إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

253 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي المبحث الرابع:الحملة الصليبية السادسة: الثالث عشر:وفاة الطاغية جنكيز خان سنة 624ه في عهد الملك الكامل:


253

موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي

المبحث الرابع:الحملة الصليبية السادسة:

الثالث عشر:وفاة الطاغية جنكيز خان سنة 624ه في عهد الملك الكامل:

من الشخصيات العالمية في عهد الملك الكامل والتي كان له تأثير كبير على المجتمع الدولي حينذاك جنكيز خان تحدث عنه ابن كثير فقال: السلطان الأعظم عند التَّتار، والد ملوكِهم اليوم، الذي ينتسبون إليه، من عظَّم القان إنما يُريدُ هذا الملِكَ وهو الذي وضع لهم "الياسَاق" () التي يتحاكمون إليها ويحكمون بها، وأكثرهم مخالف لشرائع الله تعالى وكتبه، وإنما هو شيء اقترحه من عند نفسه وتبعوه في ذلك، وقد كانت أمُّه تَزُعمُ أنها حملت به من شُعاع الشمس، فلهذا "لا يعرف له أبٌ، والظاهر أنه مجهول النّسب، وقد رأيت مجلدَّا جمعه الوزير ببغداد علاء الدين الجُوينيُّ في ترجمته فذكر فيه سيرته وما كان يشتمل عليه من العقل السياسي والكرم والشَّجاعة والتّدبير الجيد للملك والرَّعايا والحروب، فذكر أنه كان في ابتداء أمره خصيصاً عند الملك أُزبَك خان وكان إذ ذاك شابَّا حسناً وكان اسمه أولا تمرجي، ثم لما عظُم سمَّي نفسه جنكزخان، وكان هذا الملك قد قرَّبه وأدناه، فحسده عظماءُ الملكِ، ووشَوْا به إليه حتى أخرجوه عليه وهمَّ بقتله، ولم يَجِدْ له طريقاً في ذنب يتسلَّطُ به عليه، فهو في ذلك إذ تَغضَّب الملك على مملوكين صغيرين فهربا منه، ولجأ إلى جنكز خان، فأكرمهما وأحسن إليهما فأخبراه بما يُضمِرُه الملك أُزبَك خان من قتله والهّم به، فأخذ حذره وتحيز بدولة واتبعه طوائف من التتار، وصار كثير من أصحاب أُزبك خان ينفرون إليه، ويَفدِون عليه، فيُكرمهُم ويُعطيهم، حتى قويت شوكته، وكثرت جنوده، ثم حاربَ بعد ذلك أُزبك خان، فظفر به وقتله، واستحوذ على مملكته ومُلكه وانضاف إليه عُدَدُ وَعَددُه، وعظم أمره، وبُعد صيتَه، وخضعت له قبائل الترك ببلاد طمغاج كلَّها، حتى صار يركب في ثمانمائة ألف مقاتل وأكبر القبائل قبيلته التي هو من أصلها يُقال لها: قيات. ثم أقرب القبائل إليه بعدَهم قبيلتان كبيرتا العدد وهما أويرات وقنقورات() ثم نشبت الحرب بينه وبين الملك جلال الدين خُوَارزم شاه صاحب بلاد خُراسان والعراق وأذربيجان وغير ذلك من الأقاليم والممالك، فقهره جنكيزخان وكسره وغلبه، واستحوذ على سائر بلاده هو بنفسه وبأولاده في أيسر مدة وكان ابتداءُ ملك جنكيز خان في سنة تسع وتسعين وخمسمائة وكان قتاله لخوارزم شاه في حدود سنة ستَّ عشرة وستَّمائة ومات خوارزم شاه في سنة سبع عشرة فاستحوذ حينئذ على الممالك بلا منُازع ولا مُمانع، وكانت وفاته في سنة أربع وعشرين وستَّمائة فجعلوه في تابوت من حديد وربطوه بسلاسل وعلقَّوه بين جبلين هنالك وأما كتابه "الياساق" فإنه يُكتب في مجلدين بخطَّ غليظ، ويُحملُ على بعير معظم عندهم، وقد ذكر بعضهم عنه أنه كان يصعد جبلاً، ثم ينزل، ثم يصعد ثم ينزل حتى يعي ويقع مغشياً عليه، ويأمر من عنده أن يكتب ما يُلقى على لسانه حينئذ، فإن كان هذا هكذا فالظاهر أن الشيطان كان ينطق على لسانه بما فيها وذكر الجُويني أن بعض عُبّادهم كان يصعد الجبال في البرد الشديد للعبادة فسمع قائلاً يقول له: إنا قد ملّكنا جنكزخان وذريته وجه الأرض. قال الجويني فمشايخ المغول يُصدَّقون بهذا، ويأخذونه مسلماً ثم ذكر الجويني شيئاً من الياساق، من ذلك، أنه من زنى قتل محصناً كان أو غير مُحصن، وكذلك من لاط قُتل، ومن تعمَّد الكذب قُتِل، ومن سحر قتل، ومن بال في الماء الواقف قُتل، ومن انغمس فيه قُتل، ومن أطعم أسيراً أو سقاه أو كساه بغير إذن أهله قتل ومن وجد هارباً لم يردَّه قتل، ومن رمى إلى أحد شيئاً من المأكول قتل، بل يناوله من يده إلى يده، ومن أطعم أحداً شيئاً، فليأكل منه أولاً ولو كان المطعم أميراً لأسير، ومن أكل ولم يُطعم من عنده قتل، ومن ذبح حيواناً دُبح مثله، بل يشق، ويتناول قلبه بيده يستخرجه من جوفه أولاً وفي هذا كله مخالفة لشرائع الله المنزَّلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزَّل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى "الياساق" وقدّمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين، قال الله تعالى" أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون "المائدة:50" وقال تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يُحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ممّا قضيت ويُسلمَّوا تسليما ... " (النساء : 65) ومن آدابهم الطاعة غاية الاستطاعة، وأن يعرضوا عليه أبكارهم الحسان ليختار لنفسه، ومن شاء من حاشيته ما شاء منهن، ومن شأنهم أن يُخاطبوا الملك باسمه، ومن مّر بقوم يأكلون فله أن يأكل معهم بغير استئذان ولا يتخطىَّ موقِد النار ولا طبق الطعام، ولا يقف على أُسكُفَّةِ الخَرْكاه () ولا يغسلون ثيابهم حتى يبدو وسخُها ولا يكلفَّون العلماء من كلَّ ما ذُكر شيئاً من الجنايات، ولا يتعرَّضون لمال ميت، وقد ذكر علاء الدين الجويني طرَفاً كبيراً من أخبار جنكيزخان ومكارم كان يفعلها لسجيَّته وما أدَّاه إليه عقله، وإن كان مشرِكا بالله يعبد معه غيره، وقد قتل من الخلائق ما لا يعلم عدَدَهم إلا الذي خلقهم، ولكن كان البدَاءة من خوارزم شاه، فإنه لما أرسل جنكيز خان تُجّاراً من جهته معهم بضائع كثيرة من بلاده، فانتهوا إلى إيران، فقتلهم نائبُها من جهة خوارزم شاه، وهو والد زوجته كَشْلى خان، وأخذ جميع ما كان معهم، فأرسل جنكيزخان إلى خوارزم شاه يستعلمه هل وقع هذا الأمر عن رِضاً منه أو أنه لم يعلم به فأنكره، وقال له فيما أرسل إليه: من المعهود من الملوك أن التجار لا يُقتلون؛ لأنهم عمارة الأقاليم، وهم الذين يحملون إلى الملوك التُّحَفَ والأشياءَ النفيسة، ثم إن هؤلاء التجار كانوا على دينك فقتلهم نائبُك، فإن كان أمراً أنكرته، وإلا طلبْنا بدمائهم، فلما سمع خوارزم شاه ذلك من رسول جنكزخان لم يكن جوابه سوى أنه أمر بضرب عنقه، فأساء التدبير، وقد كان خرف وكبرت سنه .. فلما بلغ ذلك جنكز خان تجهزَّ لقتاله وأخذ بلاده، فكان بقدر الله تعالى ما كان من الأمور التي لم يُسمع بأغرب منها ولا أبشع ()وممّا ذكره الجويني عنه أنه قدّم له بعض الفلاَّحين بالصيد ثلاث بطيخات، فلم يتفق أن عند جنكزخان أحداً من الخزندارية فقال لزوجته خاتون : أعطيه هذين القرطين اللذين في أذُنيك وكان فيهما جوهرتان نفيستان جداَّ فشحَّت المرأة بهما وقالت : انظر إلى غيره فإن هذا لا يدري ما هما فقال لها: ادفعيهما إليه فإنهما لا يبيتان هذه الليلة إلا عندك، وهذا الرجل لا يمكننا أن ندعه يذهب عنا مُقلقل الخاطر، وربما لا يحصل له شيء بعد هذا، وإن هذين لا يمكن أن أحداً إذا اشتراهما إلا جاء بهما إليك، فانتزعتهما فدفعتهما إلى الفلاَّح، فطار عقله بهما، وذهب بهما، فباعهما لبعض التُّجار بألف دينار ولم يعرف قِمتها، فحملها التاجرُ إلى الملك، فردّهما على زوجته ثم أنشد الجويني عند ذلك.


ومن قال إن البحر والقطر أشِبها
          
    نَدَاه فقد أثنى على البحر والقطر
   

قال: واجتاز يومً في سوق، فرأى عند بقَّال عُنَّاباً، فأعجبه لونه ومالت نفسه إليه، فأمر الحاجب أن يشترِىَ منه ببالس، فاشترى الحاجُب منه بربع بالسٍ، فلما وضعه بين يديه أعجبه وقال: هذا كلهُّ ببالس؟ فقال: وبقى منه هذا وأشار إلى ما بقى معه من المال، فغضب وقال متى يجد من يشتري منه مثلي؟ تممَّوا له عشرة بوالس (). وقيل له: إن في هذا المكان كنزاً عظيماً، فلو فتحته أخذت منه مالاً كثيراً، فقال : الذي في أيدينا يكفينا، ودعوا هذا يفتحه الناس ويأكلونه، فهم أحقُّ به منا. ولم يتعرَّض له(). قال: واشتهر عن رجل في بلاده أنه يقول: أنا أعرف موضع كنز، ولا أقوله إلا للقان وألحَّ عليه الأمراء أن يعُلمهم – فلم يفعل، فذكروا ذلك للقان فأحضره على خيل الأولاق – يعني البريد – سريعاً، فلما حضر إلى بين يديه سأله عن الكنز فقال: إنما كنت أقول ذلك حيلة لأرى وجهك، فلما رأى تغيُّرَ كلامه غضب وقال له: قد حصل لك ما طلبت فارجع إلى موضِعك، وأمر بردَّه سالماً، ولم يُعطه شيئاً. قال الجويني وهذا غريب. قال: وأهدى له إنسان رُمَّانة فكسرها وفرّق حبَّها على الحاضرين، ثم أمر له بعدد حَبَّها بَوالَس ثم أنشد عند ذلك:


فلذلك تزدحمُ الوفود ببابه
          
    مثل ازدحام الحبَّ في الرُّمانِ
   

قال: وأمر بقتل ثلاثة قد قضت "الياسَقُ" بقتلهم، فإذا امرأة تبكي وتلطم فقال: ما هذه؟ أحضروها. فقالت : هذا ابني، وهذا أخي، وهذا زوجي : فقال: اختاري واحداً منهم حتى أُطْلقه لك. فقالت : الزوج يَجىءُ مثله، والابنُ كذلك، والأخ لا عِوَض له. فاستحسن ذلك منها، وأطلق الثلاثة لها (). قال: وكان يُحبُّ المصارعين وأهل الشَّطارةِ، وقد اجتمع عنده منهم جماعة، فذُكر له إنسان بخُراسان، فأحضره، فصرع جميع من عنده، فأكرمه وأعطاه، وأطلق له بنتاً من بنات المغول، حسناء، فمكثت عنده مدة لا يتعرَّضُ لها، فاتّفق مجيئهُا زائرة بيتَ القان، فجعل السلطان يُمازحُها، ويقول كيف رأيت المستعرب ؟ فذكرت أنه لم يَقربها فتعجبَّب من ذلك وأحضره فسَأله عن ذلك فقال : يا خُوندُ أنا إنما حظيتُ عندك بالشًّطاره، ومتى قرِبتها نقصت منزلتي عندك ()قال : ولما احتُضر أوصى أولاده بالاتفاق وضرب لهم في ذلك الأمثال، وأحضر بين يديه نُشَّاباً، ويأخذ السهم فيُعطيه الواحد منهم، فيكسُره، ثم أحضر حُزمة أخرى ودفعها مجموعة إليهم، فلم يُطيقوا كسْرَها فقال: هذا مثلكم إذا اجتمعتم واتَّفقتمُ، وذلك مثلكم إذا انفردتم، واختلفتم()، قال: وقال كان له عِدّة أولاد ذكور وإناث منهم أربعة هم عُظماءُ الأولادِ، وأكبرهم تولى، وهم تولى وباتو وبركة وتركجار، وكان كلُّ منهم له وظيفة عنده، ثم تكلمَّ الجويني على ملك ذريته إلى زمان هولاكو خان.. وذكر ما وقع في زمانه من الأوابد والأمر المزعجة ().


يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق