إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 23 أغسطس 2014

163 موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين" الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي المبحث الثاني:السياسة الأيوبية الداخلية في عهد الملك الكامل سادساً:الملك الكامل وسياسته العمرانية والحياة الاجتماعية: 2-الحياة الاجتماعية:



163


موسوعة الحروب الصليبية (4)الحملات الصليبية "الأيوبيون بعد صلاح الدين"

الفصل الثاني:عهد الملك الكامل بن العادل الأيوبي

المبحث الثاني:السياسة الأيوبية الداخلية في عهد الملك الكامل

سادساً:الملك الكامل وسياسته العمرانية والحياة الاجتماعية:

2-الحياة الاجتماعية:

حاول الملك الكامل رعاية الشعب وتقديم الخدمات إليه، غير أن ظروف الحرب التي شهدتها البلاد مدة من الزمن أثرت في حياة الأهالي السياسية والاقتصادية فازداد الفقر وكان للحرب بين الصليبيين والمسلمين من جانب، والحروب التي أقامها الكامل وأخوته، لانتزاع دمشق من الملك المعظم وابنه، ومن الملك الصالح إسماعيل، أثر كبير في استنزاف أموال الناس، وكثرة الضرائب، واستشهاد الألوف وانتشار الأمراض، وازدياد الفزع بين صفوف الأطفال والنساء وتشريد الأهالي، ولاسيما لدى تخريب مدينة تنيس وإخلائها من السكان وتخريب مدينة القدس، وقلعة الطور فضلاً عن الدمار الذي كان يصيب المدن والقرى بين الحين والآخر، نتيجة العدوان الصليبي والخوارزمي السلجوقي () وقد اتسمت الحياة الاجتماعية في عهد الملك الكامل بطابع الجد، ومناهضة الصليبيين، ذلك أن البلاد تعرضت إلى هجمات صليبية، ومخاطرها المتكررة بالإضافة إلى الحروب الداخلية التي خاضها الملك الكامل في المناطق الشرقية، ولذلك غلبت فكرة الحرب وتحصين الثغور، مما لم يترك مجالاً كبيراً للتوسع في حياة الترف، إلا أن الحياة الاجتماعية لم تكن خشنة كل الخشونة فحافظ الملك الكامل على إحياء الأعياد الدينية الإسلامية، دون إسراف أو تهتك () ، وقد اعتمد الملك الكامل على الأقليات من الأتراك والأكراد والتركمان في تسيير شؤون البلاد ()، فعانى العامة والحرفيون وصغار التجار من تسلط رجال الملك في كثير من الأحيان، واعتداءات الأعراب أحيانا على بعض المدن وقطع الطرق، واغتصاب الجند الأموال، فشنع العامة على الملك، واتهموه بالخيانة لدى تسليمه بيت المقدس عام 625ه/1228م، بل أنهم أعلنوا بصراحة وشجاعة رفضهم استمرار حكمه، وأظهروا مشاعر الحقد عليه من خلال الأغاني والأهازيج التي كانوا يرددونها في المحافل العامة ().

واشتهر الملك الكامل بعطفه على رعاياه فوزع الصدقات على الفقراء والمرضى واليتامى والأرامل والمقعدين منهم () ، وعامل الملك الكامل أهل الذمة معاملة جيدة "إذ عرف بتسامحه الديني" ()، فقد ذكر ابن عبري "إن موسى بن ميمون اليهودي الأندلسي أكره على الإسلام إلى مصر، وابتلى برجل من الأندلس يعرف بأبي العرب وصل إلى مصر، فرامى إيذاءه فمنعه القاضي الفاضل وقال له: رجل لا يصح إسلامه شرعاً إذا أكره () ، واحتل العنصر القبطي مكانة مرموقة في الدولة، فقد أسلمت أسر قبطية، وبرع أفرادها في ميادين شتى، ونبغ الكثير منهم، وعملوا في الدواوين لكفاءتهم وكان معظم الأطباء لدى السلاطين من اليهود والنصارى، وشغل بعضهم المناصب المالية في الدولة، وكانت الكنيسة القبطية تعد الملك الكامل من أكثر الملوك إحساناً إلى أبنائها ()وقد أثرت هذه الأوضاع في العامة، وبرزت الظواهر التالية.

أ- ظاهرة الغلاء والأوبئة والمجاعات : تعد الحياة الاقتصادية في أي مجتمع إنساني أكثر تأثراً بالوضع السائد في المجتمع، إذ يرتبط الاستقرار الاقتصادي طردياً بالإزدهار السياسي في المجتمع، وتعد الأزمات السياسية الحروب سبباً في حدوث الاضطراب الاقتصادي وارتفاع الأسعار، والتهافت على شراء الأقوات، وكان الغلاء من أكثر الظواهر الاقتصادية إضراراً بالعامة، فعانى الناس من الجوع والمرض، فقد انخفضت مياه النيل في عامي 1200م/1201م وانتشرت المجاعة والأمراض وهجر كثير من الناس مصر إلى أقطار أخرى بحثاً عن الطعام () ويمكن أن نعزو أسباب الغلاء وإرتفاع الأسعار إلى عاملين رئيسين:
- يعتبر منسوب مياه النيل العامل الأول: إذ أن هبوط النيل أو زيادته على المنسوب العادي للفيضان في فصل الصيف يمثل خطراً حقيقياً على الحياة المصرية آنذاك، إذ لم يعتمد الأهالي خزن المياه الزائدة في سدود لاستخدامها في وقت التحاريق لذلك كان السكان يخشون الفيضان ويعدونه كارثة عليهم، إذا أن النيل هو مصدر المياه الوحيد في مصر تقريباً، فإذا قصر الوفاء فإن وقت الزراعة، وإذا زاد على حده العادي أغرق الحقول، وجعلها غير صالحة للزراعة، وعندما تقل مياه النهر عن الحد اللازم للزراعة تنتاب الناس مخاوف من حدوث المجاعة، ويكثر قلقهم، خوفاً من الجوع لعدم زراعة المحاصيل، لذلك كان السكان يسارعون لتخزين الغلال طمعاً في الحصول على مزيد في الأرباح من طريق رفع الأسعار ونتيجة لذلك يشتد الإقبال على شراء الغلال، بينما يقل المطروح منها في الأسواق ويشتد التزاحم على حوانيت الغلال، والأفران، مما يؤدي إلى إرتفاع الأسعار في البضائع المختلفة سواء المأكولات أو المشروبات أو الملبوسات ().

- ويتمثل هذا العامل بسياسة الدولة الاقتصادية المرتبطة بطبيعة النظام الإقطاعي ذي الطابع العسكري، فأصحاب الإقطاعات من قادة وأمراء جند لم يعيروا اهتماماً كبيراً لاستصلاح أراضيهم وجعلها أكثر مردوداً بسبب عدم استقرار هذه الإقطاعات في أيديهم () ، وقد ذكر المقريزي: أنه كان لأسرة بني خيار بقرة فذبحوها، وباعوها أثناء حصار دمياط عام 615ه/1218م بثمانمائة دينار () ، وأن سعر رطل السكر ارتفع إلى 450ديناراً والدجاجة إلى 30ديناراً وأن الجوع انتشر بشكل كبير إلى درجة إحدى السيدات المحسنات شقت جوف جمل، وملأته بالدجاج والفواكه وخاطته، ورمته في البحر، وكتبت بذلك إلى أهل دمياط ليوزعوا ما فيه إلى المحتاجين () وكان الغلاء في مصر عام 633ه/1236م شديداً لنقص مياه النيل، فخرج العامة، وأئمة المساجد لتأدية صلاة الاستسقاء فأكل الناس الكلاب والقطط وانتشر المرض، واستمر حوالي ثلاثة أشهر، فمات خلق كثير تجاوز الحد، وقدره المقريزي بحوالي 12ألف نفس في القاهرة، عدا من مات في الريف () ، وقدره ابن تغري، بردي بحوالي ثلاثين ألفا ().

ب- السخرة: استخدم الملك الكامل الناس للعمل دون أجر لبناء الجسور العامة والسدود والعمل في الإقطاعات، والمرافق العامة التي تظهر فائدتها في السكان().

ج- الرشوة: انتشرت بين بعض كبار المسؤولين، وليس أدل على ذلك من قول المقريزي : تقدم الأنبـاء كيرلس داود بن لقـلق بطرك الإسكندرية بالرشوة، وأنه أخذ الشرطونية عام 633ه/1235م () .

د- المصادرة والظلم الاجتماعي: انتشرت المصادرة والظلم الاجتماعي في عهد الملك الكامل، فقد كثرت مصادرة الوزير الصاحب صفي الدين بن شكر أرباب الأموال بمصر والقاهرة من التجار، والكتاب، وكان يفرض على الناس التبرع بأملاكهم، وأحدث ابن شكر حوادث كثيرة، وحصل مالاً جماً وقد وصف بأنه كان جباراً أفقر، خلقاً كثيراً عاتياً بتقدمه الأراذل وتأخر الأماثل وكان الملك الكامل فيه جبروت ويحب تحصيل المال وجمعه والسيطرة ()، وقبض الملك الكامل على الناصر قلّج أرسلان عام 630ه/1232م واعتقله في قلعة الجبل حتى مات، وكان الناصر حاكم حماه فانتزعها الملك الكامل منه () ، وسلمها إلى الملك المظفر محمود بن المنصور زوج ابنته غازية خاتون وعوضه بقلعة بارين، ومالبث أن انتزع الملك المظفر هذه القلعة منه، فذهب إلى مصر يشكو أمره للملك الكامل فقبض عليه ().

ه - سرقة الأموال العامة: تفشت السرقة والإهمال في بعض دواوين الدولة، ولاسيما المواد الغذائية التي يعتمـد عليها أبنـاء الشعب، فقد نهب ناظر ديوان الأهراء حوالي أحد عشر ألف أردب من القمح () ومع تسلط الملك الكامل وجبروته، فإنه لم يكن منعزلاً عن شعبه تماماً، وإنما كان يحاول مساعدة الشعب، ومشاركته في كثير من الأمور ومن ذلك :
- مشاركة الملك الكامل في صلوات الاستسقاء التي كانت تؤدى بين الحين والآخر، كلما قلت مياه النيل وصلاة العيد و...
- إبطال بعض الضرائب عند انتشار المجاعات.
- توزيع الصدقات والزكوات على الفقراء ولاسيما في رمضان.
- مصادرة أموال بعض المسؤولين الذين أساؤوا استخدام الوظيفة، وقبلوا الرشوة، أو سرقوا من الدواوين ().



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق