنصيحة قواده الذين آثروا الانتظار حتى يلحق بالحملة بقية الجيش الذي لم يصل بعد إلى قبرص، وقد عاد التأخير بالفائدة على القيادة الإسلامية في مصر لأنها سارعت بالاستعداد لمواجهة الحملة ()وأثناء وجود قوات الحملة السابعة في قبرص حدثت تطورات غاية في الأهمية أثرت على مجريات الحملة فيما بعد ومن هذه التطورات.

1- الأخبار التي وصلت إلى مصر معلمة بأخبار الحملة الصليبية السابعة وقد كان ذلك عن طريق الإمبراطـور فريدريك تحذر الصـالح أيوب من هذه الحمـلة، حيث يقول فريدريك: إنه وصـل "ريد فرانسس" – لويسع التاسع – في خلق كثير، وقد اجتهدت غاية الاجتهاد على رده عن قصده وخوفته فلم يرجع لقولي فكن على حذر منه().

2-المصاعب التي رافقت الحملة منذ إبحارها من شواطئ فرنسا وحتى وصولها قبرص، ومنها الأمراض التي ألمت بالجيش الفرنسي، والخوف والضجر الذي رافق مسيرة الحملة، وقد عبر عن ذلك مؤرخ الصليبية السابعة جوانفيل بقوله: لم نعد نرى الأرض، ما نراه هو الماء والسماء وفي كل يوم تأخذنا الريح بعيداً عن الأرض التي ولدنا فيها ولاحقت الأمراض الجيش الفرنسي أثناء وجوده في قبرص ويشير أحد المؤرخين، الأوروبيين إلى ذلك بقوله إن 240 من السادة وكبار القوم قد تعرضوا للموت بسبب المرض ().

3-الاختلاف بين قائد الحملة والأمراء حول تاريخ التحرك إلى مصر وقد كانت الآراء ما بين الدعوة إلى التحرك السريع لهدفهم وهو مصر، ورأي آخر يدعو إلى التريث والبقاء في قبرص لفترة يتم خلالها استكمال الاستعدادات والراحة للجيش الصليبي، واستقر الرأي على تأخير موعد تحرك الجيش إلى فصل الربيع، وبذا تكون الحملة قد أمضت في قبرص من سبتمبر 1248 – مايو 1249م حصلت خلالها القوات الصليبية على بعض المساعدات من القبارصة ().

4-ما وصل إلى لويس من أخبار عن صراعات بين القوى المسيحية في الشرق وبخاصة الصراع الذي نشب بين ملك أرمينيا وأمراء أنطاكية، وما كان لذلك من تأثير على الجبهة الصليبية التي يريد لويس التاسع أن تكون في وضع يؤهلها لتقديم المساعدات له عند وصوله إلى مصر وبلاد الشام().

5-واجهت الحملة في قبرص بعض الصعوبات، ومنها الصعوبات المالية نظراً لطول الفترة الزمنية التي قضتها جيوش الحملة في قبرص، وكان ممن تعرض إلى ضائقة مالية مؤرخ الحملة جوانفيل والذي اضطر للاستدانة، وطلب المساعدة من لويس التاسع وحصل منه على أقل مما يكفيه، ويقول روبرت نايني حول ذلك : لقد كان من حسن الحظ أن تمكن جوانفيل من الحصول على هذه المساعدة والإ لكان غادر قبرص عائداً إلى فرنسا، وحينها لم يكن استطاع أن يكتب كتابه الهام، عن هذه الحملة()، وإضافة إلى الصعوبات المالية، فقد واجهت القوات الصليبية ولويس التاسع علاقات متذبذبة مع ملك قبرص ().

6-من الأحداث الهامة والمرتبطة بالحملة الصليبية السابعة أثناء وجود قائدها وقواتها في قبرص الاتصالات التي جرت مع المغول، وفقاً لرواية مؤرخ الحملة الصليبية السابعة جوانفيل، فإن حاكم المغول قد أرسل رسولين من قبله وصلاً إلى قبرص وكان من جملة ما ورد في الرسائل التي يحملانها : أن ملك التتار يبدي استعداده لمعاونة لويس التاسع في التحرك لغزو الأرض المقدسة بهدف تخليص القبر المقدس من أيدي المسلمين ()، ويهمنا أن نشير إلى أن المبعوثين من قِبل المغول هما شخصيتان من المسيحيين النساطرة، أحدهم يسمى داوود والثاني مارك وقد استقبل بحفاوة من قِبل الصليبيين ومكثا في قبرص من ديسمبر 1248 – يناير 1249م حيث غادر ومعهما وفد من قبِل لويس لمقابلة القائد العسكري المغولي الجيغداي والذي بدوره سيؤمن وصول الوفد المبعوث من قِبل لويس التاسع إلى الحاكم المغولي في قراقوم() وعلى أية حال فإن هذه الاتصالات لم تثمر عن أي مساعدة فعلية، للطرف الصليبي في غزوه لمصر وبلاد الشام، وأحد أسباب فشل محاولات التحالف المغولية الصليبية يعود إلى النظرة المغولية المتعالية حيال القوى المختلفة، حيث كان المغول يرون ضرورة تبعية جميع القوى لهم، ولم يقبلوا مبدأ الندية أو التماثل في التعامل، وفيما يتعلق بهذه المحاولة فتشير المصادر إلى أن ردود المغول على لويس التاسع جعلته يندم على إرساله الرسل والهدايا للمغول، إضافة إلى أن رد المغول على لويس التاسع جاء متأخراً حيث وصلته ردودهم في قيسارية فلسطين سنة 1251م أي بعد انتهاء الحملة الصليبية السابعة وفشلها ()، وحين قرر لويس التاسع التحرك من قبرص إلى هدفه وهو مصر صادفته صعوبات أخرى ومنها أن الأسطول الذي كان يستعد للإبحار به قد تعرض إلى عاصفة دمرت الكثير من سفنه،وهذا دعاه إلى توجيه نداء إلى الصليبيين في عكا لتزويده بسفن لنقل جنوده إلى ميدان المعركة إلا أن ظروف الصراع والاقتتال بين مجموعات الجنوية والبنادقة في عكا حال دون تقديمهم أية مساعدة في هذا المجال وزاد من تعقيد الأمور أن خطته لغزو الأراضي المصرية أصبحت معلومة لدى الطرف الأيوبي مما جعل الصالح أيوب يتحرك من بلاد الشام إلى مصر، وقد سبق أن أشرنا إلى أن تحركات الحملة الصليبية السابعة أصبحت معروفة للطرف الأيوبي من خلال رسائل فريدريك الثاني، وجواسيس الصالح أيوب في قبرص ()، هذه الظروف المحيطة بالحملة جعلت أحد المؤرخين الأوروبيين يقول أن هذه االأحداث وكأنها إشارة من الرب للويس التاسع تقول له: عليك العودة إلى فرنسا فالحملة التي تقود فاشلة وحاول انقاذ ما يمكن إنقاذه.


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق